أموال المانحين لليمن.. فساد ونهب وصفقات مشبوهة

أخفق مؤتمر المانحين الذي شاركت السويد وسويسرا في استضافته لدعم اليمن في جمع 3.85 مليار دولار للعمليات الإنسانية في البلد الذي يشهد حربًا ضروساً للعام السادس على التوالي، وخرج بجمع 1.77 مليار دولار فقط.

إخفاق الوصول للمبلغ المطلوب وللعام الثالث على التوالي يعكس عن هوة كبيرة بين مجتمع المانحين والوسيط وهما هنا المنظمات الإنسانية ووكالات الإغاثة الدولية والأممية بعد تزايد الحديث عن عمليات فساد تشوب العمل الإنساني ورشى ونهب للمساعدات.

فالمؤتمر الذي عقد العام الماضي ونظمته السعودية فشل كذلك في جمع 2.41 مليارات دولار، لتغطية تكاليف المساعدات الإنسانية ومواجهة فيروس كورونا في اليمن ولم يتعهد المانحون سوى بـ 1.3 مليار دولار، حتى إن الأمم المتحدة أعلنت منتصف العام الماضي أنها لم تتسلم إلا منتصف المبلغ المعلن عنه.

وقال تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية باليمن، إن الأمم المتحدة "تسلمت 558 مليون دولار فقط، من أصل 1.35 مليار دولار تعهد بها المانحون قبل نحو شهر لدعم الاستجابة الإنسانية باليمن".

وفي مؤتمر المانحين من العام 2019 جمعت الأمم المتحدة مساعدات قدرت بـ 2.6 مليارات دولار، بزيادة 30 بالمئة على مساعدات العام الذي سبقه 2018 والتي قدرت بـ2.01 مليارات دولار، وفي 2017م جمعت الأمم المتحدة 1.1 مليار دولار وفي العام 2016 تعهد المانحون بـ 1.35 مليار دولار.

غير أن جميع هذه الأموال لا أثر لها على أرض الواقع في ظل تزايد عمليات الفساد وتبادل الاتهامات بنهب المساعدات والاستحواذ عليها واستخدامها لتموين جبهات الحوثي، وتحويلها لأنصاره والمقربين منه.

وبرغم تعليق الأمم المتحدة لأنشطة وكالاتها الانسانية للعمل في مناطق الحوثيين بعد اتهام واضح من قبل برنامج الغذاء للمليشيات بسرقة الغذاء من أفواه الجياع والاستحواذ على جزء كبير من المساعدات، وإصرار المليشيات على نظام مشبوه لتوزيع المساعدات، إلا أنها عادت وبذريعة الخوف من تدهور الوضع الإنساني للعمل مع المليشيات.

ويقدر خبراء اقتصاديون حجم المساعدات التي حصلت عليها المليشيات الحوثية من الأمم المتحدة ومنظماتها بنحو 8 مليارات دولار منذ العام 2015م حتى الآن.

إضافة إلى ذلك يؤكد مراقبون أن الحرب أصبحت مورداً من موارد الأمم المتحدة والتي تجنب جزءا كبيرا من هذه التعهدات المعلنة لصرفها كنفقات تشغيلية لإدارة العمليات الإنسانية في اليمن، فيما يتحصل المواطنون في اليمن على الجزء اليسير من أجل أخذ صور توثيقية.

ولفتوا إلى غياب مبدأ الشفافية لدى الأمم المتحدة التي حولت معاناة اليمنيين إلى ورقة ربحية بالنسبة لها، ولذا ستظل تعمل على طول عمر بقائها بيدها وإطالتها لعمر الحرب في هذا البلد المثخن بجراحه.

وبحسب المراقبين، فإن فساد المنظمات ووكالات الإغاثة نتيجة غياب الرقابة الشعبية والرسمية، حيث تنفق تلك المنظمات قرابة 60 بالمئة من المساعدات تحت بنود "رواتب - تذاكر سفر- نثريات سفر- إيجار مقرات ومركبات تنقل" وبأرقام خيالية، فضلا عن صفقات فساد مشبوهة.

وشددوا على ضرورة تقييم مستوى وصول المساعدات إلى مستحقيها من المحتاجين وعدم صرف الجزء الأكبر منها كنفقات إدارية وتشغيلية، إضافة إلى وضع معايير لضمان عدم استخدام المساعدات الإنسانية في استمرار الصراع في اليمن وذلك من خلال التحكم في المساعدات وطريقة توزيعها بعدما كشفت التحقيقات عن استغلال مليشيات الحوثي للمساعدات وتوجيهها بطريقة لا  تخدم المحتاجين.

وحذروا من خطورة الاستمرار في العمل الإغاثي دون التحول إلى دعم التعافي الاقتصادي وبرامج التنمية المستدامة وأن ذلك نهج أثبت فشله خلال ست سنوات من الحرب ولن يساعد في حل الأزمة الإنسانية.