تقرير: تعاون استخباراتي بين باكستان وطالبان لمواجهة داعش

قال اثنان من قادة حركة طالبان لصحيفة "واشنطن بوست" إن باكستان تستخدم شبكة من القنوات غير الرسمية لدعم الحركة بالمعلومات الاستخباراتية والدعم الفني؛ لمواجهة تهديدات تنظيم "ولاية خراسان" في أفغانستان.

وبحسب القياديين اللذين رفضا الكشف عن هويتهما، فإن السلطات الباكستانية تمرر لحركة طالبان معلومات أولية عن المجموعة، بالإضافة إلى مساعدتها في مراقبة الاتصالات الهاتفية والإنترنت لتحديد أعضاء"ولاية خراسان" الموالي لتنظيم داعش الإرهابي والمراكز العملياتية التابعة له.

ووصف مسؤول باكستاني الاتصالات بين الجانبين بأنها مناقشات غير رسمية، وليست شراكة استخباراتية راسخة.

وبحسب مسؤولين أميركيين وسابقين، فإن باكستان هي واحدة من الحكومات الأجنبية القليلة التي تساعد بشكل مباشرة حركة طالبان في قتال تنظيم داعش، طبقا للصحيفة، مشيرين إلى أن التنافس الإقليمي وانعدام الثقة العميق الجذور وأوجه القصور في مكافحة الإرهاب لدى الحركة المسلحة قد أدت  إلى تعقيد تبادل المعلومات الاستخباراتية معها. 

وقال أحد القياديين في طالبان للصحيفة: "باكستان دولة شقيقة وهم يدعموننا بعدة طرق لمواجهة داعش، بما في ذلك تبادل المعلومات والاستخبارات، وإذا  شاركت الولايات المتحدة وبقية دول العالم المعلومات معنا، فإنه بإمكاننا هزيمة تنظيم الدولة في غضون أيام فقط".

"لا تشكل أي تهديد"

في المقابل، رفض المتحدث باسم طالبان، بلال كريمي، تصريحات القياديين بأن الجماعة بحاجة إلى تعاون دولي لمحاربة المسلحين الآخرين، مردفا: "تنظيم ولاية خراسان لا يشكل تهديدا خطيرا على الإمارة الإسلامية، وبالتالي لا نعتبره تحديًا كبيرًا، وعليه لا نحتاج إلى أي دعم خارجي لمعالجة هذه المشكلة".

وبناء على تقديرات خبراء، فمن غير الواضح حجم المعلومات الاستخباراتية التي يمكن أن تشاركها الدول الغربية، بدون وجود سفارات أو قوات عسكرية في أفغانستان.

وأوضح مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون إن هناك تحديات مستمرة في إعادة إنشاء شبكة استخبارات فعالة في المنطقة.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الباكستانية إن "إسلام آباد ناقشت بالفعل التعاون في مكافحة الإرهاب مع حركة طالبان الأفغانية"، خلال زيارة قام بها مؤخرًا رئيس المخابرات الباكستانية ووزير الخارجية إلى كابل. لكن المسؤول استدرك بالقول: "من المبكر الحديث عن تبادل المعلومات أو حدوث تعاون استخباراتي مستمر".

وأشار المسؤول الباكستاني إلى أنه "لا يمكن استبعاد أي تعاون مع كابل"، لافتا إلى أن بلاده ليست وحدها المهتمة بذلك، "بل دول أخرى مثل روسيا، قلقة بشأن داعش، ولذك لذلك يمكن أن يكون هناك تفاهمات إقليمية بشأن مكافحة الإرهاب".

على الرغم من تلك المخاوف الإقليمية، فإن إدارة بايدن تكافح من أجل إقامة شراكات عسكرية واستخباراتية أقوى مع جيران أفغانستان المقربين، كما قال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون للصحيفة. 

وقد رفضت باكستان وطاجيكستان حتى الآن استضافة القواعد الأميركية، التي من شأنها أن تسمح للولايات المتحدة بمواصلة الضغط "عبر الأفق" على التهديدات الإرهابية في أفغانستان.

وفي هذا الشأن قالت ليزا كورتيس، المستشارة السابقة لشؤون جنوب آسيا في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض "لا يزال الجزء الأكبر من الأصول العسكرية الأميركية المتاحة لضربة محتملة في أفغانستان في قطر، على بعد حوالي 1200 ميل، مما يجعل استخدامها مكلفًا ومحفوفًا بالمخاطر"، على حد تعبيرها.

وذكر رئيس القيادة المركزية الأميركية، الجنرال كينيث ماكنزي،  أنه "لم يتضح بعد" ما إذا كان بإمكان طالبان منع تنظيمي داعش والقاعدة من استخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات إرهابية دولية.

وأوضح في شهادته أمام الكونغرس في الشهر الماضي: "يمكننا الوصول إلى هذه النقطة، لكن ليس لدي هذا المستوى من اليقين حتى الآن".

ولدى تنظيم داعش في أفغانستان حوالي 2000 مسلح، وفقًا لأحدث تقديرات الأمم المتحدة، بينما يزيد عدد عناصر حركة طالبان عن 70 ألف مسلح.

لكن يخشى الكثير من الخبراء أن يزداد عدد مقاتلي داعش في حال حدوث انشقاقات في صفوف طالبان، لاسيما الأعضاء الساخطين والرافضين لسياسة الحركة الأخيرة والتي يصفونها بالمتساهلة والمتخاذلة.

هجمات مكثفة

وبعد سقوط كابل، شن تنظيم الدولة حملة من الهجمات المباشرة على قوات الأمن التابعة لحركة طالبان، بالإضافة إلى تصعيد العنف ضد الأقلية الشيعية في أفغانستان.

وفي موجة استمرت شهرًا منذ منتصف سبتمبر، نفذ تنظيم "ولاية خراسان" 47 هجومًا، تراوحوا بين الاغتيالات والاعتداءات على نقاط التفتيش العسكرية والتفجيرات الانتحارية في المساجد الشيعية التي أسفرت عن مقتل العشرات، وفقًا لتحليل أجرته شركة"إكستراك" "ExTrac" البريطانية غير الحكومية التي تراقب عنف المسلحين في أفغانستان ومناطق الصراع الأخرى.

وأوضح التحليل إن جميع الهجمات استهدفت مقاتلي طالبان باستثناء سبعة منها.

وتراجعت هجمات تنظيم داعش في السابق بشكل حاد بعد سلسلة من العمليات التي قادتها الولايات المتحدة طهرت إلى حد كبير الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم في شرق أفغانستان بين عامي 2018 و2020.

ومنذ ذلك الحين، انتقلت خلايا تنظيم داعش  إلى المناطق الحضرية حيث واصلت القوات الحكومية الأفغانية بدعم وثيق من الولايات المتحدة الضغط على الجماعة بشن غارات وعمليات برية أخرى.

وكانت طائرات الاستطلاع بدون طيار والدعم الجوي الأميركية تؤدي دورا أساسيا في القتال في ظل الحكومة الأفغانية السابقة، ولكن حتى مع هذا الدعم، لم تتمكن القوات الحكومية من القضاء على تنظيم داعش بشكل نهائي.

وقال تشارلي وينتر، محلل الإرهاب ومدير الأبحاث في "إكستراك": "في الوقت الحالي، فإن الفرع الأفغاني لتنظيم داعش يضع نفسه في موقع المعارضة العسكرية الأساسية لحكم طالبان".

وأردف : "هناك جهد واضح من جانب تنظيم خراسان للحصول على دعم أوسع من المجتمع الأفغاني، إذ أن قياديها يحاولون أن يصور أنفسهم على أنهم حركة عسكرية معارضة، وليست منظمة لديها أيديولوجية شديدة التطرف".

وأوضح وينتر، نقلاً عن تقارير ومقابلات أجراها باحثو إكستراك، إن طالبان ردت على تحركات داعش بتنفيذ اعتقالات جماعية - بما في ذلك اعتقال ما لا يقل عن 1500 شخص في إقليم نانغارهار ، بالقرب من الحدود الباكستانية.

"قادرون على هزيمتها بسرعة"

ويرى خبراء إن قدرة طالبان على الحفاظ على الأمن في المناطق الريفية التي كانت تحت سيطرتها لسنوات قد كانت عنصرا أساسيا في شعبية الحركة في أفغانستان.

وتعهدت قيادة الحركة مرارًا وتكرارًا بتوسيع هذا المستوى الأمني ​​على مستوى البلاد، لكن بعض أعضاء طالبان يعترفون بأن القيام بذلك يتطلب مهارات واستراتيجيات لا تمتلكها المجموعة.

ولكن القيادي البارز الذي رفض ذكر اسمه يقول: "عندما دخلنا كابل لم يكن لدينا قوة شرطة محترفة لكن التدريب بدأ ونحن نبنيها الآن.. و حتى الآن نواجه داعش بقوة".

وكانت قد انتشرت على بعض مواقع التواصل الاجتماعي صورا للعديد من الجثث في شرق أفغانستان مصحوبة بتحذيرات كتب فيها أن ذلك هو مصير أولئك الذين يعملون مع تنظيم داعش، ولكن لا يمكن التحقق من تلك الصور بشكل مستقل، فيما  رفضت قيادة طالبان الإفصاح عما إذا كان مقاتلو المجموعة هم المسؤولون عن تلك العمليات.

ويزعم قادة طالبان أنهم يخططون للرد بعملية واسعة النطاق لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الأسابيع المقبلة.

وقال عزيز أحمد توكل، العضو البارز في استخبارات طالبان في كابل، إن قواته تستعد للقتال من خلال توسيع شبكات المخابرات وتجديد معدات المراقبة الأميركية التي تركتها الحكومة الأفغانية السابقة، لكنه نفى تلقي مساعدة خارجية، موضحا أن مثل هذا التبادل للمعلومات يحدث فقط على أعلى المستويات في الحركة.

وتابع: "إذا كان شخص ما يعرف اللغة الإنكليزية، فيمكنه استخدام الإنترنت وبالتالي سوف نعرف كيفية استخدام تلك المعدات". وختم بالقول لذلك نعتقد أنه يمكننا هزيمة داعش.. وقريباً لن يتذكر أحد اسمهم".