خلف أبواب مغلقة.. الصين تدرس موقفها من غزو أوكرانيا المحتمل

أمضى كبار قادة الصين أياما "خلف الأبواب المغلقة" في مناقشة جدوى دعم الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، حال غزو روسيا لأوكرانيا، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال".

وبحسب أشخاص على دراية بالموضوع، فإن أحد موضوعات المناقشة المكثفة هو كيفية الاستجابة للأزمة الروسية الأوكرانية ودعم موسكو دون الإضرار بمصالح الصين الخاصة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه مع خطر الغزو الروسي لأوكرانيا الذي يلوح في الأفق، اختفت اللجنة الدائمة للمكتب السياسي والتابعة للحزب الشيوعي الصيني المكونة من سبعة أعضاء بقيادة الرئيس شي جينبينغ، من المشهد العام إلى حد كبير.

وقالت الصحيفة إن المناقشات كانت نشطة لأسبوع بعد عودة بوتين من بكين، لكيفية إدارة الشراكة بين الصين وروسيا التي يسميها كثيرون "زواج المصلحة"، بحسب الصحيفة. 

كان الرئيس الروسي حضر افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين 2022 يوم 4 فبراير الحالي والتقى مع الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وفقا للصحيفة الأميركية، توضح المناقشة الموسعة بشكل غير عادي مدى حساسية الموقف بالنسبة لبكين على الرغم من موقف شي العلني الداعم لروسيا.

قال كارل مينزنر، الزميل الأول لدراسات الصين في "مجلس العلاقات الخارجية"، وهي منظمة أميركية مستقلة مقرها نيويورك، "إن بوتين يمثل صداعا كبيرا لبكين". 

وأضاف أن "حدوث أي تدخل روسي في أراضي الاتحاد السوفيتي السابق من شأنه أن يزيد المخاطر على خطوط أنابيب الطاقة في آسيا الوسطى الصينية".

علاقات "مستقرة" مع أوكرانيا

وتملك الصين مشاريع للطاقة في المنطقة، بما في ذلك خط أنابيب يبدأ من شرق تركمانستان ويصل إلى الصين عبر أوزبكستان وكازاخستان، ومشروع تطوير متعدد المراحل في غالكينيش، هو ثاني أكبر مشاريع الغاز المسال في العالم.

ولفتت الصحيفة إلى أن الموقف الواضح في الصين هو تأييد الزعيم شي لمطالب روسيا بوقف حلف الناتو بالقرب منها، وهو مطلب أساسي من موسكو في مواجهتها مع الدول الغربية التي تقودها الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا.

كانت بكين حريصة على عدم إعطاء الضوء الأخضر لغزو روسيا المحتمل لأوكرانيا. ومع ذلك، يمثل البيان المشترك الصادر عن شي وبوتين في 4 فبراير أقرب تحالف لبكين مع موسكو منذ السنوات الأولى للحرب الباردة للتكتل الشيوعية ضد الغرب. 

وأثار ذلك بعض القلق في الدوائر الرسمية داخل الصين، وفقا لأشخاص مقربين من الحكومة؛ لأنه يشير إلى وجود تحول أساسي في السياسة الخارجية للصين.

قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جونز هوبكنز في بولونيا، سيرجي رادشينكو، إن "من الأمور الأخرى أن تساعد الصين روسيا في التهرب من العقوبات الاقتصادية التي قد تواجهها إذا غزت أوكرانيا".

ولبكين موقف طويل الأمد في السياسة الخارجية، والذي تم وضعه بعد فترة وجيزة من تأسيس الصين الشيوعية من قبل رئيس الوزراء آنذاك، تشو إنلاي، ويتمثل في عدم تأييد أي عدوان أو تدخل من أي دولة في شؤون الآخرين ضمن "المبادئ الخمسة للتعايش السلمي".

وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن ذلك يفسر سبب عدم اعتراف الصين بضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، أو دعمها الكامل لموسكو عندما نشرت قوات في كازاخستان أوائل هذا العام لتهدئة الاضطرابات في الدولة الواقعة بآسيا الوسطى.

واستثمرت شركات الهندسة والكهرباء والبناء الصينية المملوكة للدولة خلال السنوات الأخيرة مليارات الدولارات في مشاريع بأوكرانيا.

في أواخر عام 2020، اتفقت بكين وكييف على تعميق تعاونهما في مبادرة الحزام والطريق عبر نائب رئيس مجلس الدولة، ليو هي، وهو القيصر الاقتصادي للرئيس شي. وفي ذلك الوقت، تعهد هي بتعزيز "العلاقات الثنائية المستقرة" مع أوكرانيا.

قال جوزيف توريجيان، من الجامعة الأميركية في واشنطن، "لا تريد كل من الصين وروسيا أن تشعر أنهما ملتزمتان بالتضحية بمصالحهما الخاصة عندما تفعل الدولة الأخرى شيئا مزعزعًا للاستقرار".