ملاحظات تقرير ظل على تقرير مجلس نواب صنعاء وتوصياته لحكومة "الإنقاذ"

(1)
يحيى "الحوثي" وصف توصيات مجلس نواب صنعاء بالمواعظ، ومثّلها بقول إمام المسجد: "اتقوا الله".
كان محقا إلى حد بعيد رغم إن الوصف لازال اقل مما تستحقها تلك التوصيات من تقليل شأن..
الوحيدان اللذان رفضا التوصيات في لجنة إعدادها هو أنا وزميلي خالد الصعدي.

(2)
لنقارب الواقع نقول أن من يدعي اليوم أن هناك ثورة في 21 سبتمبر فهو غارق في الواهم، والواقع يكذب أي وهم من هذا القبيل إلا في حال وصفها بالثورة "الحوثية" أو الثورة المضادة..
توصيات مجلس نواب صنعاء المكررة والكسيحة والتي تمتلئ بالضعف والهشاشة، وأكثر منها الاشادة الفارغة من المجلس بالحكومة يدعو للطأطأة  والخجل..
ذهب رئيس المجلس إلى مقر الحكومة لعله مرتجيا حضورها، وعندما حضرت جاء بن حبتور يعتذر، بل وأبدأ استعداده أن يأتي كل أسبوع إلى المجلس ليرد على الأسئلة.. وهو مجرد كلام لا يُقصد به الواقع أو الحقيقة..
الحقيقة أنني قدمت قرابة المائة سؤال لحكومة بن حبتور بعضها مضى عليها أكثر من عامين لم يردوا عليها وزرائه، وأكثرها تم تغطيسها من قبل رئيس المجلس وسكرتارية الهيئة، ولم يتم مخاطبة الوزراء المعنيين حتى اليوم.
وأكثر من هذا أقر اليوم يحيى "الحوثي" أن أسئلة مضى عليها سبعة أشهر، ولم يتم موافاته بها إلا قبل يومين..
اليوم الواقع أسوأ مما كان، وأكثر منه إن هناك من يريد أن يقودنا إلى عهد أكثر ظلامية واستبداد وطغيان مما نحن فيه، واستبدل الأسواء بالأكثر سوءا.

(3)
وحتى توصيات المجلس المكررة والهزيلة لم يتحدث عنها رئيس وزراء صنعاء، بل تحدث عن الجنوب وعن" ثورة" 21 سبتمبر والمولد النبوي وغيرها من القضايا عديمة العلاقة بما يفترض إنه جاء من أجله.
تحدث حتى وبشت بطوننا، وحاولت الاعتراض أو الاحتجاج، غير أن رئيس المجلس أرخى الحبل على الغارب، ولم يقاطعه مقاطع.. ولم يتم لفت نظره ببنت شفة لتوجيه الحديث للموضوع الذي نحن بصدده أو يُفترض إنه جاء لأجله، بل كانت مقاطعته بما يشيد بالحكومة ويهدهد من روعها والتأكيد على واحدية الهدف بين المجلس والحكومة، وعلى نحو بعيد عن المهام والاختصاصات التي حددتها قواعد الدستور ونصوص اللائحة الداخلية للمجلس.
بدا رئيس المجلس وكيلا عن الحكومة، بل وأصيلا أكثر منها.. وبدت ما يُزعم إنها ثورة، متصحرة الوجه ومكفهرة البدن، وبدا الرئيسين مع بعض ودودين، ويشهد كل منهم للآخر ويعنيه.. مع تلميحات للنوايا القادمة للسلطة والتي بدت لي شخصيا إنها ستكون معجونة بالطيش والجحود والجنون، وأكثر استبدادا وكارثية..

(4)
حاولت الحديث في صلب الموضوع، وأفند عور توصيات المجلس، وقبل أن أبلغ ثلث الحديث تم قطع حديثي للحيلولة دون أن استمر، وتم قطع الميكرفون عني، وعندما كدت أعلن احتجاجي بالوقوف في مكاني مديرا ظهري لرئيس المجلس وللحكومة، تم احتوى احتجاجي بالسماح لي بمزيد من حقي في الكلام، وقبل أن ابلغ المنتصف تمت المقاطعة واغلاق الميكرفون، واعطاء الحديث لشخص آخر، فقررت اطلاع الناس على ما لدي، وما تم منعي في الحديث فيه، وإيراد بعض تفاصيل الجلسة التي حجبت لاحقا من محضر المجلس، وربما لا يتم بثها أو الحديث عنها.. وها أنا أفعل.

 (5)
القضاء :

جاء في تقرير المجلس للحكومة ما نصه (وبالرغم من أن الحكومة بذلت جهدا لا بأس به تمثل في استقبال دفع من الطلاب في المعهد العالي للقضاء لرفد الميدان بعدد من القضاة)..
ردي فيما يخص الدُفع التي استقبلها المعهد العالي للقضاء، والتي اعتبرها التقرير جهودا بذلتها الحكومة، ووصفها التقرير بأنها لا بأس فيها.. فأن الحقائق تقول غير هذا:
تم استقبال دفعتين هما الدفعة (23) والدفعة (24)  وما كشفته الأحكام القضائية، أحداها بات واجب النفاذ منذ أكثر من عام وصار عنوانا للحقيقة، وضمن ما تم كشفه هو أن وزارة العدل والمعهد العالي للقضاء لا يحترمان القضاء ولا ينفذان أحكامه ولا يهتمان بالأحكام إلا بقدر إعاقة تنفيذها، وزائدا عليها وجود مخالفات صارخة وصادمة للدستور والقانون في الإجراءات التي اتبعت في عملية القبول بالمعهد.
بل أنها تتضمن أيضا عدم احترام وزارة العدل والمعهد العالي للقضاء لأحكام القضاء التي بات إحداها عنوانا للحقيقة، ولاتزال الحكومة والمعهد حتى اليوم يتعنتان ويرفضان تنفيذها رغم حجيتها، ولاسيما بحق أربعين طالب على وشك التخرج من المعهد، رغم وجود حكم بات برسوبهم وعدم شرعية قبولهم..
وهناك شكاوي تقدم بها الطلبة إلى هذا المجلس، والذين كانوا قد تقدموا للتسجيل في المعهد، وقمتُ بتقديم سؤال لوزير العدل بهذا الخصوص، وحضر وزير العدل، وتم إحالة القضية إلى لجنة العدل، ورفضت رئاسة المجلس طلب لجنة الحريات باشتراكها مع لجنة العدل في النظر بالشكوى التي أهدرت حقوق الطلاب.
ولايزال الموضوع في لجنة العدل، حيث تتم المماطلة والتأجيل من قبل وزارة العدل بالردود وتأجيل الحضور لييأس الطلاب من المتابعة وبالتالي التسليم بالأمر الواقع الذي يجري فرضه عليهم بغلبة السلطة.
وفيما المتفوقين يُحرمون من الالتحاق بالمعهد، نجد الراسبين المحكوم عليهم مستمرون بالدراسة دون اعتراض.. ومع هذا ودون خجل يأتي تقرير المجلس الهزيل ليصف جهود وزارة العدل المبذولة بأنها لا بأس بها.
وبهذا الخصوص فإني أطالب من المجلس إلزام وزارة العدل والمعهد العالي للقضاء بسرعة البت في هذه القضية والشكاوى المقدمة للمجلس، وتحويل السؤال إلى استجواب للوزير تمهيدا لسحب الثقة منه، وتنفيذ الحكمين بصورة عاجلة ومن دون أي مطل أو تأخير..

(6)
الإعلام :

ورد في تقرير مجلس نواب صنعاء توصية إعداد خطة إعلامية للتوعية بأهمية المدن التاريخية..
وفي الواقع نجد وزارة الإعلام تقوم بمنع العمل الثقافي الذي يهدف إلى إظهار وتوثيق أهمية المدن التاريخية رغم حصول من يقومون به على تراخيص رسمية من الوزارة المعنية وهي وزارة الثقافة تجاوزا لاختصاصها وتحديا القانون.
وزارة الإعلام تتعدي على اختصاصات وزارة الثقافة، وتسيء استخدام السلطة، وما حدث للأستاذ عبدالرحمن الغابري وطاقم العمل من منع واعتقال ومصادرة كاميراتهم دليل ساطع على ذلك. علما إن الغابري وثق ليمنية سقطرى أربعة أفلام وأكثر من37 ألف صورة، ويتم اليوم منعه من تصوير صنعاء القديمة من قبل أولئك المتباكين زورا وزيفا على سقطرى في إعلام صنعاء.

(7)
القوى العاملة :

التوصية الواردة في البند 3 .. "توقيف مرتبات المنقطعين عن العمل لحين البت في موضوعها بعد انتهاء العدوان."
 هذه التوصية التي يصفها تقرير المجلس بأنها ضمن التوصيات التي يحرص المجلس على أن تولي الحكومة جل اهتمامها بها، وأنها من التوصيات التي لا تزال ملحة وضرورية، وتتطلب سرعة التنفيذ..
وملاحظاتي على هذه التوصية هي الآتي:
اولا : احب ان اعلم من قام بإعداد التقرير أنه لا يتم صرف مرتبات اصلا ليتم التوقيف..
ثانيا: ان هذا الشق من التوصية يتم تنفيذها بحذافيرها ولا يتم صرف اي فلس للمنقطعين..
وزائد على هذا أنه حتى  الغياب في 2020 و2021 يتم خصمه من هذا الفتات الذي هو نصف الراتب في الستة أشهر والمحسوب من 2018م.
وحتى حافز الـ 50 دولار التي تم منحها من قبل "اليونيسف" تم احتسابها بسعر البنك المركزي وهو 250ريال للدولار، وايضا تم خصم الغياب منها..
المفترض وما يجب أن يكون عليه الحال هو أن يتم الالتزام بدفع الراتب الشهري اولا بأول في موعده وبعدها يتم محاسبة المنقطعين..

(8)
التربية والتعليم:

_ البند 2 نص على إلزام الجهات المعنية بالبحث عن مصادر تمويل وصرف الاعتمادات المالية اللازمة لانتظام صرف رواتب المعلمين والعاملين في حقل التعليم باعتبار استمرار التعليم في حد ذاته جهادا وجبهة من أهم الجبهات.
ملاحظاتي على هذا البند:
اولا: لم يتطرق التقرير اطلاقا إلى صندوق دعم التعليم، والذي أقر هذا المجلس إنشاءه، ولا يعلمنا كم هي إيراداته؟ والى أين تذهب.. لا ادري لماذا ؟!
بل إن التقرير يتحدث وكأنه لا يوجد صندوق، وايضا كما لو أنه لا يعلم ولا يسمع بشأنه، بالإضافة إلى عدم علمه بما يسمى المساهمة المجتمعية التي تفرض على كل طالب دفع مبلغ ألف ريال شهريا على الأقل..
ثانيا: أخشى أن يكون هذا البند قد تم وضعه بعناية بهدف شرعنة ما يجري من تأجير لأحواش بعض المدارس وخصخصة بعضها.

(9)
التعليم العالي:  

جاء في التقرير: يشيد المجلس بتنفيذ الحكومة العديد من توصياته بشكل كامل والبعض منها بشكل متفاوت وجزئي... إلا أن المجلس لم يتلق البيانات والمعلومات التي تؤكد مدى التزام الحكومة بتنفيذ تلك التوصيات)...
الملاحظة:
- ما هو هذا التناقض العجيب في هذا التقرير؟!
كيف يشيد المجلس بتنفيذ الحكومة للعديد من التوصيات ويصفها بشكل كامل ومتفاوت وجزئي.. وفي نفس الوقت يقول: إلا أنه لم يتلق المعلومات والبيانات التي تؤكد مدى الالتزام بتنفيذ تلك التوصيات؟!!
اذا كنت لم تتلق معلومات ولا بيانات تؤكد مدى الالتزام؛ فكيف عرفت أنه بشكل كامل ومتفاوت وجزئي وعلى أي أساس تم تقييم ذلك؟!
وعلى ماذا تتم الإشادة ؟!!!!!!
ما تستحقه وزارة التعليم العالي هو البكاء حد نز العيون دما على خيبتها وخيبة التعليم في اليمن والتي أضاعت كل شيء له علاقة بالعلم والشروط والمعايير العلمية..
ليت نجد قليل من الحياء وهم يحدثوني عن 21 سبتمبر التي أضاعت التعليم من أوله إلى آخره.. ونالت من كل الشروط والمعايير العلمية، حتى باتت الشهادات العليا في صنعاء غير معترف بها خارج حدود اليمن، بل وحتى داخلها أيضا.

 (10)
المالية:

المجلس يشيد .. المجلس يشيد..
كثرت الاشادات.. اشادات بماذا والفساد عميم والجبايات في أوجها والحال كارثي بكل المقاييس؟!
انها اشادات فيما يتعلق بالترتيبات والجهود في الجبايات وزيادة الميزانية وفي نفس الوقت يتضح من التقرير أن الحكومة لا تقوم بتنفيذ التزاماتها المالية تجاه المجتمع، ولا حتى حيال الموظفين لديها..
الإيرادات تضاعفت مرات ومرات..
والسؤال الكبير أين تذهب هذه الإيرادات؟!
الموظفين بدون رواتب، والجبايات تزيد وتتضاعف ولا من يقل للجبايات كفى، ولا من يقل للموظفين سنصرف رواتبكم كل شهر، أو حتى راتب واحد دفعة واحدة..!!
وأكثر من هذا أحجم بل أمتنع وزير المالية عن موافاتنا بما كان يوافينا به قبلا من خطة الإنفاق أو بالأحرى ربع الموازنة أو خمسها بعذر أقبح من ذنب، وهو العذر البليد والمكرر "العدوان" ليبقى الفساد دون رقيب ولا أرقام..
مررها الراعي في المجلس صوريا بل ارتكب جريمة دستورية وقانونية بكل المقاييس بعد أن سحق ما بقي من دور رقابي لمجلس صنعاء وبطرقة مهينة بحق  الأعضاء وأخص منهم حملة شهادة الدكتورة الذين قبلوا بهذا التمرير المستفز والغير دستوري بل تم ارتكاب جريمة دستورية فظة وصارخة بهذا التمرير الصوري.. ثم يتحدثون عما يسمونها "ثورة 21 سبتمبر" بغرور وعجرفة..
إضافة: "واليوم نسمع فضيحة لا أول لها ولا آخر كشفها وزير التعليم في صنعاء يحيى "الحوثي" وهي إن جل الإيرادات لا تذهب إلى البنك المركزي في صنعاء بل تذهب إلى أشخاص.."

11
فيما يتعلق بمجال الكهرباء والطاقة:

ذكر التقرير أنه جاء في رد الحكومة أنها تعمل جاهدة في سبيل اتخاذ الاجراءات اللازمة أمام توصيات المجلس في إيجاد البدائل والعمل على تشغيل المحطات الرئيسية بما يسهم في التخفيف على المواطنين من الاستغلال الذي يتم من قبل أصحاب المولدات الصغيرة والتي تقوم بزيادة سعر التعرفة الكهربائية بشكل كبير وكذا زيادة رسوم الاشتراك الاسبوعية والرسوم الأخرى.
ملاحظاتي :
أولا كم سعر التعرفة الكهربائية لدى المولدات الصغيرة؟!
وكم هو لدى وزارة الكهرباء في المحطات التي تم تشغيلها؟!!
كم هو الفارق؟!!
الفارق بات يحتاج إلى عدسة مكبرة بعد أن تحولت وزارة الكهرباء من وزارة خدمية إلى وزارة ربحية.. وزارة جباية.. وأكثر منه إنها تتواطأ مع جشع أصحاب المولدات..
فهل سعر التعرفة 225 ريال للكيلو هو تخفيف لمعاناة المواطنين ؟!
ثانيا: نلاحظ أن التقرير عند ذكره للمشكلة يكرر تجاهله ذكر الصناديق التي أقرها المجلس لمواجهة هذه المشكلة.. ومن ذلك صندوق طوارئ الحديدة الذي تم إنشاءه بخصوص التخفيف من معاناة أبناء الحديدة والذي موارده مستمرة وفي نفس الوقت معاناة أبناء تهامة مستمرة أيضا على نحو يندى له الجبين..
وفوق ذلك لم يتم إعفاء أبناء تهامة من زيادة سعر التعرفة رغم التزام الحكومة بذلك..
ثم يدعون أنهم وحدويون ويمثلون كل الشعب ولا يميزون ولا يحيدون ولا يميلون..
(12)

 الزراعة والري:

نلاحظ أن التقرير بصدد وزارة الزراعة والري قد أغفل تماما التوصية المتعلقة بعدم فرض أي رسوم غير قانونية والتي التزمت بها الحكومة، مع أن وزارة الزراعة بالذات أصبحت تفرض رسوم غير قانونية ومتعددة..
والشكاوي بهذا الخصوص الى المجلس لم تتوقف.. وآخرها ما يسمى بالرسوم التعاقدية على مستوردي الحبوب والاعلاف، والتي قاموا بالتعاقد في ذلك مع إحدى الشركات المحلية لتتولى التحصيل، وبطريقة مخالفة للقانون، بالإضافة إلى أن هذه الشركة تبين بأنه ليس لديها ترخيص لمزاولة هذا العمل، وتم مخاطبة نائب الوزير من قبل لجنة الزراعة في المجلس للتوضيح والرد بمذكره تلتها ثلاث مذكرات تعقيبيه إلا أن الوزارة ترفض الرد.
 كما تم التخاطب في خصوص هذه القضية مع وزارة الصناعة والتجارة وكذلك التخاطب مع وزارة المالية من قبل اللجنة المالية بالمجلس، إلا أن الوزارة لا تزال مستمرة في فرض هذه الرسوم.
 بل وسبق أن أقر وزير الزراعة في رده على المجلس بأنه أصدر تعميما بذلك ولكن أشخاص في وزارته  ذكر تسمياتهم الوظيفية رفضوا الالتزام بذلك.  ولا ادري لماذا تجاهل التقرير هذه القضية بالذات ..
ثم يحدثونك عن الدولة والمؤسسات والثورة..