ارتفاع حالات العنف الاسري والطلاق في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي (تقرير)

عام بعد اخر منذ بدء الحرب التي افتعلتها مليشيا الحوثي الموالية لإيران في اليمن، تتزايد فيه نسبة معدلات الطلاق في اوساط الأسر اليمنية، مع ارتفاع اعداد حالاتها بشكل مخيف في الثلاث السنوات الأخيرة.

وتعد ظاهرة الطلاق والتفكك الأسري واحدة من الظواهر والتداعيات السلبية التي تصاعدت بشكل غير مسبوق خلال السنوات الماضية منذ بدء الحرب التي افتعلتها مليشيا الحوثي الموالية لإيران في اليمن ابان انقلابها على السلطة في 21 سبتمبر 2014.

ونشرت صحيفة "الثورة" بنسختها الحوثية بصنعاء الاحد 5 فبراير 2023، 17 اعلانا لقضايا فسخ عقد زواج، في عدد من المحاكم الخاضعة لسيطرة الحوثيين مما يعكس ارتفاعا كبيرا لاعداد حالات الفسخ والانفصال بين الأزواج في وسط فئات المجتمع اليمني.

17 قضية فسخ عقد زواج خلال يوم واحد
17 قضية فسخ عقد زواج خلال يوم واحد


احصائيات

ورغم التكتم الشديد من قبل الحوثيين في الكشف عن احصائية رسمية عن اعداد حالات الطلاق التي ارتفعت بشكل قياسي في مناطق سيطرتهم، الا ان المعلومات والاحصائيات المتوافرة تدق ناقوس الخطر بشأن الارتفاع الملحوظ لملفات الطلاق المودعة لدى المحاكم سنة تلو أخرى، لاسيما في صفوف المتزوجين حديثا.

مصادر قضائية بصنعاء أكدت لـ(لوكالة خبر) تسجيل نحو (25) الى (35) حالة طلاق يوميا تتراوح اعمارهن مابين 15 الى 30 عاماً، في نسبة اعلى لإحصائية يومية للحالات الواردة لاتحاد نساء اليمن في العاصمة المؤقتة عدن نشرت بوقت سابق والتي رصدت ما بين (20) إلى (30) حالة طلاق يوميا، حيث اصبحت غالبية القضايا الأسرية في المحاكم (طلاق، وخلع) ونادرا تسجل حالات ارجاع لعش الزوجية.

ولفتت المصادر ان نسبة الطلاق في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين خصوصا، زادت خلال السنوات الثلاث الماضية بنسبة 85 بالمائة، بينما وصلت الى نسبة 75 % في المحافظات المحررة.

وبحسب احصائية حديثة فقد سجلت خلال ثمانية اشهر (3736) قضية شخصية في المحاكم بمحافظة إب واغلبها بسبب عدم قدرة الأباء على اعالة اطفالهم والتي تؤدي الى تفكك الاسرة وتشريد الاطفال.

الاسباب والدوافع

ويعود ارتفاع معدلات حالات الفسخ والطلاق الى اتساع دائرة الفقر بشكل اساسي وتردي الاوضاع المعيشية التي فاقمت المشاكل الاجتماعية بسبب تدخل الأهل في حياة الزوجين، حيث أدت كل تلك العوامل إلى انهيار عدد كبير من الأسر خلال سنوات الحرب التي تأثرت بالضغوطات التي نتج عنها مشاكل أسرية متعلقة بالماديات غالبا ماتؤدي للطلاق او الخلع.

ويرى مراقبون، ان تزايد حالات الطلاق بشكل غير مسبوق يرجع لعدة عوامل ودوافع ابرزها الفقر ومصادرة مليشيا الحوثي للرواتب للعام الثامن على التوالي وتدهور الوضع المعيشي للأسر اليمنية، ناهيك عن الارتفاع الكبير لأسعار الغذاء والدواء وتكاليف المعيشة ومتطلبات الحياة الزوجية، مما دفع بالكثير من الأزواج إلى ترك زوجاتهم أو العكس، لعجزهم الكلي عن تحمل مسؤولياتهم وواجباتهم الأسرية.

وأضافوا ان المشاكل العائلية تتفاقم لأسباب مختلفة من بينها ازدياد حالات العنف الاسري من قبل الزوج ضد زوجته، والضعف والعجز الجنسي، والخيانة، والشك وانعدام الثقة بين الزوجين.

وفتح الاستخدام والتأثير السلبي للسوشال ميديا، ومواقع التواصل الاجتماعي بابا واسعا أمام وقوع بعض النساء كضحايا علاقات "غير مشروعة"، او سوء الظن من قبل الزوج او الزوجة بسبب تعليق او رسالة خاصة لاي منهما لأي شخص أخر، متسببة في عشرات المشاكل بين النساء مع ازواجهن نظرا لعدم وجود الاهتمام الذي تبحث عنه المرأة من الزوج وهو ماقد ينتهي المطاف بجزء كبير لتلك المشاكل المتكرره الى اتخاذ قرار الانفصال (الطلاق)، وقد يؤدي بعضها إلى ماهو أسوء وأفضع، لارتكاب الزوج بحق زوجته لجريمة القتل او مايسمى "جريمة الشرف".

ومثل ارتفاع معدلات الطلاق كمؤشر سلبي على تفكُّك المجتمع واحد التداعيات النفسية للحرب، واسهم انشغال الأزواج في الاعمال الاضافية لتوفير لقمة العيش بالعمل بعيدًا عن زوجاتهم وأسرهم، على حساب حياتهم الزوجية، في حدوث الكثير من المشاكل التي أدت بدورها للطلاق والتي يكون ضحيتها بشكل رئيس هم الأبناء مما يؤثر في نفسياتهم جراء انفصال الأبوين وما قد يؤذيهم من اضطرابات تنجم عن التغييرات الجذرية التي تلحق حياتهم.

العنف الأسري

وارتفع معدل العنف الأسري بنسبة 70 في المائة منذ بداية الحرب الحوثية عام 21 سبتمبر 2014 مما يعكس مدى الظلم والحرمان والقسوة التي تتعرض له المرأة اليمنية في مجتمع لا تتمتع فيه المرأة بكامل حقوقها في ظل فرض مليشيا الحوثي المزيد من القيود عليها وممارستها بحقها مختلف أصناف الانتهاكات بشكل موجه وممنهج خلال السنوات الماضية.

وعلى سبيل المثال، تعد حنان حسن وخلود قاسم نموذجان لحالتان اثنتين من ضحايا الطلاق، وذكرت حنان حسن وهي (منفصله لديها طفل)، "ان الحرب وتبعاتها أثرت نفسيًّا على زوجها بشكل كبير خلال فترة زواجهما، مما انعكاس على انسجام واستقرار أسرتها، خلال اخر عامين من اربعة اعوام من زواجها به".

وتؤكد حنان "ان زوجها تغير وأصبح منفعل وعصبي للغاية خصوصا منذ ان تم تسريحه من عمله في احدى المصانع التي كان يشتغل بها قبل عامين بعد افلاسه بسبب جبايات الحوثي"، مشيرة الى "انه تخلى عن مسؤولياته في ايجاد مصاريف الأسرة وكان يتكأ عليها غالبا وتقوم بتوفيرها من أهلها ورغم ذلك لاتجد منه كلمة شكر او ثناء بل انها فضلت بعد حنقها لأسرتها الطلاق على العودة له كونه لايقدر قيمتها".

اما خلود قاسم، هي كذلك عاشت اتعس أيامها اثر المعاملة السيئة والقاسية من قبل زوجها، خلال فترة زواجهما التي استمرت عاما وانتهت بخلعها له عبر القضاء، تقول عن حياتها الزوجية: "اعتاد من أول يوم في زواجي على التعدي علي خصوصا عند النوم، وأحياناً بالضرب المبرح، ولم أجد منه سوى كيل السباب والشتائم، والإهانة والذل، علاوة على أنه كان يقضي معظم وقته في السهر مستخدما هاتفه المحمول ومضغ القات وشرب السجائر".

وتضيف:"اخترت الخلع للخلاص من الجحيم الذي عشته معه، الطلاق ليس عار ولا هو نهاية الحياة، وانما بداية لحياة جديدة اتطلع لها مع الرجل المناسب الذي سيقدرني كإنسانة وشريكة له".