في ذكرى نكبة 21 سبتمبر.. خبيران "أمريكية وإيراني" لـ"خبر": يجب استنزاف إيران.. وأمريكا مهتمة باستمرار الحرب

بالتزامن مع ذكرى النكبة الحوثية المدعومة إيرانياً، التي أوقعت اليمن بين فكيها في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وضربت مختلف قطاعاتها الاقتصادية، تزامناً مع حملات اعتقال وملاحقة وإعدامات جماعية وفردية وتفجير للمنازل، فضلاً عن تسريح جماعي للموظفين، وامتناع كلي عن صرف المرتبات، علاوة عن الجبايات الشهرية وتشريع قانون الخمس.. تواصل المليشيا ارتكاب جرائمها بإيعاز أممي ودولي.
 
وأكدت مصادر مطلعة لوكالة "خبر"، أن المليشيا الحوثية سخّرت -كعادتها- مئات الملايين من خزانة الدولة، لإحياء ذكرى انقلابها على النظام الجمهوري عسكرياً في "21 سبتمبر"، فضلاً عن إتاوات فرضتها على القطاعين الحكومي والخاص.

وتساءل مراقبون، هل يحتفل الحوثيون بذكرى نزوح وتهجير أكثر من 4 ملايين يمني، أم بتفجير ومصادرة آلاف المنازل لمناوئيهم، وحملات الاختطاف والملاحقة للجنسين، وتعذيبهم الجسدي والنفسي حد الموت، وتسريح الموظفين، والتدمير الممنهج لبنى القطاعين الحكومي والخاص التحتية؟!

واعتبروا ذكرى النكبة، رسالة إلى دعاة السلام العالمي وأصحاب سياسة الكيل بمكيالين، الذين حوّلوا اليمن إلى ساحة حرب، لا سيما في ظل الصراع الأمريكي الإيراني واستفادت الأخيرة من الحوثيين للقيام بدورها في تنفيذ مشروعها في اليمن تمهيداً لتوسيعه في المنطقة ككل.

بالتزامن مع ذكرى نكبة 21 سبتمبر، تستعرض وكالة خبر، في سياق هذا التقرير، بعض ما تعرضت له القطاعات العامة والخاصة، وفق إحصائيات وثقتها بالأرقام فرق منظمات ومراكز رصد دولية وحقوقية، في مقدمتها ما تعرض له المدنيون من حملات اختطاف وتغييب وتعذيب حد الموت آلاف اليمنيين "ذكورا وإناثا"، ونصب المشانق للعشرات منهم، آخرهم 9 من أبناء تهامة، قامت باعدامهم السبت الماضي، بينهم قاصر يدعى عبدالملك الأسود، تعرض للتعذيب بالصعق الكهربائي والسحل بالسلالم حتى أصيب بالشلل وكسر في عموده الفقري، وفق حديث طبيبه الخاص، إضافة إلى معتقل عاشر توفي بالسجن تحت التعذيب، بتهمة كيدية مفادها اشتراكهم بقتل الصريع صالح الصماد، الذي لقي مصرعه بغارة جوية نفذتها مقاتلات في أبريل/ نيسان 2018م، أثناء تواجده في مدينة الحديدة.

ويتهم اليمنيون، مجلس الأمن والأمم المتحدة والولايات المتحدة، والمجتمع الدولي، الاضطلاع بجرائم المليشيا الحوثية وإيران في حق اليمنيين، إزاء الصمت المريب دونما رادع للبطش الحوثي، باستثناء بيانات إدانة لم تجرؤ على بتر خيط مصالحهما مع بعض، ما يحتم على اليمنيين أن يبحثوا لبلادهم عن مخرج من بؤرة الصراع الدولي وإيقاف التمدد الإيراني الذي بدوره يضمن الوصول إلى اتفاق سلام شامل وعادل لكل اليمنيين.

وأصبحت إيران، عبر سفيرها لدى الحوثيين بصنعاء "حسن إيرلو"، هي من تدير بشكل مباشر العمليات العسكرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية للحوثيين، وتصنع قراراتهم.

خبيرة أمريكية: يجب معاقبة الحوثيين كمجموعة وبشكل فردي

وعن كيفية تقليم أظافر إيران في اليمن والمنطقة، قالت الخبيرة الأمريكية في شؤون الامن القومي، ارينا تسوكرمان، لـ"خبر"، إن "هناك مجموعة من الأساليب والاستراتيجيات لوقف اللعبة الإيرانية في اليمن وإجبارها على الانسحاب من البلد الممزق".

وفنّدت "تسوكرمان"، تلك الاستراتيجيات بعدة نقاط أبرزها، "يجب إعادة فرض العقوبات المعوقة على النظام "الإيراني"، بحيث تستهدف على وجه التحديد كل ما يتعلق باليمن".

وتؤكد أن أهم ثاني خطوة هي ضرورة "معاقبة الحوثيين أنفسهم كمجموعة، وكذلك بشكل فردي"، وهو الأمر الذي كانت قد تراجعت عنه إدارة الرئيس الأمريكي بايدن في أول أيامها، وألغته رسمياً، بعد أن كانت إدارة سلفه "ترامب" قد أعلنت تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية".

ويعني تضارب القرارات الأمريكية، التقاء المصالح الإيرانية بالامريكية في بقاء حرب اليمن، بعكس زيف التراشق الإعلامي بين الأخيرة والحوثيين بين الفينة والأخرى.
 
في حين حملت "تسوكرمان" التحالف العربي في اليمن دوراً بارزاً في بقاء الحرب واستمرار التدخل الإيراني، ولذلك ترى أنه ثالث خطوة استراتيجية، "يجب أن يمارس التحالف العربي ضغوطا عسكرية كبيرة ضد الحوثيين وتدميرهم عسكريا".

وتذهب "تسوكرمان"، في رابع استراتيجية طرحتها إلى أنه "يجب أن تعاني المؤسسات الإيرانية من تأثير الهجمات السرية المدعومة من المجتمع الدولي".

وأشارت إلى أنه "عندما ينتهي الأمر بأن تشكل اليمن صداعا لإيران وتصبح أكثر تكلفة من كونها منفعة، عندها فقط ستبدأ طهران في تقليص نفوذها وقطع الدعم عن الحوثيين بأكثر من طريقة".

خبير إيراني: الولايات المتحدة مهتمة باستمرار أزمة اليمن

ورداً على تساول "خبر"، تجاه استراتيجية إيقاف حرب اليمن في ظل الصراع الدولي ذي المصالح المتعددة عبر أذرعه في البلاد، يظهر الخبير في الشؤون العسكرية والدفاعية، والضابط الإيراني المنشق، "بابك تقوايي"، متشائماً من حسمها المبكر، لا سيما في ظل عدم رغبة الرئيس الأمريكي جو بايدن بذلك باعتبار أمريكا لاعب أساسيا في هذه الحرب التي ترى أن استمرارها تخدم مصالحها الدولية، وتحديدا في صراعها مع إيران.

وقال الخبير في الشؤون العسكرية والدفاعية، والضابط الإيراني المنشق، "بابك تقوايي"، إن "القصة المحزنة هي أن الحكومة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس جو بايدن مهتمة باستمرار أزمة اليمن. لقد وضعوا الكثير من العثرات أمام السعودية وغيرها في المعركة ضد الحوثيين".

وأضاف "الحوثيون مثل العديد من المليشيا الأخرى المدعومة من قبل آيات الله معرضون للهزيمة. لكن التغيير في تكتيكات الحرب وأيضا التغيير في حكومة الولايات المتحدة سيكون مفيدا في إنهاء هذه المشكلة أو على الأقل السيطرة عليها مثل الماضي".

أكذوبة السلام العالمي

النتائج على الأرض والاستدلالات الدولية، تُجمع على أن رغبة السلام الأمريكي المزعوم، مجرد حبر علي ورق، وامنيات يتم وأدها في المهد من الرعاة انفسهم، وان الشيء الوحيد الذي صدق جميعهم قوله هو "حل حرب اليمن بايدي اليمنيين انفسهم"، فهم من يقرر ذلك حال رغبوا بانقاذ ما تبقى انقاذه، بعد سبع سنوات من القتل والتهجير والسحل الذي تظهر احصائياته الحقيقية اضعاف ما وثقتها فرق رصد المنظمات الدولية، فهل يقبل الحوثيون ولو لمرة تغليب مصلحة البلاد على مصالحهم الطائفية والعقائدية، واتخاذ القرار دون الرجوع إلى طهران؟

انتهاك بحق النساء

وبالتزامن مع إحياء المليشيا الحوثية ذكرى النكبة التي ألحقتها باليمن في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، كشف تقرير حديث ‏للشبكة اليمنية للحقوق والحريات، توثيق قرابة 7 آلاف انتهاك حوثي ضد النساء اليمنيات، خلال 6 سنوات موزعة على 19 محافظة منها 1691 حالة قتل و3741 حالة إصابة و770 حالة اعتقال واختطاف و195 حالة إخفاء قسري و70 حالة تعذيب.

بينما قال تقرير صادر عن تكتل حقوقي يمني، إنه خلال الفترة ديسمبر 2017م إلى ديسمبر 2020م، تم سجيل نحو 71 حالة اغتصاب و4 حالات انتحار. ومن حيث الفئة العمرية للمعتقلات، يقول التقرير، إن عدد المعتقلات تحت سن 18 يزيد عن 293 حالة، بالإضافة إلى توثيق عشرات الحالات لأطفال من الذكور والإناث تم احتجازهم مع أمهاتهم المعتقلات. كما أن من بين المعتقلات 8 ينتمين للطائفة البهائية.

وتفاوتت الانتهاكات بين القتل، والتشويه، والاحتجاز، والاعتقال والاختطاف والتعذيب، والعنف الجنسي، إذ تعرضت النساء المعتقلات للاغتصاب من قبل مشرفين وفي سجون الحوثي، وسجلت حالات انتحار لفتيات معتقلات في السجن المركزي بصنعاء ولم يسمح الحوثيون ‏بالكشف الطبي على المعتقلات، والتحقيق في أسباب الوفاة داخل مراكز الاحتجاز.

ضحايا الألغام

وعن ضحايا الألغام التي قدّرت تقارير منظمات دولية أن الحوثيين زرعوا منها منذ بدء الحرب في البلاد، أكثر من مليوني لغم أرضي وفردي وعبوة غير منفجرة معظمها مموهة، في مناطق متفرقة قبل أن يتم دحرها منها، بأكثر من 17 محافظة يمنية، كشف تقرير أصدرته لجنة الحقوق الحكومية بمحافظة الجوف، يوم السبت 18 سبتمبر/ أيلول الجاري، مقتل وإصابة 910 أشخاص بينهم نساء وأطفال خلال ثلاث سنوات فقط، بسبب الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها مليشيا الحوثي بالمحافظة نفسها.

في حين كشف تقرير ائتلاف حقوقي يمني، "مهتم برصد وانتهاكات حقوق الانسان"، صادر في أبريل/ نيسان الماضي، بالتزامن مع اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام، قتل وإصابة أكثر من 4600 شخص بينهم نساء وأطفال على مدى الـ6 أعوام الماضية جراء الألغام.

تدمير 750 مسجداً

في حين طالت انتهاكات الحوثيين أكثر من 750 مسجدا، تعرض من بينها 76 مسجدا ومركز تحفيظ للقرآن للتدمير الكلي، فيما البقية طالها القصف بالسلاح الثقيل والنهب لكافة محتوياتها وتحويلها إلى مخازن للسلاح، بحسب تقرير نشرته وزارة الأوقاف في الحكومة الشرعية منتصف يوليو 2019م.

كما وثقت هيئة حقوقية مدنية، تفجير الحوثيين 810 منازل في 17 محافظة، لمواطنين معارضين لمشروعها الانقلابي، وذلك خلال الفترة من 1 سبتمبر 2014 وحتى 30 يونيو 2020.

وتصدرت محافظة تعز عدد المنازل التي طالها التفجير بواقع 149 منزلا، تلتها البيضاء بتفجير 124 منزلا، ثم إب بتفجير 120 منزلا.

4 ملايين نازح

النكبة التي شهدتها اليمن في 21 سبتمبر/ أيلول 2021م، لم تتوقف عند هذا الحد، حيث قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في فبراير/ شباط 2021م، إن هناك ما يقارب 2. 6 مليون شخص من أصل 4 ملايين نازح في البلاد على شفا حفرة من خطر المجاعة، بينما يأوي معظم النازحين داخليا في أجزاء من البلاد قد تم تقييمها على أنها تعاني من نقص حاد في الغذاء أو أنها في أوضاع شبيهة بالمجاعة.

وأن نحو 64 بالمائة من العائلات النازحة ليس لديها مصادر دخل، بينما يكسب آخرون أقل من 50 دولاراً أمريكياً في الشهر لتغطية احتياجاتهم المعيشية.

يذكر أن أعداد الضحايا البشرية والمادية أكبر مما أوردته تقارير وإحصائيات المنظمات، حيث تعجز بعضها عن الوصول إلى الكثير من المناطق، في حين تتحفظ مئات العائلات عن الإدلاء بمعلومات حول ضحاياها وخسائرها خشية التنكيل الحوثي بها، في ظل عدم رغبة المجتمع الدولي بردعها وترك المواطنين يواجهون مصيرهم بأنفسهم.