"الدفاع عن الديمقراطيات" تقيِّم سياسة أمريكا في اليمن خلال إدارة ترامب وتقدم توصيات لإدارة بايدن والتعامل مع الحوثيين

المؤسسة الأمريكية للدفاع عن الديمقراطيات

في اليمن، كان لسياسة إدارة ترامب هدفان رئيسيان. كان أحدهما تقديم دعم قوي للحرب التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، والذين أطاحوا بالحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في عام 2014. والآخر القيام بعمليات مكافحة الإرهاب، غالباً بالتعاون مع دولة الإمارات، ضد الإرهابيين المتمركزين في اليمن (تنظيم القاعدة وداعش).

ومع وصول الحرب ضد الحوثيين إلى طريق مسدود، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين وإحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، تعرضت الإدارة لضغوط متزايدة من الكونغرس لإنهاء كل الدعم للحملة السعودية - التي قاومتها الإدارة إلى حد كبير.

وتعهدت الإدارة الأمريكية بأن لا تتخلى عن شريك قديم يسعى لمنع إنشاء دولة إرهابية مدعومة من إيران على حدودها الجنوبية. فعلى مدار الحرب، أطلق الحوثيون مئات الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار التي زودتها إيران على المملكة، حتى استهدفت عاصمتها الرياض، وكذلك أنابيب النفط.

دبلوماسياً، دعمت الإدارة الامريكية جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة والتي أسفرت في ديسمبر 2018 عن اتفاقية ستوكهولم، وهي صفقة مؤقتة تضمنت وقف إطلاق نار في الحديدة، وزيادة وصول المساعدات الإنسانية، وتبادل الأسرى ولكن لم يتم تنفيذها بالكامل.

وفي عام 2019، أفادت التقارير أن الإدارة الأمريكية أقامت اتصالات مباشرة مع الحوثيين في محاولة للترويج لتسوية سياسية. كما كثف السعوديون جهودهم لإيجاد مخرج من الصراع، ودخلوا في مناقشات مباشرة مع الحوثيين في خريف 2019.

وبعد تفشي كورونا، أعلن السعوديون وقف إطلاق النار من جانب واحد في أبريل 2020 على أمل إحياء محادثات السلام لكن الحوثيين رفضوا، مما أدى في غضون ستة أسابيع إلى تصعيد آخر في القتال.

وفي أواخر ديسمبر، توسطت الرياض في إنهاء أشهر من الاقتتال الداخلي بين حلفائها، الحكومة اليمنية والجنوبيين، ونتج عن تشكيل حكومة جديدة مع تمثيل أكثر مساواة لليمنيين في الشمال والجنوب. ومع عودة أعضاء الحكومة الجديدة من السعودية، هزت انفجارات مطار عدن بعد لحظات من هبوط طائرتهم، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات في هجوم نسبته اليمن والرياض إلى الحوثيين.

وفي أيامها الأخيرة، صنفت إدارة ترامب الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، بناءً على هجمات الجماعة ضد أهداف مدنية في اليمن السعودية.

وقدمت حرب اليمن لإدارة ترامب القليل من الخيارات الجيدة فقد كان من شأن سحب الدعم الأمريكي أن يعني التخلي عن أحد أهم شركاء أمريكا في الشرق الأوسط والمخاطرة بتوطيد دولة حوثية بدائية على عتبة السعودية تابعة للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، مع ترسانة كبيرة من الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار، وهو ما سيكون في جوهره، حزب الله اللبناني آخر.

وعلى الرغم من كل السلبيات، فإن استعداد ترامب للوقوف إلى جانب السعوديين قد بنى الثقة مع المملكة وساهم في رغبة الرياض في تعزيز سياساته في مجالات مهمة أخرى، كما يمكن للإدارة أيضا أن تدعي بمصداقية أن دعمها ساعد المملكة على منع أسوأ نتيجة ممكنة من وجهة نظر المصالح الاستراتيجية الأمريكية: متمثلا في إنشاء موقع للحرس الثوري الإيراني في شبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط، متداخلاً مع ممرات عبر البحر الأحمر.

لسوء الحظ، أدى تعامل ترامب العلني مع القضية إلى تفاقم الأمور. وبدلاً من التركيز على التهديد الذي يشكله العدوان الإيراني والحوثي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب وتهديد المصالح والقيم الأمريكية، مال ترامب إلى شرح مقاربته بعبارات معاملات بحتة، واستشهد مرارا بالحقيقة: "أنفق السعوديون مليارات الدولارات على الأسلحة الأمريكية".

وشهدت جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية في اليمن نجاحات مهمة. فحتى مع انخفاض الضربات الجوية الأمريكية من ذروة بلغت 131 في عام 2017، استمرت العمليات الأمريكية والإماراتية في استنزاف قيادة القاعدة في جزيرة العرب وحرمان التنظيم من المزيد من الأراضي.

وكان من بين كبار القادة الذين تم القضاء عليهم إبراهيم العسيري، زعيم صانعي القنابل في القاعدة في شبه الجزيرة العربية، في عام 2018، وجمال البدوي المتورط في تفجير المدمرة الأمريكية كول عام 2019. وقاسم الريمي، زعيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

التوصيات

تكثيف الجهود الدبلوماسية الأمريكية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وتسوية سياسية.

يجب على إدارة بايدن النظر في تعيين مبعوث أمريكي خاص لليمن. حيث يمكن للجهود الأمريكية المستمرة لدفع حل دبلوماسي، بتعاون ودعم سعودي كاملين، أن تساعد أيضا في التخفيف من إحباط الكونغرس المتزايد.

التعامل بجدية مع مخاوف الكونغرس بشأن الحرب، دون التخلي عن اليمن لإيران أو تخريب العلاقات الأمريكية السعودية.

تحتاج إدارة بايدن إلى العمل عن كثب مع الكونغرس لإعادة ضبط استراتيجية الولايات المتحدة. حيث يجب أن تسلط الضوء على التهديدات التي تشكلها إيران والحوثيون على المصالح الأمريكية الحاسمة، وأهمية أن تكون الولايات المتحدة حليفا موثوقا يقف إلى جانب شركاء قدامى مثل السعوديين في احتواء الإمبريالية الإيرانية.

يجب على إدارة بايدن أيضا التأكيد على اهتمام السعودية الحقيقي بإنهاء الحرب وتعزيز الدبلوماسية الأمريكية لدعم التسوية السياسية.

زيادة الجهود لتحسين الاستهداف السعودي وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين.

الحفاظ على عمليات مكافحة الإرهاب مع حلفاء الخليج. حيث تلعب فرقة القوات الأمريكية في اليمن دورا حاسما في إبقاء القاعدة في جزيرة العرب، وهي واحدة من أخطر الجماعات الإرهابية في العالم ولديها طموحات مستمرة لضرب الولايات المتحدة، مكتوفة اليدين وفي موقع دفاعي. وتعد هذه الفرقة الأمريكية الصغيرة وسيلة منخفضة التكلفة نسبيا ولكنها فعالة للغاية للدفاع عن المصالح والأرواح الحيوية بالنسبة للولايات المتحدة.