تعرف على أشهر الخرافات عن لقاح كوفيد-19

انتشرت الخرافات والقصص الكاذبة حول لقاحات كوفيد-19 على نطاق واسع ضمن مجموعات الفيسبوك التي تضم عددًا كبيرًا من الآباء والأمهات، الذين يتجاهلون المصادر العلمية الموثوقة -وعلى رأسها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها- التي تؤمن المعلومة الصحيحة. لعل أبرز هذه الخرافات ادعاءات بأن اللقاحات تسبب العقم. علمًا أن انتشار الخرافات الطبية والمعلومات الخاطئة ليس ظاهرةً جديدةً، بل مشكلةً مستمرةً في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، يبدو أنها تفاقمت بوتيرة أسرع مع انطلاق جائحة كوفيد-19. تسارعٌ يعزوه البعض إلى حداثة المرض، ما دفع الكثيرين إلى التشبث بنظريات المؤامرة والحقائق الزائفة في سياق بحثهم عن إجابات.

يعرض المقال أشهر هذه الخرافات ورد الخبراء المعنيين عليها:

خرافة: أُنتج لقاح كوفيد-19 على عجل، ولا يمكن التأكد من أمانه بعد لأنه ما زال جديدًا.

يصف أصحاب هذه الخرافة الأشخاص المطَعمين بأنهم استُخدموا بمثابة فئران تجارب علمية، لكنه توصيف خاطئ كليًا حسب فاسيليوس مارغريتيس، عالم الأوبئة وعضو هيئة التدريس بجامعة والدن، إذ يقول: «رغم أن لقاحات كوفيد-19 قد جرى تطويرها في وقت قياسي، فهذا أحد أعظم إنجازات البحوث الطبية؛ إنها نتيجة تعاون علمي دولي غير مسبوق خُصصت له موارد مالية وبشرية هائلة».

أوضح العالم أن تقنية صنع هذه اللقاحات موجودة بالفعل منذ سنوات عديدة، ومن ثم تمكن مصنعو اللقاحات من تطوير هذه اللقاحات اليوم استنادًا إلى الجهود الحثيثة السابقة، إضافةً إلى التمويل الضخم والجهود الحالية التي أسهمت جميعها في المضي قدمًا نحو تطوير اللقاح عندما دعت الحاجة إليه.

قال مارغريتيس: «أُجريت جميع التجارب المخبرية والسريرية وفق أكثر القواعد والمعايير الأخلاقية صرامةً، دون المساس بسلامة المشاركين، وصودقت اللقاحات بسرعة لاستخدامها في حالات الطوارئ وتجاوز العقبات البيروقراطية، لا بهدف سلك طرق مختصرة أو تجاوز مراحل في عملية صنع اللقاح».

تواصل إدارة الغذاء والدواء (FDA) والمجتمع العلمي حتى الآن مراقبة عملية التطعيم من كثب في جميع أنحاء العالم لضمان سلامة السكان المطعمين، على حد تعبيره.

خرافة: لقاح كوفيد-19 يسبب العقم.

وفقًا لعالمة الأوبئة وخبيرة الصحة العامة في بارنتنغ بود، إليزابيث بياتريز، انبثقت هذه الخرافة من رسالة ضمت معلومات خاطئة حول محتوى اللقاحات في البداية، وقالت: «مع أن المعلومات خاطئة، فإنها انتشرت كالنار في الهشيم».

أوضحت أيضًا أن العديد من النساء المشاركات في تجارب اللقاح حملن بعد وقت قصير من التطعيم، ما يعني أنهن لم يصبن بالعقم بسبب اللقاح، مؤكدةً على أهمية التطعيم قائلةً: «من المهم بالنسبة إلى النساء الحوامل أو اللواتي يفكرن في الحمل أن يحصلن على اللقاح، لأن إصابتهن بكوفيد-19 في أثناء الحمل تزيد خطر حدوث عواقب وخيمة».
خرافة: يُعد لقاح كوفيد-19 مسؤولًا عن موت عدد كبير من الأفراد.

أوضح مارغريتيس أنها خرافة شائعة جدًا لسبب واحد واضح، وقال: «إن المنظومة الوطنية للإبلاغ عن الأحداث الضائرة للقاح (VAERS) تستقبل تقارير جميع المشكلات الصحية بعد التطعيم وتحللها، إذ يستطيع أي شخص تقديم تقرير إلى المنظومة، حتى عامة الناس، لكن التقرير لا يعني أن اللقاح تسبب في المشكلة الصحية المكتشفة، بما فيها الوفاة».

توفر منظومة VAERS معلومات مهمة لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) وإدارة الغذاء والدواء (FDA)، معلومات من شأنها دعم التحقيقات والإجراءات عندما تقتضي الحاجة، لكن قراءة الكثير من هذه التقارير قد يحمل أثرًا مضللًا دون الاستفادة منها أو من خلفيتها العلمية.

يقول مارغريتيس: «عندما نطعم ملايين الأشخاص على مستوى العالم، سيموت للأسف الكثير منهم لأسباب لا علاقة لها باستجابة أجسامهم للقاح».

نعلم الآن أن كوفيد-19 قد تسبب بوفاة 600,000 شخص تقريبًا في الولايات المتحدة وحدها، ما يجعل العدوى نفسها السيناريو الأكثر خطورة.
خرافة: يؤدي التطعيم في فترة الحمل إلى الإجهاض.

نشأت هذه الخرافة من معلومات مشابهة لخرافة العقم، ما يجعلها غير دقيقة أيضًا؛ تقول بياتريز: «حصلت العديد من النساء على اللقاح في أثناء الحمل ونجحن في ولادة أطفال يتمتعون بصحة جيدة، من ضمنهن النساء اللاتي كنّ جزءًا من التجارب السريرية (اللاتي حملن بعد التطعيم) والنساء اللاتي جرى تطعيمهن في أثناء الحمل منذ أن أصبح اللقاح متاحًا على نطاق أوسع».
خرافة: إمضاء الوقت مع الأشخاص المطعمين سيضرك، حتى لو لم تحصل على اللقاح، لأنهم «يفرزون الفيروس».

يبدو أن الخرافات المتعلقة باللقاحات تعزز مخاوف الأفراد، إذ لا تقنع مصدقيها بعدم تلقي اللقاح فقط، بل تشجعهم أيضًا على عزل أنفسهم عن أقرانهم الملَقحين.

يعمل اللقاح عبر تعزيز الاستجابة المناعية لدى الشخص المطعَّم؛ توضح بياتريز: «لا يسبب اللقاح مرضًا قد ينتشر إلى أشخاص آخرين، ولن يؤذي الشخص الذي جرى تطعيمه، بل سيحفز استجابةً مناعيةً صحية، ولن يسبب ضررًا للأشخاص من حولهم».
خرافة: قد يموت طفلكِ عند إرضاعه بعد حصولكِ على اللقاح.

قالت بياتريز: «لا يوجد أي بحث يدعم هذا الادعاء، وبناءً على آلية عمل اللقاحات، لا يوجد سبب للإيمان بأن اللقاح يضر الأم أو طفلها»، وتضيف: «في الواقع، أظهرت بعض الأبحاث أن التطعيم يحمي أطفال النساء اللواتي حصلن على لقاح كوفيد-19 في أثناء مرحلة الرضاعة الطبيعية، وذلك عبر مشاركة الأجسام المضادة التي تنتقل إلى الرضيع عبر حليب الأم».
خرافة: لا يحمي اللقاح من الإصابة بكوفيد-19.

قال مارغريتيس: «نحتاج إلى توضيح الفروقات بين فاعلية الأنواع المختلفة من اللقاح، مثل الفاعلية في منع العدوى والفاعلية في منع الإصابة العرضية أو الحادة».

في حالة لقاح كوفيد-19، أُوضح أن جميع تجارب المرحلة الثالثة تقريبًا أُعدّت خصيصًا لتقييم فاعلية الوقاية من الإصابات العرضية أولًا، والفاعلية ضد العدوى والإصابات الشديدة ثانيًا.

ويضيف: «بحسب قصد الدراسة، تشير فاعلية اللقاح البالغة 95٪ إلى خفض خطر إصابة الشخص الملقح بأعراض مرضية بنسبة 95٪ مقارنة بشخص غير ملقح».

«رغم امتلاكنا بيانات مشجعة حول قدرة اللقاحات الموزعة في الولايات المتحدة على منع حدوث العدوى تمامًا بعد اللقاح، فإننا لسنا متأكدين بعد من ذلك؛ وعليه يُحتمل إصابة المطعمين بالعدوى بعد تلقي اللقاحات، لكن شدة الإصابة ستغدو أخف مقارنةً بإصابات غير الملقحين».

قد يستغرق الأمر بعض الوقت للتحقق من مدى فاعلية اللقاح في منع العدوى، لكن هذا لا يعني أنه لا يحمي من كوفيد-19.
خرافة: سيغير لقاح كوفيد-19 حمضك النووي.

ينتشر أحيانًا سوء الفهم حول لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) وكيفية عملها داخل الجسم؛ يقول مارغريتيس: «تُحقن لقاحات mRNA ضد كوفيد-19 في الذراع لتعليم الخلايا العضلية طريقة صنع جزء من البروتين الشوكي الخاص بفيروس كورونا المستجد، وتحصل بعدها استجابة مناعية تجاه هذا البروتين، تجعل جهاز المناعة مدربًا على مواجهة الفيروس عند دخوله إلى الجسم وقادرًا على مهاجمته».

أُوضح أن الجسم يصنع mRNA بصورة طبيعية، لكن mRNA الموجود في اللقاحات لا يُصنع في نواة الخلايا ولا يدخل إليها، حيث يوجد حمضنا النووي.

«إضافةً إلى ذلك، تدمر الخلية الـmRNA الموجود في اللقاحات بعد قراءة التعليمات، لذلك لا ينتشر هذا mRNA في أجسامنا، بل يمنحنا درجةً أعلى من الحماية المناعية فقط».

بمعنى آخر: حمضك النووي آمن، وأي شخص يقول خلاف ذلك لا يفهم آلية تصميم هذه اللقاحات وعملها.
خرافة: إذا أُصبت بكوفيد-19، فلا داعي للحصول على اللقاح.

تقترح بياتريز سببين يجعلان الحصول على اللقاح أمرًا ضروريًا للجميع، حتى أولئك الذين أصيبوا سابقًا بالعدوى، إذ تتحدث عن أولهما قائلةً: «يبدو أن المناعة التي تحصل عليها من الإصابة بكوفيد-19 تستمر مدة شهرين فقط، بينما تستمر المناعة التي يوفرها اللقاح فترةً أطول، وعليه فإن إصابتك القديمة قد تعني عودة الخطر من جديد، أما تلقيك اللقاح بعد إصابة حديثة نسبيًا سيجعلك محميًا فترةً أطول».

في حديثها عن السبب الآخر، سلطت بياتريس الضوء على وجود أنواع متعددة من كوفيد-19 حاليًا، وعليه توفر الإصابة بالفيروس مرةً واحدةً فقط مناعةً ضد نوع محدد من الفيروس، بينما يبدو أن اللقاح يقلل من مخاطر مجموعة متنوعة من متغيرات الفيروس.
فصل الحقيقة الطبية عن الخيال

غالبًا ما تنتشر خرافات اللقاحات لأنها تخاطب مخاوف الناس الموجودة، دون نسيان نشرها في بعض الحالات عن قصد؛ أوضحت بياتريس أن: «معظم هذه الادعاءات بدأت على يد مناهضي التطعيم الذين نشروا على مدى عقود ادعاءات كاذبة حول اللقاحات أربكت العامة»، وتضيف: «إن الادعاءات مضللة عن عمد وتستغل مخاوف الناس».

تبرز هنا أهمية الانتباه إلى مصدر المعلومات وتحققك منا شخصيًا بالبحث عن مصادر موثوقة، إذ قالت بياتريس: «إن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تمثل أبرز مصادر المعلومات الموثوقة، إذ توفر لنا المعلومات بلغات متعددة وتتطرق إلى هذه المخاوف»، مع إشارتها إلى إمكانية التواصل مع الطبيب الشخصي ومسؤولي الصحة العامة على المستوى المحلي.

تقول أيضًا: «لا تخافوا من طرح الأسئلة، توجد الكثير من المعلومات الخاطئة، ومعرفة مصدر هذه المعلومات يساعدك على امتلاك الحقائق التي تحتاجها لتكون آمنًا».
«نحن في طريقنا نحو تحقيق مناعة القطيع مع تزايد عدد السكان البالغين الملَقحين، لكننا لن نصل إليها إلا إذا التزم مزيد من الناس بحماية أنفسهم والآخرين، ما يجعل فضح خرافات اللقاح أكثر أهمية بكثير».

المصدر