لتمويل الحوثيين.. السلع الاستهلاكية الإيرانية تغرق الأسواق اليمنية

تغرق السوق في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي بالسلع بمختلف أنواعها إيرانية المنشأ، في وقت عملت فيه المليشيات لابتلاع الوكالات التجارية ومحاربة الشركات الوطنية الإنتاجية لتغيير خارطة السلع الاستهلاكية في الأسواق.

وتمتلئ الأسواق المحلية بالمنتجات الزراعية المستوردة، خصوصاً الفواكه، في تناقض كبير مع حديث عصابة الحوثي عن تشجيع المنتجات الزراعية المحلية وعن دعم المزارعين اليمنيين في زراعة مختلف المزروعات بما فيها الحبوب، للحد من الاعتماد على المنتجات المستوردة من الخارج.

ويشتكي البعض من رداءة السلع الإيرانية المطروحة وقلة الخيارات في السوق. وعبّر آخرون عن قلقهم من استخدام اليمن كمكبّ للسلع الإيرانية ومصدر دخل لإيران.

ومنذ سيطرتها على صنعاء بقوة السلاح، عمدت المليشيات الحوثية الإرهابية إلى السيطرة على الوكلات التجارية، وعدم منح ملاك بعضها تراخيص استيراد، ووضع الصعوبات والعراقيل أمام الآخرين في الحصول على التمويلات اللازمة لتسديد فواتير الاستيراد.

وفي وقت أنشأت فيه المليشيات الحوثية أكثر من ألف شركة تبع قيادات حوثية، وأخرى تابعة للجماعة وبإشراف صالح مسفر الشاعر، الذي يدير أموال الجماعة وعبدالملك الحوثي، فإنها كذلك عمدت إلى محاربة التجار المنافسين المحتملين.

واستغلت المليشيات السلطات والنفوذ الذي تتمتع به لمنح الشركات الحوثية أفضلية فرص الاستيراد وتسهيلات ائتمانية، وإعفاءات جمركية وضريبية، ما مكن هذه الشركات من السيطرة على الأسواق وإغراقها بسلع إيرانية وأخرى مجهولة المنشأ، فيما فرضت على التجار الآخرين رسوماً جمركية وضريبية مضاعفة، وزادت من الجبايات والإتاوات المحصلة منهم، كما فرضت عليهم دفع جبايات موسمية بدون أي سبب.

وهددت المليشيات من يرفض دفع الجبايات بالسجن أو تجميد الأنشطة مما جعل بيئة الأعمال بالنسبة لرأس المال الوطني صعبة ومعقدة للغاية وبالتالي اضطرت هذه الشركات إلى تقليص أنشطتها وتواجدها في السوق مما أتاح فرصة جديدة أمام الشركات الحوثية لملء الفراغ.

ولتأكيد أن الهدف يتعدى الجبايات والإتاوات ليمتد إلى تدمير رأس المال الوطني، والسيطرة الكاملة على هيكل السلع الاستهلاكية، رفضت المليشيات الحوثية منح أكثر من 120 شاحنة محملة بالسلع الغذائية تراخيص الدخول إلى المدن الواقعة تحت سيطرتها رغم دفع سائقي تلك الشاحنات للإتاوات التي فرضتها نقاط التفتيش الحوثية.

وفي أبسط صورة لكيفية سيطرة الحوثي على هيكل السلع الاستهلاكية في الأسواق، صادرت المليشيات الحوثية أكثر من 12 طنا من التفاح المستورد لتاجر لا يتبعها، في وقت تمتلئ الأسواق بالتفاح الإيراني المستورد من شركات حوثية.

وقبل أيام منعت المليشيات الحوثية قاطرات نقل الغاز المنزلي من تحميل الغاز المحلي من محطة التسييل في صافر بمحافظة مارب ونقله إلى مناطق الحوثي، رغم أن أسعاره تقل بكثير عن أسعار الغاز المستورد، والذي تستورده شركات حوثية.

وشملت قائمة السلع الإيرانية التي غزت الأسواق؛ السلع الغذائية والأدوية والمنتجات الزراعية، حيث منحت هيئة الأدوية الحوثية منح تصاريح استيراد الأدوية من إيران وترفض منح تصاريح الاستيراد لأصناف مشابهة وذات جودة عالمية رغم أنها كانت متوافرة في الأسواق لمدة سنوات طويلة.

كما شملت قائمة السلع الإيرانية الزراعية الزبيب والمكسرات، إضافة إلى السجاد الإيراني والذي أصبح منتشراً بشكل كبير في اليمن، إضافة إلى بعض أنواع من زيوت السيارات والزيوت المستخدمة للطبخ، والتونة والصلصة والبقوليات، والعصائر السائلة والبودرة، وغيرها من النكهات والشيكولاته، وأصناف أخرى في جميع مجالات الاستخدام.

وتهدف السيطرة الحوثية على هيكل السلع المستوردة وإغراق الأسواق بالسلع الإيرانية خصوصاً لتسهيل حصول المليشيات على الأموال الإيرانية، كون هذه السلع المستوردة تحصل عليها المليشيات غالباً كمعونات من قبل مؤسسات إيرانية وعدم تحصيل قيمتها بالعملة الصعبة، في مقابل بيعها للمواطن في الداخل اليمني بأسعار مضاعفة تفوق قيمة السلع ذات الجودة المرتفعة.