بلومبرغ: النظام وليس المنتخب الإيراني من خسر في كأس العالم

 لفت الكاتب السياسي بوبي غوش إلى وجود تقليد طويل لدى الدول المستبدة باستخدام كأس العالم لتشتيت الانتباه المحلي والداخلي عن استبدادها.

في هذا السياق، كتب غوش في موقع "بلومبرغ" أن النظام الإيراني استهلك الكثير من الدعاية الانتخابية التي تخدم مصالحه عبر مشاركة المنتخب الإيراني لكرة القدم في بطولات كأس العالم، خصوصاً سنة 1998، حين هزمت إيران "الشيطان الأكبر" في ليون الفرنسية. الإيرانيون، كما الكثير من سائر شعوب العالم، مهووسون بكرة القدم؛ تتوقف الحياة في البلاد حين يشارك المنتخب الوطني، أو فريق ملي كما يسمى محلياً، في كأس العالم.

بقي المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي يتابع المباراة حتى فترة متأخرة ليشاهد الانتصار الشهير في ليون. حين عاد المنتخب إلى الديار، قالت الأنباء إن خامنئي دعا مسجّل أوّل الهدفين في الولايات المتحدة حميد إستيلي إلى مقر إقامته وقبله في جبينه. استعرض النظام الانتصار كرمز لمقاومته الغدر الأمريكي والاحتفالات الواسعة في إيران كبرهان على أن الأمة كانت متحدة لا خلف المنتخب وحسب بل أيضاً خلف الحكومة.

سيفشل

أضاف غوش أن هذا الأمر لن ينجح هذه المرة، بصرف النظر عن طريقة أداء المنتخب الإيراني ضد الولايات المتحدة حين سيصطدمان في الدوحة الثلاثاء المقبل. يعود السبب الأول إلى أن الشوارع هي مسرح الآن للاحتجاجات لا للاحتفالات. طوال أكثر من شهرين، كان الإيرانيون يهتفون لسقوط النظام. سيصعب على النظام التبجح بالمقاومة ضد الغرب حتى في يوم المباراة الأولى للمنتخب الإيراني حين كانت القوى الأمنية تعزز حملة القمع العنيف ضد المحتجين خصوصاً في مدينة مهاباد شمال غربي البلاد.

وحيداً في دعايته

السبب الثاني هو أن المنتخب الإيراني غير مشارك في الحملة الدعائية هذه المرة. بمجرد رفض اللاعبين الإيرانيين أداء النشيد الوطني قبل مباراتهم مع إنكلترا التي تمثل خيار البعبع الثاني لطهران، تبدد أي أمل محتمل للنظام باستخدام كأس العالم لتشتيت الانتباه عن محاولاته الوحشية لإخماد الاحتجاجات المستدامة. انضم المنتخب إلى فرق رياضية إيرانية أخرى ظلت صامتة خلال أداء النشيد أو استخدمت إشارات أخرى للإعراب عن تضامنها مع المحتجين. بعد ذلك، كان قائد المنتخب إحسان حاج صافي صريحاً: "علينا قبول أنّ الظروف في بلادنا ليست بخير وأنّ شعبنا ليس سعيداً." وأضاف حاج صافي: "نحن هنا لكنّ هذا لا يعني أنّه يجب ألا نكون صوتهم أو ألا نحترمهم".

فريق الملالي

يعدّ تحدي المنتخب الإيراني ملحوظاً بشكل مضاعف لأن المسؤولين حذروا اللاعبين من عدم الإعراب عن تضامنهم مع المحتجين. وكان المرشد الأعلى قد حذرهم بنفسه من "عدم احترام" البلاد. قبل البطولة، التقى المنتخب بالرئيس ابراهيم رئيسي وأعطاه قميص الفريق الذي حمل رقم 12. تسبب لهم ذلك بازدراء المحتجين الذين وصف بعضهم المنتخب بـ"فريق الملالي" خلال الاحتجاجات أو على وسائل التواصل الاجتماعي. وسمع بعض المشجعين الإيرانيين في استاد الدوحة يصرخون "عار! عار!" بوجه اللاعبين.

احتفالات بالخسارة

بالنظر إلى أن التلفزيون الحكومي الإيراني لم ينقل الصمت الاحتجاجي للفريق، لم يظهر تضامنهم مع المحتجين فوراً داخل إيران. بعد المباراة، بينت فيديوهات منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي بعض الإيرانيين يحتفلون بخسارة المنتخب الإيراني عبر إطلاق العنان لأبواق السيارات. في مقطع فيديو لافت للنظر بشكل خاص، شوهد ثنائي وهو يلوح بعلم المملكة المتحدة. هل كفّر المنتخب الإيراني عن ذنبه من وجهة نظر المحتجين عبر رفض أداء النشيد؟ سلوك اللاعبين والمشجعين قبل المباراة التالية ضد ويلز يوم الجمعة سيكون دليلاً.

هذا ما سيفعله النظام... ولكن

في هذا الوقت، تابع غوش، بالإمكان الرهان على أن المسؤولين الإيرانيين سيفرضون ضغطاً هائلاً على اللاعبين لأداء النشيد بحماسة قبل مباراتهم ضد الأمريكيين من أجل الترويج لسردية أن الإيرانيين يكرهون الولايات المتحدة أكثر من احتقارهم لحكامهم. لكن قيمة كأس العالم بالنسبة إلى النظام قد استنفدت أساساً.