"فدية مخزية".. كيف أفرجت بلجيكا عن "الدبلوماسي الإرهابي" أسد الله أسدي؟

غضب عارم في أوساط المعارضة الإيرانية بعد إعلان السلطات البلجيكية الإفراج عن الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي الذي دانته محكمة بلجيكية بتهمة التخطيط لاعتداء، وهو أمر سيشجع طهران على تنفيذ المزيد من عمليات الاستهداف ضد مواطنيها في المنفى، وفقا لمعارضين.

وجاءت الخطوة بعد وساطة عمانية وجرى خلالها إفراج إيران عن عامل إغاثة بلجيكي يدعى أوليفييه فانديكاستيل، مقابل إطلاق بلجيكا سراح أسد الله أسدي الذي حكم عليه بالسجن 20 عاما قبل نحو عامين، بعد إدانته بـ"محاولات اغتيال إرهابية" بتهمة التخطيط لاستهداف اجتماع للمعارضة الإيرانية في فرنسا عام 2018.

بالمقابل كانت إيران قد أوقفت عامل الإغاثة البلجيكي في 24 فبراير في طهران، ثمّ حُكم عليه بالسجن 40 عاما بتهمة "التجسس".

واتهم "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" بلجيكا بدفع ما وصفها "فدية مخزية" خلال عملية تبادل المحكومين بين طهران وبروكسل.

وقال المجلس ومقره باريس في بيان نشره على موقعه الرسمي إن "الإفراج عن الإرهابي (...) فدية مخزية للإرهاب واحتجاز الرهائن"، معتبرا أن ذلك "سيشجع الفاشية الدينية الحاكمة في إيران على مواصلة جرائمها".

ثغرة قانونية

في خطوة مهدت الطريق للإفراج عن أسد الله أسدي، كانت المحكمة العليا في بلجيكا أعلنت في بيان الشهر الماضي أنها "رفضت دعوى الطعن" التي رفعها معارضون إيرانيون في المنفى ضد القانون البلجيكي الصادر في يوليو 2022 وينص على نقل محكومين.

لكنها حذرت من أنه في حالة النقل الفعلي لمدان إيراني إلى بلده الأصلي، يجب على الحكومة البلجيكية أن تسمح بأن يكون القرار قابلا للطعن أمام القضاء.

وأوضحت المحكمة أن "الحكومة، عندما تتخذ قرار نقل، عليها إبلاغ الضحايا بأفعال المدان المعني حتى يتسنى لهم مراجعة شرعيتها بشكل فعال من قبل المحكمة الابتدائية". 

أثار اتفاق "نقل أشخاص محكومين" المبرم بين بروكسل وطهران الجدل منذ الإعلان عنه الصيف الماضي، واعتبرته الحكومة البلجيكية وسيلة للإفراج عن فانديكاستيل.

في ديسمبر 2022، حكمت المحكمة الدستورية لصالح المعارضين الإيرانيين و "علقت" الاتفاق الإيراني البلجيكي.

وتواصلت تعبئة أقارب فانديكاستيل خلال الأشهر الماضية بعد أن أعلنت السلطات الإيرانية إدانته.

تقول الباحثة والناشطة الحقوقية الإيرانية منى سيلاوي إن طهران وبروكسل استغلتا "فجوة قانونية" سمحت بأرسال "الدبلوماسي الإرهابي" لبلده الأم.

وتضيف لموقع "الحرة" أن "العملية جرت بمساعدة من البرلمان البلجيكي، حيث استغلوا فجوة قانونية ضمن حقوق المسجونين تشير إلى أن المسجون يمكن أن يقضي باقي فترة حكمه في بلده الأصلي لأسباب إنسانية".

وتؤكد سيلاوي، المقيمة في بلجيكا، أن "هذا البند استخدم كثيرا في السابق وخاصة فيما يتعلق بالمدانين من دول المغرب العربي أو إفريقيا".

وتبين أن "إيران استغلت نفس البند، لكننا نعرف أن أسدي سيرجع لبلده ويتم استقباله كالأبطال، ولن يقضي أي فترة في السجن".

خلال جلسة محاكمة أسد الله أسدي، أكد الادعاء العام أن خطته كانت تقضي بتنفيذ هجوم بقنبلة في 30 يونيو 2018 في فيلبينت بالقرب من باريس، ضدّ التجمع السنوي الكبير للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وهو ائتلاف من المعارضين لنظام طهران ومكونه الرئيسي هو منظمة مجاهدي خلق.

في ذات اليوم أعلنت الشرطة البلجيكية توقيف زوجين بلجيكيين من أصل إيراني هما نسيمه نعمي (37 عاما) وزوجها أمير سعدوني (42 عاما) يعيشان في أنتويرب بالقرب من بروكسل وبحوزتهما 500 غرام من المتفجرات وصاعق في سيارتهما. 

وسرعان ما كشف التحقيق الذي فتحته محكمة مكافحة الإرهاب البلجيكية صلتهما بومهرداد عارفاني (58 عاما) الذي وُصف بأنه عميل استخبارات إيراني يعمل من بلجيكا وكان أوقف في نفس اليوم في فيلبينت. 

بحسب محكمة الاستئناف كان عارفاني مسؤولا عن توجيه المكلّفين بوضع القنبلة بناء على تعليمات المنسق. 

لحظت محكمة الاستئناف في قرارها دور الشركاء الثلاثة و"مشاركتهم الفعالة" إلى جانب أسدي في "القسم 312 بوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية" الذي أمر بالعملية.

"المزيد من الهجمات"

ويرى الباحث في الشأن الإيراني حسن راضي الأحوازي أن خطوة بلجيكا إطلاق سراح الدبلوماسي أسدي "دليل على خضوع المجتمع الدولي وخاصة أوروبا وتساهلهم مع الإرهاب الإيراني".

ويبين الأحوازي لموقع "الحرة" أن "ما جرى سيشجع النظام على شن المزيد من العمليات الإرهابية ضد المعارضين من دون رادع".

ويشير إلى أنه "حتى لو تم اعتقال منفذي الهجمات، فالنظام يستطيع استرجاعه بكل سهولة، عبر ممارسة عمليات الابتزاز والخطف والاعتقال لمواطنين من دول أوروبية واحتجازهم كرهائن."

ويشدد أن الإفراج عن أسدي يعد "سابقة خطيرة للمجتمع الدولي"، مضيفا أن "الشخص مدان من قبل القضاء واعتقل هو ومجموعته وبحوزتهم متفجرات، ومخططهم كان واضحا ومرصودا".

ويرى الأحوازي أن "ما جرى يعد تهديدا خطيرا للأمن والسلم الدوليين بالدرجة الأولى، وتهديد لحياة المواطنين الإيرانيين في المنفى".

ويرجح الأحوازي أن تشجع خطوة الإفراج عن أسدي النظام الإيراني على الاستمرار في تنفيذ عمليات الاغتيال التي تستهدف الناشطين والمعارضين من دون أي رادع".