مواقف متناقضة في طهران.. لماذا "تخشى" إيران من طالبان؟

قالت مجلة "فورن بوليسي" الأميركية إن ظهور إمارة أفغانستان الإسلامية يطرح مجموعة من التحديات بالنسبة لإيران، يتردد صناع القرار في طهران في الخوض فيها علانية على الرغم من التواصل والدعم الذي قدمته طهران للحركة قبل وبعد سيطرتها على أفغانستان الشهر الماضي.

وتضيف المجلة في مقال تحليلي نشر، الأربعاء، أن السيناريوهات المقلقة بالنسبة لإيران تشمل انقلاب طالبان ضدها أو على الأقلية الشيعية وكذلك خوفها من انتشار "الجهاد السني" داخل إيران.

وتشير إلى أن أقل ما تسعى إليه إيران هو علاقات عمل ودية مع حكومة طالبان التي تم الإعلان عنها مؤخرا.

وتتابع المجلة القول: "كما هو الحال في العراق، تفضل طهران حكومة مركزية قوية بما يكفي لكبح جماح الجهاديين لكنها ضعيفة بما يكفي لتكون مرنة سياسيا ولا تشكل تهديدا عسكريا". 

ولتجنب حرب أهلية أخرى عبر حدودها الشرقية، تواصل إيران التأكيد على الحاجة إلى حكومة أفغانية شاملة، لكن الأوان ربما يكون قد فات، وفقا للمجلة، التي أشارت إلى أن الحكومة المعينة حديثا في كابل لا تضم أي أقليات عرقية، بل شملت البشتون فقط، بما في ذلك المتشددين منهم.

وحتى الآن، تقول المجلة، إن طالبان امتنعت إلى حد كبير عن مضايقة الهزارة، وخلافا لحكم طالبان قبل عام 2001، سمحت لهم حتى بالاحتفال بعيد عاشوراء عند الشيعة. 

لكن عندما احتلت طالبان بازارك عاصمة وادي بنجشير الذي تسيطر عليه المعارضة، وجهت طهران انتقادات لها لاعتماد القوة بدلا من التفاوض.

ما الذي تخشاه إيران؟

في أسوأ الحالات، فإن تجدد الحرب الأهلية من شأنه أن يهدد مرة أخرى الحدود الشرقية لإيران، ويمكن أن ترسل الحرب المزيد من اللاجئين والأسلحة والمخدرات عبر الحدود ناهيك عن المتشددين الموالين لمجموعة من الميليشيات السنية المتطرفة ذات الأجندات المختلفة. 

وحتى من دون اندلاع نزاع أوسع نطاقا في أفغانستان، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت طالبان ستقوم أو يمكنها أن تقوم بتأديب هذه الجماعات المتشددة وتكبح أنشطتها عبر الحدود. 

تؤكد المجلة أن "رهان إيران الحذر على تعاون طالبان يؤتي ثماره حتى الآن".

وبناء على طلب طالبان، استأنفت إيران شحنات البنزين والديزل إلى أفغانستان، وعادت تجارة إيران مع أفغانستان، التي تعد من بين أكبر خمسة أسواق للصادرات الإيرانية خارج النفط، إلى طبيعتها في جميع المعابر الحدودية الرسمية الثلاثة. 

وعلاوة على ذلك، دعت طالبان إيران إلى حضور حفل تنصيب الحكومة الجديدة، إلى جانب باكستان والصين وروسيا وتركيا وقطر.

مواقف متناقضة

ومع ذلك، تبين المجلة، أن حركة طالبان أثارت مواقف متناقضة داخل النخبة الحاكمة في المؤسسة الإيرانية في الأشهر الأخيرة.

فقد أشاد عضو البرلمان الإيراني البارز، أحمد نادري، بطالبان لتخليها المفترض عن الأيدلوجية، وكذلك اشادت وسائل إعلام إيرانية تابعة للحرس الثوري أو للمرشد الإيراني كصحيفة كيهان، بالتحول المفترض لطالبان.

بالمقابل لا يزال آخرون ينتقدون طالبان بشدة ومنهم رجل الدين الشيعي صافي غولبايغاني الذي حذر من "الوثوق بميليشيا لديها سجل من الحقد والقتل". 

بعدها بفترة وجيزة تراجعت صحيفة كيهان عن تأييدها الأولي، وحذرت من أن طالبان سعت إلى السلطة المطلقة وقمع الأقليات العرقية في أفغانستان. 

ويستنتج كاتب المقال أن "الولايات المتحدة قد تكون خسرت أفغانستان، لكن ليس من الواضح ما إذا كان هذا الأمر يشكل مكسبا إيران". 

ولدى إيران تاريخ من العداء مع طالبان السنية، خاصة منذ أن قتلت الحركة دبلوماسيين إيرانيين في مدينة مزار الشريف في 1998، بعد حلقة من العنف قام فيها أحد قادة التحالف الشمالي، المدعوم من إيران، بذبح عدة آلاف من أسرى طالبان.

وتعتبر طالبان أن إيران الداعم الرئيسي للتحالف الشمالي، وهو مزيج من الأقليات العرقية والدينية التي حاربت حركة طالبان السنية ذات الغالبية البشتونية في التسعينيات.