ترجمة.. استعراض أمريكي "فاشل" في اليمن "ينجح" في قتل الرهينتين وخدمة القاعدة

انقلبت عملية تحرير الرهائن من يد القاعدة في اليمن، التي أرادتها الولايات المتحدة عملية استعراضية ذات عائد إعلامي، إلى "دراما" يتجاوز أثرها مجرد ما ستجنيه صنعاء وواشنطن من انتقادات إلى "الدعاية" المضادة لمصلحة التنظيم المتشدد.

فقد نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، تقريراً مفصلاً لعملية الإنقاذ التي تمت قبل أيام، للإفراج عن مواطنين غربيين احتجزهم تنظيم القاعدة في اليمن تحت عنوان "عملية تحرير الرهائن.. فشل أكبر من النجاح"، وأشارت أن زوجة بيير كوركي، قالت إن الخاطفين كانوا على وشك إطلاق سراحه قبيل محاولة تحريره الفاشلة. مضيفةً، أن الجنود الذين شاركوا في العملية لم يكونوا يعرفون أصلاً أن "كوركي" مخطوف بصحبة لوك سومرز. كما إن عملية تحرير الرهائن الناجحة عادة ما يتم الإعلان عنها، وتأليف الكتب عما جرى فيها وربما بعد ذلك صنعت أفلام لتمجيدها، لكن مقابل هذه العمليات الناجحة، هناك عمليات أخرى فاشلة.

كما اتهمت الصحيفة البريطانية، الولايات المتحدة الأمريكية بالفشل في عملياتها لتحرير الرهائن في اليمن، والتي أدت إلى مقتل الرهينتين، المصور الصحفي البريطاني الأمريكي لوك سومرز، والمعلم الجنوب إفريقي بيير كوركي، وقالت إن "العملية كانت فاشلة". وطالبت واشنطن بمراجعة خطط عملياتها قبل الإقدام على تحرير الرهائن.

فيما قال وزير الدفاع الأمريكي المستقيل، تشاك هيغل: إن الولايات المتحدة لن تراجع سياسة تحرير الرهائن الأمريكيين الذين يحتجزهم متشددون. ودافع "هيغل" عن محاولة إنقاذ الرهائن، وقال إنها غارات مخاطرة، ولكن ليس هناك حاجة لمراجعة السياسة المتبعة.

واعتبرت "الإندبندنت"، أن قتل كل من المصور الصحفي البريطاني الأمريكي لوك سومرز، والمعلم الجنوب إفريقي بيير كوركي، خلال محاولة إنقاذهما في جنوب اليمن، يؤكد أن هذه العملية كانت فاشلة. وأضافت، أن هذا الفشل لا ينبغي أن يفاجئ أحداً؛ لأن هذه العمليات تتسم بالصعوبة الشديدة والتعقيد المذهل، خاصة إذا كان الخاطفون يتمتعون بالتنظيم والتدريب والمهارات العالية، وهو ما يعطيهم السبق في تنفيذ إرادتهم على القوات المهاجمة.

وأوضحت، أنه بالرغم من ذلك، ثارت التساؤلات حول جدوى تنفيذ العملية الأخيرة، خاصة مع تأكيدات زوجة كوركي أن الخاطفين كانوا يجهزون لإطلاق سراحه، وأنها كانت تبحث عن طائرة لنقله إلى الوطن، موضحة أنها تعرضت لصدمة شديدة عندما علمت بمحاولة الإنقاذ التي أسفرت عن مقتله.

ونقل عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية قوله، إن "الفرقة الخاصة التي قامت بمحاولة تحرير لوك سومرز، لم تكن تعلم أن "كوركي" محتجز معه في نفس المكان، وهو ما دفع إلى اتخاذ قرار الاقتحام".

في سياق متصل، علقت صحف عربية وأجنبية، أن محاولة - تحرير الرهائن - الفاشلة، من يد تنظيم القاعدة في اليمن جلب حرجاً بالغاً للسلطات الأميركية كما اليمنية كلّ من زاويته.

فمن الجانب الأميركي تم توجيه اللّوم لإدارة أوباما وتحميلها مسؤولية إزهاق روح المصور الصحفي لوك سومرز، كما تم اتهامها بالفشل في تحقيق عائد إعلامي ودعائي من خلال تنفيذ "عملية بطولية على الطريقة الهوليودية" في آخر أيام المهلة التي منحها التنظيم المتشدد قبل إعدام الرهينة.

ومن الجانب اليمني، وضعت العملية الفاشلة السلطات اليمنية من قبل منتقديها في موضع من يفتح أراضي البلاد للتدخل العسكري الأجنبي المباشر دون قيد أو شرط.

وحمل هؤلاء الحكومة مسؤولية ما ينتج عن مثل هذه العمليات من دعم غير مباشر لصفوف التنظيم المتطرف، خصوصاً بعد أن أعلن قرابة 30 شاباً من شباب قبيلة الدغار، التي تنتمي إلى قبيلة العوالق اليمنية، وهي واحدة من أكبر القبائل في شبوة جنوب العاصمة صنعاء، انضمامهم إلى تنظيم القاعدة، رداً على ما قامت به القوات الأميركية، صباح السبت، من عملية إنزال جوي في عملية إنقاذ فاشلة لتحرير سومرز.

من جانبها، نقلت صحيفة "التايمز" البريطانية، عن أسرة سومرز، أن سومرز كان يمكن أن يؤيد المناقشات المستمرة بشأن إطلاق سراحه، وليس الطريقة، و"كانت هناك تهديدات قبل ذلك، لم تنفذ"، وأن والده – مايكل - كان غاضباً جداً؛ لأنه لو لم تكن هناك محاولة إنقاذ، لكان ابنه لا يزال حياً اليوم.

وكانت القوات الأمريكية الخاصة سعت إلى إنقاذ سومرز في نوفمبر، وحاولت أيضاً تحرير الصحفي الأمريكي في سوريا جيمس فولي، قبل أسابيع من قتل تنظيم الدولة الإسلامية له في أغسطس، ووصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قتل سومرز بأنه عمل "بربري ووحشي"، وقال إنه "أعطى أوامر بتنفيذ عملية إنقاذه بعد ورود معلومات تشير إلى وجود خطر داهم على حياة لوك". وكان البيت الأبيض قد قال الشهر الماضي: إن “الرئيس أوباما طلب مراجعة شاملة لسياسة الولايات المتحدة في تحرير الرهائن الأمريكيين.. لكنه قال، إنه لا يزال يعارض دفع أية فدية".

لكن وزير دفاعه المستقيل هيغل، قال إنه "لا توجد حاجة لمراجعة السياسة لأن هذه السياسة شاملة بالقدر المطلوب".

وتساءل هيغل، أمام الصحفيين خلال رحلة إلى أفغانستان عن تلك السياسة قائلاً: "هل هي معيبة؟ نعم. هل هناك خطر؟ نعم. لكن، لدينا أمريكي يحتجز رهينة، وحياة أمريكي عرضة للخطر".

لكن مسؤولاً أمريكيًا أكد لـ"BBC"، أن القوات الأمريكية الخاصة لم تكن تعرف هوية الرهينة الآخر المحتجز مع سومرز قبل شن الغارة".

فيما قالت هيئة "هبة المانحين" الخيرية التي كانت تعمل مع كوركي: إن "المدرس الجنوب إفريقي كان يتوقع إطلاق سراحه قبل يوم واحد من شن الغارة". وأكد أنس حماتي، مدير الهيئة الخيرية، أن وسطاء كانوا يعملون على ترتيبات للإفراج عنه، لكن محاولة الإنقاذ الأمريكية قضت على كل شيء.

من جانب آخر، قال مسؤول أمريكي، الأحد 7 ديسمبر/ كانون الأول: إن نباح كلب قد يكون السبب في تنبيه حراس تنظيم القاعدة إلى اقتراب قوات خاصة أمريكية من مكان المختطفين في اليمن، حسب ما أوردته وكالة رويترز.

وتشير المصادر، إلى أن نباح الكلب أدى إلى اندلاع إطلاق نار كثيف باتجاه القوات الأمريكية القريبة من المكان.

وقال مسؤولون أمريكيون: إن "الرجلين ربما تعرضا للرصاص من الجانب الأمريكي، بناءً على المكان الذي كانا يحتجزان فيه، وقد استمرت الغارة الأمريكية نحو 30 دقيقة".

وكان سومرز قد خطف خارج مركز للتسوق في العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2013 حيث كان يعمل صحفياً ومصوراً لمراكز صحفية محلية، وكانت تقاريره تبث عبر منافذ دولية. أما كوركي، فقد خطف مع زوجته يولاند في مايو العام الماضي في مدينة تعز اليمنية، وأفرج عن الزوجة في 10 يناير بدون فدية، ثم عادت بعدها إلى جنوب إفريقيا.