مصدر يزيح الستــار عن سيناريو لإغراق صنعاء في الفوضى.. مقربون من دوائر الحكم يلعبون بالنار داخل العاصمة

تصاعدت حدة التوترات، بصورة غير مسبوقة، خلال جولات الأزمة الأخيرة والمستمرة، مع دخول أجزاء من العاصمة صنعاء ضمن دائرة العنف والاشتباكات المسلحة، منذرة بالتمدد.

وحذّر مسئول سياسي يمني، الخميس، من "توجه لإغراق العاصمة صنعاء في الفوضى، تديره مراكز نفوذ في هرم النظام الانتقالي"، بالموازاة عبر التحركات الميدانية والتغطية الإعلامية.

وقال المسئول، في اتصال مع "خبر"للأنباء: "إن التوجه بدأ بتقديم تسهيلات للمسلحين لدخول العاصمة صنعاء"، لافتاً إلى أن "دوائر عليا، تدفع باتجاه الاشتباك مع وحدات من الجيش، لحسابات خاصة".

واندلعت اشتباكات مسلحة، صباح الخميس، بالقرب من جامعة الإيمان ومحيط الفرقة الأولى مدرع (المنحلة اسمياً) إلى الشمال الغربي للعاصمة، وتجددت خلال ساعات اليوم، غداة اشتباكات في محيط معسكر 48 بمنطقة حزيز جنوب العاصمة، وكانت المنطقة نفسها شهدت مواجهات بين وحدات عسكرية ومسلحين حوثيين قبل أكثر من أسبوع.

وعمدت وسائل إعلام ونشر، يديرها مكتب نجل الرئيس، إلى مضاعفة الاتهامات والتحريض باتجاه الرئيس السابق ومناصريه، وزعمت أن صالح ونجل شقيقه، عمار صالح، الملحق العسكري اليمني في السفارة اليمنية بأديس أبابا، وقيادات مؤتمرية تتحمل مسئولية الأحداث تباعاً، وهو الخطاب نفسه المستخدم منذ بدايات الأحداث قبل أكثر من عام بقصر المسئولية اتهاماً ضد صالح ومناصريه، وصرف الأنظار عن مسئوليات ووظائف السلطات والمؤسسات الحاكمة. واعتبر مصدر مؤتمري مسئول، النشر والاتهامات المغرضة، تحريضاً على القتل، مسجلاً بلاغاً للنائب العام بالوقائع.

ويعقد المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بنعمر، مفاوضات مع زعيم جماعة الحوثي في صعدة شمال اليمن، بشأن مسودة اتفاق سياسي لإنهاء الأزمة، ولم ترد مؤشرات انفراج بعد.. وبالتزامن توالت التحذيرات من تصعيد الموقف واندلاع شامل للنيران والعنف في العاصمة، واستباق الاتفاق السياسي المتعثر، وهو ما ينذر بمخاطر كبيرة في حال الاحتكام للسلاح وتفويض الحرب لإنهاء وحسم الصراع، على غرار ما حدث مراراً في جولات حرب سابقة ومحافظات أخرى وما يحدث تباعاً في الجوف.

وعلى صلة، أوضح المسئول اليمني لوكالة "خبر"؛ أن التوجه (محل التحذير) يركز على دفع الوضع باتجاه الصدام المسلح داخل صنعاء، عبر تمكين مجاميع مسلحة من تنفيذ هجمات متقطعة واستفزازية، على مواقع عسكرية داخل صنعاء، ترافقاً مع حملة تغطية إعلامية وأخبارية تسارع إلى تقديم تفسيرات مضللة دون معطيات من الواقع أو شواهد معلوماتية مثبتة، وتوظيفها حصراً للنيل من صالح وأقاربه وقيادات المؤتمر الشعبي كهدف أول وُضع على رأس قائمة أولويات مكتب إعلامي مخصص للغرض يديره نجل الرئيس.

وفي ضوء وقائع ومعطيات يومية متصاعدة؛ تعتمد متوالية الأحداث بتدرج ملحوظ؛ إتاحة تسهيلات على الأرض للتحركات الميليشاوية داخل صنعاء، بالتوازي مع اعتماد خط إعلامي يتصنع الخصومة مع تلك التحركات، ويصعد اتهامات بالمسئولية ضد قيادات وشخصيات عامة ومسئولين سابقين، كجزء من تصفية حسابات خاصة وخصومات مكرسة".

وكان مصدر مسئول في المؤتمر الشعبي العام استهجن، الخميس، حملة تحريض وتضليل تستهدف قياداته من قبل مواقع تتبع جلال هادي، النجل الأكبر للرئيس. وفي تصريح لوكالة "خبر"، استنكر المصدر "سعار الحملات التحريضية المنفلتة والتي تسعى ومن ورائها إلى خلط الأوراق وبث الفتنة وإثارة الكراهية والأحقاد، الأمر الذي يهدد السلم العام وحياة الأفراد والقيادات وممارسة التضليل المغرض والتخريبي".

واعتبر المصدر أن ما تقوم به تلك الوسائل والمواقع الإليكترونية من تحريف وادعاءات، إنما هي دعوة صريحة للقتل.

وحمل المصدر المسؤول في المؤتمر الشعبي العام، الدولة ورئيس الجمهورية والنائب العام مسؤولية الحفاظ على أمن تلك القيادات وحياتها وأسرها، معتبراً هذا بلاغاً عاماً للنائب العام والسلطات الأمنية والقضائية والعدلية.

وأضاف، أن ذلك يأتي في سياق التستر على علاقة جهات في السلطة، بالأحداث الأخيرة التي وقعت في مناطق شمال صنعاء، وما تلاها شمال وجنوب العاصمة، إلى جانب مساع لاستثماره، إلى جانب استغلالها لتحريض وحدات عسكرية على بعض الجهات.

ودأبت مواقع إخبارية، تابعة لنجل الرئيس هادي، على شبكة الانترنت، على استهداف الرأي العام وخلط الأوراق، من خلال إلقاء مسؤولية تسهيل دخول مسلحي الحوثي صنعاء، على أطراف سياسية لا علاقة لها في الصراع.

محللون وكتاب كرروا الاستنتاج أن "ثمة من يقدم التسهيلات اللوجستية للمجاميع المسلحة، فيما يحاول إخلاء المسؤولية إزاء ذلك، بتوجيه أصابع الاتهام لجهات أعلنت أكثر من مناسبة، مواقف واضحة بإزاء ما يعتمل على الواقع، كما ليست صاحبة قرار".

وفي الاتجاه نفسه، اعتبر خبير عسكري؛ التغطية على الفاعلين والجماعات المتورطة في الصراع واستهداف معسكرات الجيش ومقر قيادة قوات الاحتياط (الحرس الجمهوري سابقاً) عبر كيل الاتهامات وارتجالها بالتتابع وتوجيهها باستمرار جهة الرئيس السابق أو أقاربه ومناصريه، بأنها "تنم عن جهل فادح في التعامل مع الشأن العسكري وقضايا الجيش والأمن بالنيل من معنويات الضباط والقادة، عبر بث وضخ الشائعات المشككة بقيادات سابقة، ويعتقد من يدير هذه الحملات أنها تحتفظ لها بسمعة ورصيداً جيداً ومشرفاً لديهم". مشدداً أن الجبهة الإعلامية تعمل بالترافق مع جبهة مليشاوية تخريبية تستهدف الجيش وخصوصاً قوات الاحتياط والخاصة.

وتشير المعلومات وقراءات تحليلية، على صلة، إلى أن "دوائر نافذة، لا تريد مخرجاً آمناً من الأزمة الراهنة، وفي الوقت عينه تكرس نهمها إلى توظيف الوضع المتأزم في سياق حسابات سلطوية، خاصة وضيقة، تمثل إسناداً واضحاً لمهمة توفير مبررات بقاء الوضع المتأزم أكثر قدر ممكن من الوقت".

وجاءت التداعيات، متعاقبة مع تحركات لجهة إعاقة صيغ التفاهمات والاتفاقات السياسية التي توصلت إليها مداولات ممثلي الجانب الرسمي بقيادة الارياني وهلال مع مندوبي الحركة الحوثية.

ويرى محللون في انعدام "شفافية التعامل الرسمي مع المتغيرات، منح غطاء للتحركات المليشاوية، وأضفى عليها نوعاً من المشروعية، تخضع بدورها للتوظيف الرسمي باتجاه دول الجوار خصوصاً والرعاة عامة؛ سواءً لأغراض مالية واستدرار مساعدات ومنح، أو سياسية ضمن هدف إلى إزاحة الرئيس السابق من المشهد والاستحواذ على المؤتمر الشعبي كغاية لا تتكتمها الرئاسة الانتقالية".