ناشونال إنترست: حرب باردة جديدة مع روسيا قد لا تنتهي أبداً

تناول المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بول آر. بيلار المآلات التي يمكن أن تنتهي إليها الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة وروسيا، قائلاً إن الرد الغربي الذي قادته أمريكا على الهجوم الروسي على أوكرانيا، كان مؤثراً وأتى عكس ما توخى الرئيس فلاديمير بوتين، لكنه توسع إلى خارج السياق العسكري الحالي في أوكرانيا، إلى نزاع طويل ودائم مع روسيا.

وقال إن مثل هذا التوسع، يتركز على عدم وضع حد للهجوم الروسي على أوكرانيا، وإنما على "إضعاف" روسيا عموماً. ويفترض أن هدفاً كهذا يعكس السياسة الخارجية المعتمدة، وليس مجرد زلة لسان كتلك التي وردت على لسان الرئيس جو بايدن عندما قال إنه لا يمكن السماح لبوتين بالبقاء في السلطة.

خطر إضعاف روسيا

وحذر من أن الحديث عن إضعاف روسيا كهدف ينجم عنه مشكلتان أساسيتان، إذ أنه يساعد في تسويق دعاية بوتين من أن ما يفعله الغرب ليس فقط رداً على الحرب في أوكرانيا، بل إنه يعكس تهديداً أشمل لروسيا. كما أنه يجعل من الصعوبة بمكان التوصل إلى تسوية لإنهاء الحرب الحالية، من خلال تقليل ثقة روسيا بإمكان حصولها على إعفاء مهم من العقوبات وحالة النبذ، مهما فعلت في أوكرانيا.

ورأى أن الولايات المتحدة تعلن فعلياً حرباً باردة جديدة مع روسيا. وبالنسبة إلى المستقبل القريب، فإن إنهاء الحرب في أوكرانيا يجب أن يكون أولوية. وحتى من دون الذهاب بعيداً في البلاغة، فإن هذه المهمة ستكون صعبة. وسيكون شاقاً إيجاد صيغة تلبي الحد الأدنى من المتطلبات لدى الطرفين المتورطين في النزاع. إن الإخفاق في العثور على مثل هذه الصيغة، علاوة على تسببه بزيادة معاناة الشعب الأوكراني، فإنه سيكرس حرباً باردة طويلة مع روسيا ستهيمن على العلاقات الدولية لسنوات قادمة. وهذا سيكون صحيحاً في حال استمر هذا المستوى من المعارك أو في حال تحول الأمور إلى نزاع مجمد، من دون التوصل إلى تفاهم بالنسبة إلى الأراضي التي سيطرت عليها روسيا.

كيف ستنتهي؟

وهنا يتعين على المرء أن يتساءل عن مقدار التفكير في الدوائر الرسمية حول المسار الذي ستتجه إليه حرب باردة جديدة وكيف ستنتهي؟ وقد يكون البعض راضياً عن استمرار مثل هذا النزاع إلى ما لا نهاية، تماماً مثلما كان البعض يؤيد مثل هذا الإتجاه إبان الحرب الباردة السابقة.

إن حرباً باردة جديدة مع روسيا ستكون ضد مصالح الولايات المتحدة والأمن الدولي عموماً. وستترتب عليها آثار سلبية بالنسبة للموازنات العسكرية، وكذلك لمخاطر تحول الأزمات إلى حروب، وتعليق معالجة المشاكل العالمية ذات الإهتمام المشترك، من بين أمور أخرى.

سياسة الاحتواء

ومن المفيد التذكير بأفكار واضع سياسة الاحتواء الأمريكية جورج كينان عند بداية الحرب الباردة السابقة. فقد أوصى كينان بالتمهل في شن مثل هذه الحرب، وتوقع في مقال نشره عام 1947 بأن تستمر هذه الحرب لفترة تتراوح بين عشرة أعوام و15 عاماً، لكن تبين أنها استمرت 40 عاماً.

 وكانت نهاية الحرب اثباتاً لتحليله بأن الشيوعية السوفياتية تحتوي على بذور فنائها في داخلها، وبأنها ستنهار في النهاية نتيجة ضعفها الداخلي.
وخلص إلى أن حرباً باردة جديدة مع روسيا لن تكون على غرار سابقتها. ولن تنتهي بانتصار "لحظة أحادية القطب". ومن الممكن أن لا تنتهي أبداً.