خبراء دوليون لـ(خبر): قرار بايدن تجاه اليمن شجَّع إيران على زيادة نفوذها ودعم الحوثيين للتصعيد

اعتبر استشاريون وخبراء في شئون الشرق الأوسط، أن قرار الإدارة الأمريكية الجديدة برفع مليشيات الحوثي من قائمة الإرهاب، شجع المليشيات على الإقدام على مغامرات غير محسوبة من خلال التصعيد في مارب والسعودية.

وقال صامويل رماني، محلل وخبير بريطاني في شؤون الشرق الأوسط واليمن في تصريح لوكالة خبر: أعتقد أن قرار بايدن برفع التصنيف الإرهابي عن الحوثيين شجع الحركة وأعطى إيران أيضاً إحساساً بالإفلات من العقاب.
وأضاف: "ربما لم يكن لتصنيف الإرهاب تأثير رادع كبير على الحوثيين، لكن رفعه شجع طموحات إيران في اليمن".

واعتبر أن لقاء مندوبة الصليب الأحمر الدولي بحسن إيرلو رسالة مثيرة للاهتمام للوصاية الإيرانية - وأن إيران تحاول بالتأكيد شرعنة مؤسسات الحوثيين في صنعاء.

فيما ربطت إيرينا تسوكرمان، محامية ومحللة أمريكية متخصصة في شؤون الأمن القومي، بين عدم تسمية السعودية للحوثيين كطرف مسؤول عن الهجوم على رأس تنورة، يتمثل في أن إدارة بايدن تسعى بشكل علني للتوصل إلى صفقة مع إيران وأصدرت بياناً قاسياً قالت فيه إنها لن تقدم "شيكاً على بياض لحلفاء الشرق الأوسط" المعارضين لـ"المصالح الأمريكية"، مما يشير إلى أن استرضاء إيران هو بطريقة ما مصلحة أمريكية، على الرغم من حقيقة أن مجمعاً أمريكياً بالقرب من مواقع أرامكو كان أيضاً هدفاً.
 
وقالت، إن قرار بايدن برفع تصنيف الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية أدى إلى تأجيج الحرب، لأن الحوثيين اعتبروه إشارة إلى أنهم لن يتعرضوا للضغط ولن يواجهوا أي مساءلة مهما فعلوا.

وبحسب تسوكرمان، فإن إدارة بايدن زعمت أن إبقاء الحوثيين على القائمة السوداء سيضر بالجهود الإنسانية في اليمن، في حين أن الأمر عكس ذلك تماماً. إذ إن تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية كان من شأنه أن يجبر المنظمات الدولية والدول على توجيه المساعدات عبر قنوات أكثر شرعية، مثل التحالف العربي، الذي كان من الممكن أن يكون لديه فرصة أفضل في أن يوصل المساعدات إلى معظم الشعب اليمني، بدلاً من تحويل مساره لصالح مجهود الحوثيين الحربي.

وفيما أكدت أن إدارة بايدن مدركة تماماً لهذه الحقيقة، كشفت أن السبب الحقيقي لرفع الحوثيين من القائمة الإرهابية هو التودد لإيران على أمل أن يؤدي ذلك إلى عودة خامنئي إلى طاولة المفاوضات، كبادرة حسن نية من جانب واحد.

وقالت، في الواقع، تواصل إيران رفض المشاركة في المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة، وتصدر سلسلة لا تنتهي من المطالب غير المقبولة، وتستغل الفرصة لتعزيز قبضتها على اليمن علانية، كما نرى في صورة لقاء السفير الإيراني بصنعاء، مع ممثلة الصليب الأحمر الدولي.

وفيما دعمت إيران الحوثيين حتى قبل اندلاع الحرب في عام 2015، فقد قامت بتهريب أسلحة عبر عمان إلى الحوثيين، وسهلت تدريبهم عبر حزب الله، لافتة -تسوكرمان-إلى أنه ومع ذلك، لسنوات عديدة، أنكر الحوثيون والإيرانيون العلاقة التي ساعدتهم على تجنب الأضواء والمساءلة.

وأشارت إيرينا تسوكرمان إلى أنه عندما انتشر وباء كورونا وسافر قادة الحوثيين سراً إلى إيران عبر لبنان وعُمان، فقد اتخذوا تدابير لتجنب أن يُنظر إليهم على أنهم بيادق في يد طهران، على الرغم من حقيقة أنه بحلول ذلك الوقت كانت تلك العلاقة واضحة بالنسبة لهم.

وقالت إن دعم إدارة بايدن الكامل للعودة إلى سياسة عهد أوباما المتمثلة في الانحياز إلى إيران ضد السعودية، جعل طهران تشعر بالراحة الكافية لإظهار من هو الرئيس حقاً في اليمن، وأن الحوثيين كانوا دائماً مجرد دمى متطرفة من قبل إيران وتستخدم لدفع أجندتها في اليمن والمنطقة بأسرها.

وأكدت أن أول علامة على ذلك كانت عندما أرسلت إيران سفيرها سراً إلى صنعاء لتأسيس وجود رسمي داخل البلاد وتوضيح أن إيران تدعم الحوثيين دبلوماسياً وعلناً، وليس مجرد وكيل سري.

وبحسب الباحثة تسوكرمان، فإن إيران تقوم الآن بعقد اجتماعات رسمية من خلال ذلك السفير مع المنظمات الدولية، مما يدل على أن إيران هي المسؤولة حقا ويمكنهم استبعاد الوسيط (الحوثيين) الذي كان مفيدا حتى الآن والتحدث عن القضايا الداخلية بشكل مباشر دون الرجوع إلى الحوثيين.

فيما أكد مسؤول أممي، رفض الكشف عن هويته، أن الحوثيين استفادوا من الاستراتيجية الجديدة للإدارة الأمريكية وتحول سياسة بايدن تجاه اليمن وأسهم ذلك في زيادة النفوذ الدبلوماسي لإيران وشجعها في زيادة دعم الحوثيين في التصعيد للهجوم على مدينة مارب شمال اليمن.

وفيما يخص التصعيد في هجمات الحوثيين على المملكة العربية السعودية خاصة الهجوم الأخير الذي استهدف منشأة رأس تنورة، قال المسؤول الأممي: تبدو رأس تنورة بعيدة جدًا عن اليمن، لذلك ربما نفذها آخرون.

وأضاف، لكنني أشك نوعاً ما في أن هجوم رأس تنورة قد يكون رداً على الضربات الأمريكية في سوريا الأسبوع الماضي، والتي كان من المفترض أن تكون بمثابة إشارة إلى إيران.

وتابع "أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجوم على المنشآت النفطية في سبتمبر 2019، وتبين لاحقاً بشكل واضح أنهم لم ينفذوا تلك العملية - والأرجح أنها نفذتها إيران بشكل مباشر أو وكلاؤها في العراق".

إلى ذلك قال بروس ريدل، ضابط استخبارات أمريكي ومدير معهد بروكينغز: تُظهر إيران بشكل كبير أنه بعد ست سنوات من الحرب، أصبحت طهران هي النفوذ الأجنبي المهيمن في اليمن.

وأضاف: إيران لها موطئ قدم في شبه الجزيرة العربية على باب المندب.

فرناندو كارفاخال، عضو سابق في فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، ذكر أن ممثلة الصليب الأحمر الدولي ارتكبت خطأ فادحاً عندما اجتمعت بحسن إيرلو، لكن منذ أن التقى المبعوث مارتن بإيران، يعتقد الجميع أنه يمكنهم فعل الشيء نفسه.

وبخصوص الهجمات الأخيرة التي استهدفت السعودية مؤخراً، أكد كارفاخال أنها "فوضى غير منتظمة... المملكة ليست مستعدة للحرب مع إيران".

*الصورة: Getty Images