ترجمة| خمس أكاذيب تحكيها واشنطن لنفسها عن الشرق الأوسط

هناك خمسة أوهام هي حجر الأساس الذي يبقي أمريكا غارقة في الشرق الأوسط، على حسابنا جميعا، وهذه الأوهام هي:

- وجود القوات الأمريكية في العالم الإسلامي يساهم في استقرار المنطقة ويعزز النفوذ الأمريكي.

- الخليج العربي يشكل مصلحة أمن قومي حيوية للولايات المتحدة.

- قيمة مصر والمملكة العربية السعودية كحلفاء للولايات المتحدة.

- المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

- الإرهاب يشكل تهديداً وجودياً يجب على الولايات المتحدة هزيمته.

لعقود، شكلت الأربعة الأولى من هذه التأكيدات، سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. أحداث 9/11 أضافت الخامسة. في كل من هذه الأمور، أي مسؤول أمريكي كبير (أو أي شخص يطمح إلى منصب النفوذ) سوف يجرؤ ويقول خلاف ذلك، على الأقل ليس في السجلات.

دعونا نتفحص كل هذه الأمور الخمسة:

1- وجود القوات الأمريكية في العالم الإسلامي يساهم في استقرار المنطقة ويعزز النفوذ الأمريكي:

منذ التدخل الأمريكي في لبنان، والذي بلغ ذروته في تفجير بيروت في أكتوبر عام 1983، نادراً ما ساهم إدخال القوات الأمريكية إلى البلدان ذات الأغلبية المسلمة في تحقيق الاستقرار هناك، وفي أكثر من بضع مناسبات أنتج هذا التدخل الأثر المعاكس تماماً.

العراق وأفغانستان هما أمثلة حزينة. والكتاب الجديد بعنوان: “لماذا خسرنا” من قبل الفريق المتقاعد، دانيال بولغر، يجعل من الممكن، أخيراً، أن يتم الإعلان عن تلك الحروب على أنها إخفاقات داخل الدوائر الرسمية.

وحتى إذا ما افترضنا، جدلاً، أن جهود الولايات المتحدة في تلك الحروب كانت نقية ومشرفة، كما صورها الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون، فإن نتائجها لا تزال مدمرة أكثر منها بناءة. المتشددون في “الدولة الإسلامية” يعصفون بالعراق، بينما نجد نظراءهم يرفعون من إنتاج الأفيون الذي ابتليت به أفغانستان. هل هذه دلائل استقرار؟

وهذه ليست الأمثلة الوحيدة. تمركز القوات الأمريكية في المملكة العربية السعودية بعد عملية عاصفة الصحراء، كان من المفترض أن يكون له تأثير يبعث على الاطمئنان.. لكن، وبدلاً من ذلك، أنتج كارثة تفجير أبراج الخبر.

كما أن إرسال القوات إلى الصومال في عام 1992 كان من المفترض أن يظهر الاهتمام الإنساني الأمريكي بالفقراء والجائعين المسلمين.. إلا أنه، وبدلاً من ذلك، بلغت الحرب ذروتها في مقديشو، في معركة محرجة حصلت على لقب بلاك هوك داون، وحكمت بالفشل على تلك المهمة.

ورغم كل ذلك، ما زال التظاهر مستمراً بأن إرسال الجنود الأمريكيين إلى بعض النقاط الساخنة في الشرق الأوسط، سيجلب الهدوء إلى المياه العكرة. أما الحقيقة الأكثر دقة بكثير، فهي أن هذا يوفر لخصومنا بيئة غنية من الأهداف الأمريكية التي يستطيعون الوصول إليها بسهولة أكبر.

2- الخليج العربي يشكل مصلحة أمن قومي حيوية للولايات المتحدة:

على الرغم من أن مصالح الولايات المتحدة في الخليج، استحقت ذات مرة وصفها بأنها حيوية، إلا أن الصورة المتغيرة لخريطة الطاقة العالمية جعلت من هذا الرأي رأياً عفا عليه الزمن.

التكنولوجيا الجديدة جعلت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم. والولايات المتحدة هي، أيضاً، أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم. وبالتالي، فإن الاعتماد على الطاقة والمصالح الحيوية التي ألهمت جيمي كارتر، أن يعلن في عام 1980 أن الخليج يستحق القتال من أجله لم تعد مهمة الآن.

ولا يزال الوصول إلى نفط الخليج أمراً في غاية الأهمية لبعض الدول، ولكن بالتأكيد ليس بالنسبة للولايات المتحدة.

وبدلاً من القلق حول إنتاج النفط العراقي، سيكون من الأفضل لو قامت واشنطن بضمان سلامة ورفاهية كندا، من خلال الإمدادات الوفيرة من النفط الصخري. وإذا وجد العسكريون في أي وقت أن حاجة الولايات المتحدة لزيادة احتياطيات النفط أصبحت أمراً لا يمكن مقاومته، فسيكون من الأفضل غزو فنزويلا بدلاً من افتعال حرب مع إيران.

- هل يحتاج الخليج إلى حماية من الخارج؟ حتى لو كان الأمر كذلك، دعونا نتطوع للصين للقيام بهذه المهمة، وهي سوف تبقيهم بعيداً عن أي أذى.

3- قيمة مصر والمملكة العربية السعودية كحلفاء للولايات المتحدة:

لقد حان الوقت لإعادة تصنيف علاقة الولايات المتحدة مع كل من مصر والمملكة العربية السعودية. تصنيف هاتين الدولتين العربيتين الهامتين باسم "حلفاء" هو تصنيف مضلل بالتأكيد. حيث ان ولا واحدة من هاتين الدولتين تتشارك مع واشنطن في القيم ذات الأهمية الكبرى لأمريكا.

على مدى عقود، عززت المملكة العربية السعودية، وهي أقرب معادل على كوكب الأرض إلى الملكية المطلقة، التطرف الجهادي المعادي للغرب. والأرقام ذات الصلة بها تشير إلى أن 15 من أصل 19 ممن قاموا بهجمات التاسع من أيلول عام 2001 هم من أصل سعودي. لو نجحت مؤامرة تتكون بالكامل تقريباً من الروس في قتل عدة آلاف من الأمريكيين، هل كانت السلطات الأمريكية ستدع الكرملين يمر بسلام؟ هل كانت العلاقات الأمريكية الروسية ستستمر دون أي تغيير؟

4- المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل:

الولايات المتحدة وإسرائيل تشتركان في بضعة مصالح مشتركة، ولكن الالتزام بحل الدولتين للمشكلة الفلسطينية ليس من بين هذه المصالح، حيث انه وفي هذه المسألة تتباعد أهداف واشنطن وتل أبيب بشكل واسع وليس هناك أي طريقة للتوفيق بين هذه الأهداف. “عملية السلام” هي خيال، وإنه لأمر مهين أن تستمر الولايات المتحدة في التظاهر بخلاف ذلك.

5- الإرهاب يشكل تهديداً وجودياً يجب على الولايات المتحدة هزيمته:

مثل الجريمة والأمراض المعدية، الإرهاب سوف يكون دائماً معنا. والحكمة تكمن في تحقيق التوازن بين التهديد الحقيقي للإرهاب والجهود المبذولة فعلاً للتعامل مع هذا التهديد. لا يجب توقع أن معدل الجريمة سيصبح صفراً في المدن الأمريكية، كما لا يجب توقع أن كل الناس سوف يتمتعون بصحة مثالية طوال الوقت. المعيار الذي يجب السعي للحصول عليه بما يخص كل هذه المشاكل هو "مقبول".

إن الإرهاب يهدد الأمريكيين بلا شك، وخاصة عندما يقومون بالمغامرة في الشرق الأوسط، ولكن التطلعات إلى القضاء على الإرهاب تنتمي إلى نفس فئة حملات إنهاء الأمية أو التشرد: إنه من الجيد أن نضع هدفاً عالياً لمثل هذه الحملات، ولكن لا ينبغي أن نندهش عندما يكون هناك إخفاقات في تحقيق النتائج المرجوة.

القضاء على الإرهاب، وهمٌ لن يحدث. وينبغي على القادة المدنيين والعسكريين في الولايات المتحدة أن يكونوا صادقين بما يكفي لكي يعترفوا بهذا.