السلام في اليمن بين إصرار الحوثي على الحق الإلهي وإصرار شرعية التحالف على الارتزاق

* عادل الشجاع
 
كان سؤالا بريئا من أحدهم ، كيف سيتحقق السلام والأطراف التي أوقعتنا في الحرب ما زالت نفسها ؟ كيف ننتظر أن يخرج البلد من مأزقه وعصابة الحوثي تقسم اليمنيين إلى قسمين ، قسم هم سادته وقسم آخر عبيد ، وهي تفرض كل يوم قانونا يخصها ، حتى أضحت وجبة الغداء جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن خلف سابع شمس ، كما قال أحدهم لذلك الشاب الذي تم اعتقاله لمجرد أنه فكر بتناول وجبة الغداء ، كما أن المطالبة بالمرتب أصبحت طريقا لتمكين العدو ، كما قال حسين العزي ، وبالتالي يجب طلاقه .
وفي الضفة الأخرى ، أطل علينا رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي ، وأطربنا بخطاب طويل سرد فيه منجزات المجلس بعد 333 يوما وكال الشتائم للحوثيين وتوعدهم بعبارات جوفاء وأكد تلاحم مجلس القيادة ، ونسي أنه يخاطب هيئة المصالحة المنعقدة في عدن من الرياض ، وأنه غير قادر على العودة إلى سجن المعاشيق .
هيئة المصالحة التي لم يتصالح فيها أحد ، خرجت ببيان تؤكد فيه على وحدة الهدف ، لكنها في حقيقة الأمر ليست مؤمنة بما ورد في البيان وما قيل كان مجرد إملاء عليها ، لكي تخدر اليمنيين بمزيد من حرف البوصلة عن القضية الأهم في اليمن وهي الدولة ومصادرتها على يد إيران والسعودية والإمارات .
لم يتجرأ رشاد العليمي بمصارحة السعودية والإمارات بحقيقة تواطؤهم بتسهيل وصول تلك التراسنة من الأسلحة للحوثيين خلال سنوات الحرب ، ولم يستطع مصارحتهم بأن السلام مع الحوثي غير ممكن في ظل انقسام داخل مجلسه وفي ظل حكومة تغرق في الفساد ، حكومة باعت كل شيء على الأرض ، ولما لم تجد ما تبيعه فرغت نفسها لملاحقة من يكشف عن تسرب الفساد في بنيتها .
لن يكون هناك سلام مع عصابة الحوثي ، مالم يعد مارد الثورة لإطلاق القذيفة الأولى نحو صدر هذه العصابة الإرهابية ، ولن يتحقق السلام في ظل وجود مجلس قيادة وهمي يتقاسم شرعية اليمنيين مناطقيا ، يعمل صباح مساء للقضاء على مؤسستي الجيش والأمن ، لا يوجد وزير دفاع في العالم بدون جيش إلا في اليمن ، ولا يوجد وزير داخلية في العالم بدون أجهزة وقوات أمنية إلا في اليمن .
لم يعد ينطلي على المواطن اليمني أهداف السعودية في اليمن ، فقد اتضح أنها أنفقت مئات المليارات من الدولارات على هدفين لم يتحققا في اليمن ، هما إنهاء إنقلاب الحوثيين وإعادة الشرعية ، قد تعتقد السعودية أنها حققت أهدافها في تدمير الدولة اليمنية وتدمير الديمقراطية ، لكنها لا تدرك بأنها كمن يطلق النار على قدميه ، فهي تكون بذلك قد مهدت للقوس الشيعي أن يمر بأرضها .
خلاصة القول إن السلام الموعود في اليمن لن يتحقق بدون أن تتخلى عصابة الحوثي الإرهابية عن أهدافها ، وبدون أن يعمل مجلس القيادة  باسم الجمهورية اليمنية ، فترحيل القضايا الوهمية لن ينتج سوى مزيد من تسليم المسؤليات للحوثيين ، فكيف إذا سيتحقق السلام والأطراف التي أوقعت اليمن في الحرب مازالت نفسها ؟ لكي نذهب نحو السلام ، يجب خوض الحرب ضد الحوثي ، ولابد أن تظهر قيادات ميدانية تزيح القيادات السياسية والحزبية التي أفقدت اليمن قوتها ووجودها الطبيعي .