تقرير غربي يكشف لأول مرة تفاصيل دقيقة عن فشل إيران في غزو اليمن في بداية القرن الـ21

كشف تقرير غربي أن هناك علاقة أيديولوجية عميقة بين إيران والحوثيين تعود إلى عام 1979. كما كشف عن محاولة إيران غزو اليمن منذ بداية القرن الـ21.

وقال موقع "عين أوروبية على التطرف" (يوروبيان آي) في تقرير أعده أوفيد لوبيل، -وهو باحث ومحلل سياسي رفيع المستوى في مجلس الشؤون الأسترالية، إن إيران قامت بتدريس عائلة الحوثي وشركائها بعناية، واستخدمتها لتدبير الانقسام الأيديولوجي في حركة إحياء الزيديين.

واعتبر التقرير أن الحروب الست بين الحوثيين والحكومة اليمنية من 2004 إلى 2010 كانت في الواقع تمرداً واحداً على مراحل للضغط على حليف للولايات المتحدة وقهر اليمن في نهاية المطاف، وضمها إلى عالم بلا حدود من التفويض الإلهي للمرشد الأعلى الإيراني.

وأوضح أن تمرد حركة "الشباب المؤمن" (المسمى الأول لجماعة الحوثيين) في عام 2004 كان مخططا له بعناية منذ فترة طويلة وجزءا من هجوم إيران الإقليمي الأوسع لتطويق المنطقة.

وقال التقرير إن "حركة الشباب المؤمن" صُممت على غرار منظمات متطابقة تحمل اسما في لبنان وإيران، وأصبحت المكون الأساسي لحزب الله.

ورأى التقرير أنه لا شك في أن السفارة الإيرانية في اليمن لعبت دورا محوريا في توجيه تمرد الشباب المؤمن الحوثي منذ بداية 2000م. على سبيل المثال، في عام 2013، أجبر سفير إيران محمود حسن علي زاده على إنكار غير مقنع للتقارير التي تفيد بأن إيران كانت تدير عصابة تجسس ضخمة في اليمن منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

في الواقع، يوضح التقرير، في عام 2005، حُكم على يحيى حسين الدليمي بالإعدام بسبب هذا الدور. لاحظ القاضي أن: "الدليمي كان على تواصل بالسفير الإيراني وطلب منه دعم "منظمة شباب صنعاء" وسافر إلى إيران وتواصل بالدولة الإيرانية لدعم شقيقه في اليمن للقيام بثورة إسلامية، وأخذ مجموعة لتدريبهم ورسم سياسة لمنظمتهم".

على خلفية استخدام إيران لسفارتها في اليمن، ذكرت الولايات المتحدة في عام 2009 أن الحكومة اليمنية أوقفت إصدار تأشيرات للإيرانيين للحج، لأن الحكومة اليمنية كانت تشك بسفر الإيرانيين عبر صعدة إلى السعودية.

ليس هناك شك كبير أن بين أولئك الذين سافروا عبر أراضي الحوثيين في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانوا عملاء الحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية للمساعدة في الإشراف على التمرد ونقل التعليمات والخبرات والأموال والأسلحة المحتملة.

علاوة على ذلك، أبلغت السفارة الأمريكية في صنعاء أيضا أن إيران تدير مستشفى في صنعاء. لا يسع المرء إلا أن يتكهن، ولكن بالنظر إلى سابقة موثقة جيدا لاستخدام كوبا القسري لموظفيها الطبيين في الخارج لأعمال استخباراتية، فمن المرجح أن هذه المستشفيات كانت بمثابة مقار إيرانية ونقاط تأثير أيضا. كانت الحكومة اليمنية قلقة للغاية بشأن هذا الأمر لدرجة أنها أغلقت المستشفى في عام 2009.

كما كشف التقرير أن دعم إيران للحوثيون ليس مجرد صخب جانبي لتطويق السعودية كما يروجه له المحللون، بل هم في الواقع ساحة المعركة الرئيسة في تصدير إيران لثورة آية الله الخميني، المحرك لجميع السياسات الإيرانية منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية.

الحوثيون، بحسب التقرير، بعيدون عن كونهم حركة محلية، هم عنصر أساسي وعضوي للثورة الإسلامية الإيرانية وكانوا كذلك على الدوام. في الواقع، للمرة الأولى منذ عام 1979، تمكنت إيران من استنساخ نفسها بالكامل دون التقيد بأي قيود ديمقراطية أو ديكتاتوريات قائمة كما هو الحال في لبنان وسوريا والعراق وأفغانستان وأماكن أخرى، مما يجعل الحوثيين أكثر تجارب إيران نجاحا في تصدير أيديولوجيتها حتى الآن.

وأشار ان الحوثيين ليسوا زيديين، لكنهم في الواقع حركة إثنا عشرية جديدة انبثقت عن حركة النهضة الزيدية، التي نشأت منذ عام 1979، وتتصرف بالكامل تحت قيادة وسيطرة إيران.

وبعيداً عن كونه عرضا جانبيا تكتيكيا إيرانيا لتقويض المملكة ردا على التدخل السعودي الذي غالبا ما يصوره المحللون، فإن العلاقة الإيرانية مع الحوثيين هي في الواقع أول فرصة لإيران منذ الثورة في عام 1979 لفرض نسخة طبق الأصل من نظامها الديني.

إيران ودعمها للقاعدة

بحسب التقرير، لم يعتمد الإيرانيون على القوى الشيعية فقط لزعزعة استقرار المنطقة. بالاعتماد على شراكة إيران الطويلة الأمد مع القاعدة ودعمها منذ أوائل التسعينيات، شجعت طهران أنشطة أبو مصعب الزرقاوي - الذي تطورت جماعة "القاعدة في بلاد الرافدين" لاحقا إلى داعش - ووفرت المأوى لقيادة القاعدة، حتى مع استمرار جماعة أسامة بن لادن في هجماتها على أهداف وحلفاء غربيين.

وبعد إعلان الحرب الأمريكية ضد الإرهابيين العابرين للحدود، رسخ الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح نفسه بقوة في المعسكر الأمريكي ضد الحرب على الارهاب وضد فرع القاعدة في اليمن. لذلك، قامت إيران بتنشيط الحوثيين لتقويض الحملة ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية والضغط على حليف للولايات المتحدة بينما تنتقم في نفس الوقت من صالح.

صالح نفسه قال لصحيفة نيويورك تايمز في عام 2008: إنهم [إيران] يدعمونهم [الحوثيين] ... تماما كما يدعمون حسن نصر الله ... وأيضا لتصفية حساباتها مع الولايات المتحدة. بالطبع لا يمكن لإيران الوصول إلى الولايات المتحدة، لذا هم يصفون حساباتهم مع الولايات المتحدة في دول أخرى، سواء في الدول العربية مثل اليمن، أو غير ذلك.

رحلات مكوكية بين إيران والسودان

وتعود العلاقة بين جماعة الحوثي والحرس الثوري الإيراني إلى عام 1979، عندما زار قادة الشيعة اليمنيين من جماعة الحوثي إيران لتهنئة الخميني على قيام دولة إسلامية. وخلال ثمانينيات القرن الماضي، درس بعض قادة الحوثيين نوع إيران المتشدد من الشيعة في مدرسة قم الدينية على أمل أن يتمكنوا من محاكاة الأساليب المستخدمة في الثورة الإسلامية الإيرانية في الداخل في اليمن.

وفي عام 1982، وهو العام الذي تم فيه الاعتراف بحزب الله رسميا لأول مرة كمنظمة في لبنان، أسس الباحث الحوثي صلاح أحمد فليتة (والد المتحدث الرسمي الحالي باسم الحوثيين محمد عبد السلام) أول حركة ثورية إيرانية في اليمن.

تطورت هذه الحركة إلى (اتحاد الشباب المؤمن) حوالي عام 1986، وفي هذه المرحلة عاد بدر الدين من المنفى -من إيران على الأرجح- وانخرط بانشطتها بعمق. بحسب التقرير.

وقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست في عام 1983 أنه في شمال اليمن، "كان عملاء إيرانيون يساعدون المتآمرين المنشقين، وقد استخدم المنفيون اليمنيون (الملكيون انذاك) في السعودية دبلوماسيين إيرانيين في شمال اليمن لتهريب المسلحين والتوجيهات".

إلى جانب الرحلات العائلية إلى إيران –يقول التقرير- بدأ شيعة لبنانيون وعراقيون مجهولون السفر إلى اليمن للدراسة في مراكز تعليم الحوثيين وإنشاء الحسينيات الإثنا عشرية.

وخلال هذه الرحلات إلى إيران في التسعينيات، وفقًا للدكتور عصام العماد، طور حسين "علاقات عميقة وودية مع آية الله علي خامنئي" واستوعب كل أفكار روح الله الخميني وخامنئي والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.

واستقر كل من حسين وشقيقه عبد الملك في مركز إيران الديني، قم، حيث دعا حسين الجمهورية الإسلامية وحزب الله ليكونا نموذجا لليمن، وكتب كتابا بعنوان "إيران في فلسفة حسين الحوثي".

ووفقا للخبير الأمريكي أراش عزيزي، سافر حسين إلى سوريا وإيران في التسعينيات بحثا عن تأسيس حزب الله في اليمن -على الرغم من أن الإيرانيين لم يعتقدوا بعد أن الوقت قد حان.

واكد أن حسين الحوثي نفذ رحلات مكوكية بين إيران والسودان في التسعينيات، "بزعم تعزيز تعليمه الديني"، في وقت كان السودان قاعدة العمليات الأمامية للحرس الثوري الإسلامي.

وقال: "فور عودته إلى اليمن، قام حسين الحوثي بأمر من إيران، بإنشاء فصيل رسمي، بدأ العمل به منذ عام 1996 تحت مسمى "أتباع الشعار". والشعار المعني -شعار الحوثيين اليوم- هو نسخة موسعة من الشعار الإيراني: الصرخة الخمينية".