اتفاق على ملفات مهمة.. تفاصيل بيان الحوار الاستراتيجي العراقي الأميركي

بلهجة ودية وردت فيها كلمات التعاون والشراكة والصداقة بشكل متكرر، أصدرت بغداد وواشنطن بيانا مشتركا عقب انتهاء الجولة الثالثة من جولات الحوار الاستراتيجي بين البلدين.

وناقش الجانبان، اللذين يخيم على علاقتهما تهديدات الجماعات المسلحة في العراق بـ "استهداف القوات الأميركية وسفارة واشنطن في بغداد"، ملفات "الأمن والاقتصاد والطاقة والبيئة".

وقال الطرفان في البيان إن "دور القوات الأميركية وقوات التحالف قد تحول الآن إلى المهمات التدريبية والاستشارية على "نحو يسمح بإعادة نشر المتبقي من القوات القتالية خارج العراق".

وشارك في هذه الجولة ممثلون عن حكومتي بغداد وواشنطن برئاسة وزيري خارجية البلدين فؤاد حسين وأنتوني بلينكن، بالإضافة إلى ممثلين عن إقليم كردستان.

وقال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في تغريدة عقب انتهاء المباحثات "أنه متفائل" بالطريق الذي تسير فيها العلاقات بين البلدين.

وجدد البلدان تأكيدهما على أهمية مبادئ اتفاقية الإطار الاستراتيجي، فيما جددت الولايات المتحدة تأكيد احترامها لسيادة العراق وسلامة أراضيه وللقرارات ذات الصلة والتي صدرت عن السلطتين التشريعية والتنفيذية العراقية.

الملفات الاقتصادية

وبدا أن الملفات الاقتصادية كانت – بحسب التركيز عليها في البيان – من أهم الملفات التي ناقشها الجانبان الذين قالا إنه "إدراكا للصعوبات التي تسبب فيها وباء "كوفيد-19" وما نتج عنه من انكماش اقتصادي عالمي، أكدت الولايات المتحدة والعراق من جديد شراكتهما الاقتصادية القوية".

كما أشادت الولايات المتحدة بالعراق للخطوات التي اتخذتها مؤخرا نحو الانضمام إلى اتفاقية نيويورك للتحكيم، وإدخال نظام تأشيرات الدخول عند الوصول لتعزيز التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي.

وقال البلدان إنهما يعتزمان "العمل بشكل وثيق مع بعضهما فيما يلتزم العراق بتنفيذ الإصلاحات من أجل تنويع اقتصاده، وتحسين مناخ العمل، وتقديم المساعدة لإنشاء قطاع خاص أكثر حيوية.

 وجدد الوفد الأميركي التأكيد على أنه بـ"إمكان الشركات الأميركية تقديم المساعدة في تنويع الاقتصاد العراقي من خلال الاستثمار في المشاريع التي من شأنها خلق فرص العمل وتحسين الخدمات العامة والمساعدة في تطوير موارد الطاقة في البلاد."

جائحة كورونا

وناقش البلدان أهمية زيادة التعاون بينهما لمكافحة جائحة كورونا. حيث ساهمت الحكومة الأميركية بتقديمها الأموال لتجديد وتجهيز مختبرات الصحة العامة العراقية، وتبرعها بأجهزة فحص فيروس كورونا ومعدات الحماية الشخصية بالإضافة إلى تدريبها علماء الأوبئة العراقيين على سبل تحديد والاستجابة لحالات تفشي الأمراض الحالية والمستقبلية.

وأعربت الولايات المتحدة عن دعمها للجهود التي بذلها العراق لإصلاح قطاع الطاقة من أجل توفير طاقة كهربائية رخيصة بانقطاعات اقل للمواطنين.

وأكد البلدان دعمهما لقرار العراق الخاص بتنويع مصادر طاقته من خلال بناء وتقوية أواصر العلاقات مع دول الجوار كالأردن ودول مجلس التعاون الخليجي، والمضي قدما في مشاريع ربط الشبكة الكهربائية.

 وأشار كل من العراق والولايات المتحدة إلى نيتهما المشتركة لمعالجة حالة الطوارئ المناخية والعمل معا لتعزيز الطاقة النظيفة ومكافحة تغير المناخ، بما في ذلك العمل مع القطاع الخاص في الولايات المتحدة، من خلال تنفيذ المشاريع التي تعزز تنمية الطاقة النظيفة، وتحسين سبل توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية وتطوير كفاءة انتاج الطاقة، ومعالجة الغاز المصاحب لاستخراج النفط.

وقال البيان إن مثل هذه المشاريع تزيد من المساهمة في تنفيذ التزامات العراق تجاه اتفاقية باريس للتغير المناخي وهذا "تطور إيجابي ترحب به الولايات المتحدة".

وناقش البلدان التعاون مع الهيئات العلمية الأميركية لمساعدة العراق في تحسين إدارة وحماية موارده البيئية والطبيعية بما فيها الموارد المائية.

كما رحبت الولايات المتحدة بالتقدم المحرز في العلاقات ما بين الحكومة الاتحادية في العراق وحكومة إقليم كردستان بتوصلهما إلى اتفاق بشأن الموازنة والطاقة والقضايا الاستراتيجية الأخرى.

وجددت الولايات المتحدة تأكيدها على احترام سيادة العراق وسلامة أراضيه وحرية التعبير التي يكفلها الدستور العراقي.

وناقش الوفدان السبل التي يمكن للولايات المتحدة ان تدعم من خلالها الحكومة العراقية فيما يخص توفير الحماية للمتظاهرين السلميين ونشطاء المجتمع المدني وتحقيق المساءلة القانونية.

ورحب العراق بدعم الولايات المتحدة للانتخابات البرلمانية من خلال تمويلها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق.

واتجه البلدان بشكل مشترك إلى تمديد الحد الأقصى لمدة صلاحية تأشيرات الدخول للدبلوماسيين والوفود الحكومية لتصل إلى عامين، وبالتالي تقليص التأجيلات الإدارية في كلا البلدين، ما "سيضمن ذلك سهولة أكبر في السفر والتواصل المباشر بين الحكومتين".

النازحون والفساد الإداري

وجددت الولايات المتحدة عزمها المستمر على دعم العراق في التوصل لحلول دائمة فيما يخص النازحين داخليا بحيث تكون هذه الحلول طوعية وآمنة وكريمة، بالإضافة إلى تقديم المساعدة للفئات التي تعرضت للإبادة الجماعية من قبل داعش.

وناقش البلدان العمل على تحقيق المزيد من التقدم في مجالات التعاون القضائي واستعادة الممتلكات وفي مكافحة الفساد.

وفي النقاشات المتعلقة بالأمن ومكافحة الإرهاب أعاد الطرفان التأكيد على رغبتهما المشتركة بمواصلة التنسيق والتعاون الثنائي، كما أكد البلدان أن وجود القوات الأميركية في العراق جاء "بناء على دعوة الحكومة العراقية لغرض دعم القوات الأمنية العراقية في حربها ضد داعش."

الانسحاب من العراق

 وفي ضوء تطور قدرات القوات الأمنية العراقية توصل الطرفان إلى أن دور القوات الأميركية وقوات التحالف قد تحول الآن إلى المهمات التدريبية والاستشارية على "نحو يسمح بإعادة نشر المتبقي من القوات القتالية خارج العراق، على أن يتفق الطرفان على التوقيتات الزمنية في محادثات فنية مقبلة".

وقال البيان إن هذا التحول في طبيعة مهمات القوات الأميركية والقوات الدولية الأخرى من العمليات القتالية إلى التدريب والتجهيز والمساندة يعكس "نجاح شراكتنا الاستراتيجية ويضمن دعم الجهود المتواصلة للقوات العراقية لضمان أن داعش لن تهدد استقرار العراق مجددا".

وجددت الحكومة العراقية التزامها بحماية أفراد وقوافل التحالف الدولي والبعثات الدبلوماسية التابعة لدوله.

وقد شدد البلدان على ان القواعد التي يتواجد بها أفراد التحالف هي قواعد عراقية وهم موجودون فيها حصرا لدعم جهود العراق في الحرب ضد داعش.

وينوي البلدان مواصلة المحادثات عبر لجنة عسكرية مشتركة لضمان انسجام عمليات التحالف الدولي مع احتياجات القوات الأمنية العراقية، وبضمنها قوات البيشمركة.

أما في مجال التعليم العالي والتعاون العلمي والثقافي، فقد ناقشت الحكومتان دعم الولايات المتحدة للجهود التي يبذلها العراق لتعزيز التعليم العالي بالتعاون مع الجامعات الأميركية من خلال برنامج فولبرايت (Fulbright)، ومبادرة شراكة التعليم العالي للسفارة الأميركية (Higher Education Partnership Initiative)، والدعم الأمريكي الموسع لمبادرة الجامعات في المناطق المحررة (Liberated Universities Initiative).

كما يعتزم البلدان تحديد سبل إضافية لدعم خطط العراق الرامية لإصلاح التعليم العالي وتعزيز الشراكات الجامعية بين العراق والولايات المتحدة.

تراث العراق 

واستعرض الوفدان التقدم المحرز في جهودهما المشتركة للحفاظ على التراث الثقافي الغني للعراق والتنوع الديني وأكدا عزمهما على التعاون لإعادة الممتلكات الثقافية العراقية التي أدخلت إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، إلى مكانها الصحيح في العراق.

ومن أمثلة ذلك استعادة الحكومة العراقية، في شهر آب الماضي، إرشيفا يعود لحزب البعث المحظور كان محفوظا بشكل مؤقت في مؤسسة هوفر (Hoover Institute).

وقدمت وزارة الخارجية الأميركية المساعدة بتسهيل إجراءات نقل هذا الأرشيف، حيث نقلت وزارة الدفاع الأميركية 6.5 مليون وثيقة إلى بغداد.

وقد أدان البلدان الأعمال الإجرامية لحزب البعث المحظور ضد الشعب العراقي. وناقش البلدان التقدم الذي أحرز فيما يتعلق بمنحة أميركية لمؤسسة سميثسونيان (Smithsonian Institute) خاصة بمواصلة وتوسيع مشروع إنقاذ نمرود (Nimrud Rescue project)، دعماً لأهداف العراق بالحفاظ على التراث الثقافي.

وناقش الوفدان الاستفادة من المعارض الافتراضية في نشر المنجزات الثقافية والتاريخية للشعب العراقي حول العالم.

وجدد البلدان تأكيدهما على أهمية العلاقة الاستراتيجية بينهما وعزمهما على مواصلة اتخاذ الخطوات المناسبة لتعزيزها.

 كما رحبت الولايات المتحدة بفرصة اعادة تأكيد وتعزيز شراكتها مع العراق. وتتطلع الحكومتان إلى مزيد من المناقشات حول القضايا المذكورة أعلاه في اجتماع لجنة التنسيق العليا للحوار الاستراتيجي والذي سيعقد في وقت لاحق.