تحليل في ذكرى مقتل سليماني: لا بد على النظام الإيراني أن يعي قوة واشنطن

يُحيي النظام الإيراني الأسبوع المقبل، الذكرى الثانية لمقتل، قاسم سليماني، الذي قتل في غارة أميركية في 3 يناير من العام 2020.

واسم سليماني، كان في القائمة الأميركية للإرهاب، بسبب دوره في تأطير الميليشيات المسلحة الموالية لإيران في سوريا والعراق، وفي الشرق الأوسط عموما.

وقال تحليل للصحفي، إيلي لايك، وهو مختص في قضايا الأمن القومي الأميركي، إن على الرئيس الأميركي، جو بايدن أن يؤكد للجانب الإيراني، أن  الولايات المتحدة مستعدة لأكثر من مجرد فرض عقوبات اقتصادية لردع طموحات إيران النووية.

وسليماني، هو مهندس فيلق القدس الإيراني، وأحد أهم الأشخاص الذين خططوا لإنشاء ميليشيات مسلحة في لبنان والعراق واليمن.

ورداً على مقتله، أطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على قاعدة الأسد الجوية في العراق، وأسقطت بالخطأ رحلة الخطوط الجوية الأوكرانية الدولية.

التحليل الذي نشرته وكالة "بلومبيرغ" تنبأ بأن يعمد القادة الإيرانيون إلى مناقشة قضية مقتل سليماني مع الجانب الأميركي في السنوات المقبلة.

وبحسب التحليل، فإن قادة إيران يقدمون أنفسهم "كضحايا" تحت التهديد المستمر بعد مقتل سليماني.

ويرى النظام الإيراني في مقتل سليماني "مبررا إضافيا لإعادة إحياء البرنامج النووي والصواريخ الباليستية، فضلاً عن سياستها الأوسع نطاقاً المتمثلة في الشرق الأوسط".

"لكن الواقع مختلف" يقول لايك في تحليله، إذ أن اغتيال سليماني جاء رداً على سلسلة من التصعيدات التي بدأت بعد عام 2018، عندما انسحب الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015. 

ففي عام 2019، أطلقت إيران صواريخ وطائرات بدون طيار على حقول النفط السعودية، وهاجمت السفن في منطقة الخليج وصعّدت الميليشيات الموالية لطهران هجماتها ضد المواقع الأميركية في العراق. 

وأكد لايك: "جاءت القشة الأخيرة في نهاية ذلك العام، عندما كادت حشود منسقة اجتياح السفارة الأميركية في بغداد".

وبعد مقتل سليماني، واصلت الميليشيات الإيرانية في الهجوم على المواقع الأميركية في العراق، بينما واصل العلماء الإيرانيون تركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدمًا في منشآتها النووية. 

لكن كاتب التحليل لفت إلى أن استعراض ترامب للقوة في التعامل مع إيران كان وراء تراجع تهديدها بشكل لافت لاحقا.

وبعد تولي بايدن منصبه، أصبح التصعيد الإيراني أكثر جرأة، وفق لايك، فعلى الرغم من أن بايدن عرض رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضها ترامب إذا عادت إيران إلى حدود التخصيب المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015، إلا أن طهران تقوم الآن بتخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء 40 في المئة، وهو مستوى قريب جداً من المستوى المطلوب لسلاح نووي.

كاتب المقال عدّد جملة من التجاوزات التي ارتكبتها إيران وخص بالذكر الهجوم الذي شنه وكلاؤها، شهر أكتوبر الماضي، بطائرة بدون طيار على قاعدة أميركية على الحدود السورية العراقية. 

كما حاولت طائرة إيرانية بدون طيار محملة بالمتفجرات اغتيال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، في نوفمبر الماضي. 

"وطوال هذا الوقت، واصلت إيران تسليح تحالفها من الميليشيات الإقليمية بمزيد من التكنولوجيا العسكرية"، يقول لايك.

وفي مواجهة هذا التصعيد، حاولت إدارة بايدن التعامل بحكمة مع إيران، فمن ناحية، استمرت في تعليق الأمل على الدبلوماسية على الرغم من أن الدبلوماسيين الإيرانيين في فيينا لن يجتمعوا بعد الآن مع المبعوث الأميركي. 

ومن جهة أخرى، خففت واشنطن من تطبيق بعض العقوبات، مما أدى إلى زيادة صادرات النفط الإيرانية. 

ومع ذلك، فإن الأمر الأكثر إثارة للقلق، وفق كاتب التحليل، هو أن الولايات المتحدة قد أعلنت أنها لا توافق على عمليات الاستخبارات الإسرائيلية ضد البنية التحتية النووية الإيرانية. 

ويشك بعض المسؤولين في الإدارة في فعالية "التخريب والاغتيالات الإسرائيلية داخل إيران" وفقًا لتقرير سابق لصحيفة نيويورك تايمز، خوفًا من أن توفر حافزًا لإيران لإعادة بناء برنامجها النووي بشكل أفضل.

ويرى لايك أن إعلان الولايات المتحدة عدم موافقتها على عمليات الاستخبارات الإسرائيلية ضد البنية التحتية النووية الإيرانية "يثير القلق".

ويقول في الصدد: "هذه رسالة خاطئة"، إذ أن الإدارة الأميركية ستعزل بذلك أهم حليف لأميركا ضد إيران.

ومطلع الشهر الجاري، أشار السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، رون ديرمر، إن هناك مجازفة بمزيد من الاستفزازات من جانب إيران "إذا اعتقد قادة النظام أنهم يواجهون عواقب اقتصادية فقط فإنهم سيواصلون اختبار أميركا".

ويضيف لايك "لهذا السبب، يجب أن يحيي بايدن، ذكرى مقتل سليماني، بتوضيح  أن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام القوة ضد نظام لم تردعه العقوبات وحدها".