«الإيبولا» طائر الموت يحط فى غرب إفريقيا

ظهر الإيبولا بشكل مفاجئ وغير متوقع فى غرب إفريقيا معه تغيرت حياة كل إنسان فى الدول المنكوبة بعد أن تسلل الإيبولا والرعب المصاحب لانتشاره إلى الكثير من المناطق والقرى والمنازل والأجساد والعقول وحافظات النقود أيضا!!

«عواقب كارثية اقتصادية واجتماعية وصحية» حذرت منظمة الصحة العالمية من حدوثها نتيجة تفشى فيروس الإيبولا وتزايد معدلات الإصابة به فى غرب إفريقيا. فإنتشار الإيبولا الحالى فى غينيا وسيراليون وليبيريا ومن المحتمل نيجيريا وصف بأنه الأكثر فتكا على الاطلاق. وإذا استمر الوضع فى التدهور يمكن أن تكون العواقب كارثية فيما يتعلق بالخسائر فى الأرواح وما ينجم عن ذلك أيضاً من إضطراب اقتصادى إجتماعى حاد فضلاً على خطورة انتشار الفيروس إلى دول أخرى.

ومع تخطى الأعداد الرسمية للوفيات ألف حالة بدأت الآثار غير المباشرة لإنتشار الإيبولا فى الظهور. وكان لإنتشار الإيبولا، وماتبعه من إجراءات إحترازية وعمليات حجر وعزل صحى اتخذتها دول المنطقة وباقى دول العالم للحد من انتشاره، أثره الاقتصادى والإجتماعى فى الدول الأفريقية المصابة. فقد تأثر قطاع السياحة بشدة وتقلصت حركة السفر والتجارة من وإلى الدول الأفريقية المصابة. وأدت تداعيات انتشار الإيبولا إلى إبطاء الإنتاج فى قطاعى الزراعة والتعدين مما مثل ضربات موجعة لنمو الناتج المحلى الإجمالى الذى كان قد ارتفع فى وقت سابق بعد تدفق الاستثمارات الأجنبية على تلك الدول التى تعتمد على تصدير ثرواتها الطبيعية بشكل كبير.

وعلق مختار ديوب نائب رئيس البنك الدولى لمنطقة افريقيا بأن الشىء المشترك بين الدول الثلاث المنكوبة هو أنها دول هشة مما يعنى أنها كانت تعتمد على الدعم الدولى فى الأوقات العادية وهذه الصدمة الخارجية الجديدة التى تواجهها فى الوقت الحالى تشدها أكثر إلى الوراء.

وقال وزير مالية ليبيريا أمارا كونيه إن انتشار المرض قد كلف بلاده فى الفترة بين أبريل ويونيو الماضيين 12 مليون دولار وهو ما يوازى 2% من إجمالى الموازنة. وسيكون على ليبيريا تخفيض توقعاتها المتعلقة بالنمو الإجمالى التى كانت تقدر قبل الأزمة بـ 5.9% من الناتج المحلى.

أما وزير خارجية سيراليون سامورا كامارا فقد إعترف لوكالات الأنباء بأن بلاده لن تكون قادرة على تحمل نفقات مكافحة الوباء. وأضاف قائلا : "عليك أن تحول مسار الموارد الطبيعية ومسار قطاع الطاقة وأن تبطئ حركة جميع الأوجه الأخرى للتنمية الاقتصادية الحقيقية لتكافح مرضا ظهر لنا من لا مكان".

أما فى غينيا فقد أظهرت التقديرات الأولية للخسائر التى قدمها الصندوق والبنك الدوليين أن نمو الناتج المحلى الإجمالى لغينيا سيتراجع من 4.5% إلى 3.5%.

وقال البنك الدولى أن الزراعة تأثرت فى غينيا وسيراليون وليبيريا بسبب فرار المزارعين من المناطق الزراعية المنكوبة حيث يتهرب بعض مرضى الإيبولا من العلاج الطبى ويختبئون فى قراهم. وكنتيجة منطقية للتباطؤ فى الزراعة والنقل وتقلص النشاط فى الأسواق الشعبية زادت التوقعات بإرتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية والسلع الأخرى لتحدث حالة تضخم تفقد معه العملات قيمتها الشرائية. ومع التخوف من إرتفاع الأسعار زادت التوقعات بميل سكان المدن إلى تخزين السلع الغذائية خوفا من تطبيق إجراءات الحجر والعزل الصحى على المناطق المنكوبة مما قد يرفع أسعار المواد الغذائية.

وفى العاصمة الليبيرية مونروفيا قال سكان إن حالة الطوارىء بسبب فيروس الإيبولا والخوف والتشكك الناجمين عنه أدت إلى تعطل مظاهر الحياة اليومية وأثرت على كل شىء إبتداء من الباعة الجائلين وصولا إلى أجرة سيارات التاكسى.

فبسبب الخوف من العدوى، وإنتشار فيروس الإيبولا من خلال ملامسة سوائل جسم الانسان أو الحيوان المريض، لا تأخد سيارات التاكسى حاليا سوى راكبين إثنين فقط فى المقعد الخلفى بدلا من أربعة فى الأوقات العادية مما أدى إلى رفع الأجرة.

ومن جانبها قررت منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولى للنقل الجوى (اياتا) تشديد الاجراءات المتعلقة بتفتيش المسافرين وأوقفت بعض شركات الطيران الرئيسية مثل الخطوط الجوية البريطانية وطيران الإمارات وشركة آى سكاى الجوية الافريقية رحلاتها إلى الدول المتأثرة بالإيبولا كما يهرب الأجانب هناك من خطر الإيبولا مما قلل من مستوى الاستهلاك وأدى لهبوط فى العائدات المالية بسبب تراجع النشاط فى المطارات والفنادق.

وبدأت معظم الشركات الأجنبية الرئيسية العاملة فى غينيا وسيراليون وليبيريا فى تقليص تحركات موظفيها بالاضافة إلى إتخاذ إجراءات صحية وقائية. وبدأت بعض الشركات فى سحب العمال وأجلت شركات آخرى مشروعاتها إنتظارا لتطور تفشى المرض.وحذر البنك الدولى من أنه إذا استمر إجلاء العمال الأجانب المهرة فسيتقلص إنتاج عمليات التعدين فى المنطقة المتأثرة بشكل كبير. وهو ما دفع المسئولين فى ليبيريا وسيراليون إلى مناشدة كبار المستثمرين عدم التخلى عن بلادهم بسبب الإيبولا.

وعلى الرغم من تعهد البنك الدولى وبنك التنمية الأفريقى بتخصيص 260 مليون دولار لمساعدة الدول الثلاثة الأكثر تأثرا بالوباء فإن رعب الإيبولا إجتاح المجتمع والأسواق بالدول المنكوبة ناشرا الرعب والمرض والموت فى كل مكان!!