رشاد العليمي رئيس من ورق

كنت قد ذهبت في إحدى مقالاتي إلى أن الدكتور رشاد العليمي يمكن أن يكون شبيها للرئيس الأمريكي أبراهام لنكولن الذي وحد بلاده التي مزقتها الحرب ، فاتضح أنه يشبه غورباتشوف الذي فكك الاتحاد السوفيتي ، لست أدري مالذي يجعل العليمي يتصرف بهذا الضعف وهذه العدمية ، خاصة وأن الرجل قد جمع مالا لو ظل يعده ألف سنة لما انتهى من عده ، وبنفس الوقت أصبح الرجل الأول بحكم الظروف ، فلم يعد ينقصه شيئا سوى أن يترك لنفسه موقعا ذا قيمة في صفحات التاريخ .

بعد المقابلة التي أجراها مع صحيفة الشرق الأوسط ، اعتقد الناس بأنه بدأ يمارس دوره كرئيس وفق الدستور اليمني والشرعية الدولية ، وبدأ يضع النقاط تحت الحروف لاستعادة الدولة اليمنية تلك القضية التي تعني كل اليمنيين ، لكنه صدم الجميع باتهامه للقراء بأنهم لم يفهموا قصده ، مؤكدا ما ذهب إليه المجلس الانتقالي مدعيا في بيانه ، أن  المقابلة فسرت في سياق لا يعبر عن حقيقة موقفه من القضية الجنوبية ولا يتفق مع ما أكدته مرجعيات المرحلة الانتقالية ومشاورات الرياض .

لست بحاجة إلى التأكيد بأنه رئيس من ورق ، فهو يؤكد ذلك بنفسه ، فهو يطالب الصحافة بنقل الحقيقة ، في الوقت الذي يمتنع هو عن قول الحقيقة ، لم يقل لنا ما هي تأكيدات المرحلة الانتقالية ومشاورات الرياض ، ولم يقل لنا إذا كان هناك قضية جنوبية ، فلماذا لا يسعى إلى حلها ، فما جدوى تأخيرها ، وما هي الفائدة أصلا من وحدة مجلس القيادة إذا لم تعد هناك حرب مع الحوثيين ، إذا كانت القضية الجنوبية تعني الانتقالي دون بقية القوى الجنوبية الأخرى ومطالبه لا تتعارض مع الدستور والشرعية الدولية ، فلماذا تطلبون منه التأجيل ؟.

ولأن العليمي ضمن مشروع لا وحدة ولا إنفصال ولا حرب ولا سلام ، فهو يناقض نفسه ، ويستخدم التقية الظاهرة ، فهو لم يؤكد على حق تقرير المصير المؤجل ، لكنه أكد على حق تقرير مكانة الجنوب السياسية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، كنا نعتقد بأن العليمي سيضع الجميع أمام مسؤولياتهم ، لكنه كان حريصا في بيانه على عدم الإساءة للحلفاء الذين كما قال جادوا بدمائهم وأموالهم دفاعا عن أرضنا ، ولم يقل لنا أين هي هذه الأرض ، وهو مش قادر يرجع إلى سجنه بالمعاشيق ؟

لو كان العليمي رئيسا حقيقيا من دم ولحم لترافع عن شرف الجمهورية اليمنية ووضع حدا لهذه الكذبة الكبيرة المسماة مجلس انتقالي ، وخاطب الإمارات بكل صراحة ، هل أنت مع وحدة اليمن أم لا ، لأن حل مشكلة الانتقالي عند الإمارات ، فلا بد أن تكون الإمارات هي الطرف المباشر وليس الانتقالي ، ويكون الحديث أيضا مع السعودية ، ففي الوقت الذي تتظاهر بالتمسك بالشرعية الدولية نجدها تعمل دون هوادة على نسف هذه القرارات وتشجيع التمرد .

المجلس الانتقالي يتعامل مع القضية الجنوبية على أنها ملف وظيفة طول العمر، لذلك يحرص على افتعال أزمات يبرر من خلالها وجوده ، وجميع القوانين الدولية تجرم الخارجين على القانون ، لكنهم في اليمن يتم تسليمهم السلطة، ما يطرحه الانتقالي لا يقف على مرجعية ولا يتفق مع التطورات الميدانية ولا السياق الدولي ومتطلبات الواقع ، والسعودية والإمارات تريدان تحقيق أهدافهما من خلال الفوضى التي يحدثها الانتقالي ، والعجيب في الأمر أن قيادات الأحزاب السياسية قد أصيبت بعمى البصر والبصيرة ، وماذا نتوقع والمخلافي وجميلة علي رجاء يتحدثون عن المصالحة وهم يعملون تحت قيادة واحد بعمر أصغر أولادهم وهو ضمن المجلس الانتقالي الذي لم يحقق للناس شيء حتى الآن سوى إنزال علم ورفع آخر ؟