حرب «طالبان» السرية ضد «داعش» تخرج إلى العلن

في مدينة جلال آباد الواقعة شرق أفغانستان، يشعر المواطنون بالرعب الشديد عندما يجدون جثث القتلى الذين لقوا حتفهم رمياً بالرصاص في الشوارع والتي تكون لأشخاص يعرفون أنهم من سكان البلدة، وغالباً ما تكون هذه الجثث مصحوبة برسالة توضع داخل ملابس القتلى تحدد هوياتهم بوصفهم مقاتلين في تنظيم «داعش خراسان».

وقد برز تنظيم «داعش» بوصفه يمثل تهديداً خطيراً لبقاء حكومة «طالبان» بالسلطة في كابل، وذلك من خلال شنه هجمات انتحارية متتالية ضد المساجد الشيعية في البلاد، وهو ما دفع بحكومة «طالبان» لتحديد التنظيم بوصفه التهديد الأكثر قوة لاستقرار المجتمع الأفغاني. وتكتشف جثث مقاتلي تنظيم «داعش» في مدينة جلال آباد بشكل منفصل عن العمليات العسكرية المحددة رسمياً ضد «داعش» في كابل وشرق أفغانستان، كما جرى مؤخراً اكتشاف جثث لمقاتلي التنظيم في محافظة ننغرهار الواقعة شرق البلاد.

ومنذ عام 2014؛ برزت منطقة شرق أفغانستان مركزاً ومعقلاً لتنظيم «داعش خراسان» مع انضمام فصائل من حركة «طالبان» المحلية إلى صفوفه، وقد نفذ الجناح العسكري للحركة العديد من العمليات العسكرية ضد التنظيم في شرق أفغانستان، كما أرسلت القيادة العليا للحركة مؤخراً 7 آلاف مقاتل إلى شرق أفغانستان لمحاربة الجماعات المحلية التابعة لـ«داعش» هناك. ويقول الخبراء إن حركة «طالبان» الأفغانية قد أصبحت حساسة بشكل خاص تجاه «داعش»، كما يشيرون إلى أنه يستهدف الجماعات الشيعية الأفغانية؛ لأن ذلك يجعل البلاد عرضة لقطع المساعدات العسكرية من إيران وروسيا. كما تضغط الحكومة الباكستانية على «طالبان» للتعامل بفاعلية مع التهديد الذي يمثله «داعش»، وذلك لأنها تخشى شن موجة جديدة من العنف الطائفي في بلداتها الحدودية. وقد قرر مؤتمر لرؤساء المخابرات الإقليمية مؤخراً تقديم المعلومات المتاحة في الوقت المناسب إلى حكومة «طالبان» حتى تتمكن من التعامل بفاعلية مع تهديد «داعش». وشارك في المؤتمر رؤساء المخابرات الصينية والإيرانية والروسية، وبالفعل؛ فإنه فور انتهاء المؤتمر كثفت حركة «طالبان» جهودها ضد مقاتلي التنظيم في شرق وشمال أفغانستان. وكان «داعش» قد قام بتجنيد مقاتلين من صفوف «طالبان» والجماعات الباكستانية المسلحة بين عامي 2014 و2016. والآن يقول كبار مسؤولي «طالبان» إنهم يعرفون كل عضو في التنظيم، مما يسهّل على الحركة تنفيذ عملياتها ضدهم، كما أنه يجعل أيضاً عمليات القتل المستهدفة للتنظيم أكثر سهولة بالنسبة لـ«طالبان».

من جهة أخرى، ألقت الشرطة في شمال غربي باكستان القبض على أكثر من 20 شخصاً للاشتباه في إضرامهم النار بمركز للشرطة خلال اشتباكات بشأن رجل محتجز بتهمة التجديف. واشتبك المئات من المتظاهرين الغاضبين مع الشرطة في منطقة تشارسادا بإقليم خيبر بختونخوا بعد رفض تسليم رجل قُبض عليه بتهمة تدنيس نسخة من المصحف الشريف في وقت متأخر من أول من أمس. وصرح المتحدث باسم شرطة تشارسادا، شفيع الله جان، لوكالة الأنباء الألمانية: «لقد اعتقلنا أكثر من 20 مشتبهاً فيه بتهمة حرق مركز الشرطة والسجلات الرسمية والاعتداء على رجال الشرطة». وقال جان إن مثيري الشغب طالبوا بتسلم مشتبه فيه متهم بالتجديف وأرادوا «حرقه حياً». وأضاف أنه جرى نقل المشتبه فيه إلى مكان آمن. وعادت الحياة إلى طبيعتها بعد أن نشرت الإدارة المحلية رجال شرطة مكافحة الشغب، وشنت إجراءات صارمة ضد المتظاهرين. ويعدّ التجديف موضوعاً حساساً في باكستان، ويمكن أن يصبح المتهمون أهدافاً لمجموعات متطرفة، في بعض الحالات، ويجري قتلهم بالرصاص أو حرقهم أحياء أو ضربهم بالهراوات حتى الموت. وكان الحادث الأكثر فظاعة هو مقتل مواطن باكستاني - أميركي متخلف عقلياً بإطلاق الرصاص عليه داخل قاعة محكمة أثناء محاكمته بموجب قوانين التجديف الباكستانية المثيرة للجدل العام الماضي. وأعربت وزارة الخارجية الأميركية عن أسفها لقتل المواطن في ذلك الوقت، وحثت باكستان على إلغاء قوانين التجديف لمنع الجرائم الناجمة عن الكراهية المرتبطة بالدين.