بعد لوغانسك.. هل باتت روسيا قريبة من السيطرة على كامل دونباس؟

اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن استيلاء جيشه على مدينة ليسيتشانسك بشرق أوكرانيا انتصارا، موجها قواته بالتقدم في مقاطعة دونيتسك، لكنه لا يزال بعيدا عن هدفه المتمثل في "تحرير" منطقة دونباس بأكملها، بحسب تحليل لصحيفة "فاينانشيال تايمز". 

وأدى استيلاء الروس على ليسيتشانسك، إلى سقوط مقاطعة لوغانسك بأكملها، ما يعني نصف منطقة دونباس، لكن بالنصف الآخر (دونيتسك)، لا يزال الأوكرانيون يسيطرون على مدن سلوفيانسك وكراماتورسك وباخموت، متمركزين فيها بعشرات الآلاف من القوات.

وسيتطلب الاستيلاء على منطقة دونيتسك بأكملها أن تتقدم القوات الروسية نحو هذه المدن المحصنة بشدة على بعد 50 كم إلى 70 كيلو مترا غرب ليسيتشانسك، ونفس المسافة تقريبا مرة أخرى للوصول إلى الحدود الإدارية.

ورغم من تعليمات بوتين لقواته بالاستمرار للتقدم في دونيتسك، وسقوط ليسيتشانسك بسرعة أكبر مما توقعها بعض المستشارين العسكريين الأوكرانيين، فمن المرجح أن تدخل الحرب، كما يقول المحللون، مرحلة جديدة تحاول خلالها قوات كييف استخدام أسلحة متطورة، قدمها الغرب حديثا، لقطع خطوط الإمداد الروسية وتدمير مخزونات الذخيرة والقواعد الخلفية. 

واستولت موسكو على ليسيتشانسك، بعد انسحاب القوات الأوكرانية، قبل أن تطوقها القوات الروسية التي حشدت عناصر تفوق أعداد الأوكرانيين. 

وقال الجنرال المتقاعد إيهور رومانينكو، النائب السابق لرئيس الأركان العامة الأوكرانية، "كان هدفهم تطويق وتدمير تجمعنا هناك".

ويجادل أولكسندر في دانيليوك، رئيس مركز  إصلاحات الدفاع ومقره كييف، بأن الجزء الأكبر من إقليم لوغانسك الذي استولت عليه روسيا تم الاستيلاء عليه بعد وقت قصير من بدء الغزو في فبراير، "لكنهم كافحوا لأخذ الخمس الأخير الذي دافعت عنه قواتنا بشكل صحيح". 

وقال أوليكسي أريستوفيتش، مستشار الرئيس الأوكراني، إن بلاده نجحت في إبطاء التقدم الروسي، رغم تكبدها خسائر فادحة تصل إلى مقتل 200 عنصر في اليوم.

ويوضح: "كانت المهام الرئيسية لقواتنا هي: تحديد قوات العدو الرئيسية، وإلحاق خسائر بهم، وشراء الوقت لتزويد الأسلحة الغربية وتحسين خط الدفاع الثاني لتهيئة الظروف لعملياتنا الهجومية في قطاعات أخرى من الجبهة". 

وقال أوليكسي ميلنيك، وهو ضابط سابق في القوات الجوية الأوكرانية، يعمل حاليا في مركز رازومكوف للأبحاث في كييف، إنه حتى التحصينات الثقيلة للجيش الأوكراني لن تصمد أمام قصف مدفعي روسي وقصف جوي، التي تطلق عشرات الآلاف من القذائف يوميا في لوغانسك". 

وأضاف ميلنيك أنه لوقف أو على الأقل إبطاء المدفعية الروسية، تحتاج أوكرانيا الآن إلى استهداف خطوط الإمداد الروسية باستخدام أسلحة بعيدة المدى، وخاصة أنظمة الصواريخ المتعددة، التي توفرها الولايات المتحدة، المعروفة باسم هيمارس. 

ويبدو أنه تم استخدام هذا النظام في الهجوم الصاروخي الأوكراني الذي أدى إلى إلحاق أضرار بالغة بقاعدة جوية روسية كبيرة بالقرب من مدينة ميليتوبول الجنوبية المحتلة، الأحد، وهو ما يتجاوز المدى الطبيعي لمدفعية كييف، كما قصفت أوكرانيا مستودعات أسلحة روسية في مقاطعة دونيتسك.

وتم نشر 4 فقط من أنظمة من هيمارس الدقيقة، التي يبلغ مداها 70 كيلو مترا، حتى الآن على الجبهة، "تحتاج كييف إلى المزيد من هيمارس لتغيير مجرى الحرب"، بحسب تحليل "فاينانشيال تايمز". 

يؤكد ميلنيك: "إذا كان لدى أوكرانيا المزيد من القدرات لتدمير خطوط الإمداد الأرضية ومستودعات الذخيرة وتوجيه ضربات لتدمير مواقع المدفعية الروسية، فسيتعين على موسكو تعديل خططها أو تغييرها بشكل كبير". 

وإلى جانب النقص في ذخيرة المدفعية، تعاني أوكرانيا من نقاط ضعف أخرى متعددة، بما في ذلك نقص المشاة، والمدرعات المؤهلة للقيام بعمليات هجومية، ونقص في معدات الراديو الآمنة. 

وفي المقابل، تعاني روسيا أيضا من نقص القوات ونضوب مخزونات الدروع الحديثة، مما يجعلها تعتمد على قوة نيران المدفعية المتفوقة للغاية.

والهجمات الأوكرانية المضادة على مدينة خيرسون الجنوبية المحتلة، تجعل من الصعب على روسيا تأمين كافة المناطق التي تحتلها لأنه ليس لديها ما يكفي من القوات.