العود.. جبايات حوثية بعشرات الملايين ومشاريع ينفذها المواطنون بالإنابة

خصّصت مليشيا الحوثي إيرادات ضرائب ميناء الحديدة "أكبر موانئ اليمن"، وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، فضلاً عن فرضها جبايات وإتاوات متنوعة تحت مزاعم "زكاة، ومجهود حربي... وغيرها"، لصالح قياداتها ولتمويل جبهاتها العسكرية ومراكز تدريس الأفكار الطائفية، في الوقت الذي امتنعت فيه عن الإيفاء بالتزاماتها وتوفير ولو الخدمات الأساسية.

قال شيخ قبلي في عزلة الوحج، لوكالة "خبر"، إن مليشيا الحوثي تمتنع عن توفير أبسط الخدمات تجاه أهاليهم في المنطقة الواقعة جنوبي مخلاف "العود" بمديرية قعطبة، ما دفع الأهالي إلى تنفيذ مشاريع خدمية بالإنابة عنها.

وأوضح الشيخ القبلي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنهم تقدموا بطلب لما يسمى بـ"مشرف" محافظة الضالع المدعو "أبو أحمد حطبة"، والمنتحل منصب محافظ المحافظة المدعو محمد صالح الحدي، بشق طريق (حُلُم - حبيل المناصيب- بيت النهام) غربي الفاخر، من إيرادات المديرية التي تدر على تلك القيادات عشرات الملايين شهرياً.

ووفقاً للشيخ القبلي، جاء ذلك الطلب بعد أن تزايدت الحوادث فيه وتعرضت عدد من المركبات للانقلاب، خصوصًا وأنه الخط الوحيد الذي يربط الآلاف من سكّان قرى عزلة "الوحج" بأقرب مركز حضري للخدمات، إلا أن المشرف "حطبة" اعتذر عن ذلك.

وحين تم الإيضاح بأن معاناة الناس تتضاعف وحوادث المركبات تزايدت على هذا الطريق، أصدر المشرف الحوثي توجيهاً تحت عنوان "عاجل للتنفيذ" إلى قيادات المليشيا بالمنطقة على رأسهم المعين لدى المليشيا مديراً عاماً لمديرية دمت المدعو الشيخ داوود النهام، طالب بسرعة تبني المشروع على نفقة الأهالي وجمع تبرعات من المغتربين والتجار ومالكي المركبات... وغيرهم.

التوجيه تضمن تحذيراً شديد اللهجة من كشف محتواه، مشدداً على سرعة التنفيذ.

"النهام"، بدوره كلف عدداً من الشخصيات الاجتماعية والشبابية لتبني مشروع التبرعات، وتم بالفعل، الثلاثاء الماضي، تدشين تلك التوجيهات وجمع تبرعات بلغت في أقل من 24 ساعة مليوني ريال، فيما بلغ الإجمالي حتى ظهر اليوم الجمعة أكثر من 3 ملايين ريال.

وفي حين يرى المتبرعون أنهم قدّموا أموالهم في عمل الخير، تعتبر قيادات المليشيا الحوثية ذلك فرض عين.

ففي أبريل الماضي، ألزمت المليشيا الحوثية أبناء مديرية النادرة في مقدمتهم أهالي مخلاف العود، بجمع تبرعات مالية لاستكمال بناء محكمة المديرية.

حملة الجبايات الحوثية كانت صريحة وأشرف عليها المدعو "عبدالله منصور طنين"، القاضي الجنائي الشخصي بمحكمة مديرية النادرة، بعد أن ظهر بمقطع فيديو تداوله ناشطون من أبناء المديرية وهو يشدد على ضرورة جمع التبرعات، وقد بلغت حينها أكثر من 20 مليون ريال.

تنصل المليشيا من التزاماتها لم يكن وليد اللحظة، فقبل ذلك رفضت شق وتعبيد خط نقيل "حدة" الرابط بين عزلة حدة ومدينة النادرة عاصمة المديرية، ولأن هذا الخط هو الوحيد الذي يربط أكثر من 20 قرية وآلالاف المواطنين بمركز المديرية، سارعت إحدى الجمعيات بذات المنطقة إلى تبني المشروع، وجمعت تبرعات من المغتربين وفاعلي الخير ونفذت المشروع.

وأكدت رئيسة الجمعية بشرى صالح الصباري -حينها-، أنه "تم شق الطريق بواسطة معدات ثقيلة، بالإضافة إلى رص للطريق بطول 70 متراً وعرض 3 أمتار، وبناء جدار ساند بطول 75 متراً، وارتفاع 2.80 متر".

مصادر محلية مطابقة أفادت بأن مختلف المشاريع الخدمية أصبحت تُقام على نفقة الأهالي، فبالإضافة إلى السابق، تم ترميم عدد من المدارس وإصلاح مشاريع المياه وغيره، في حين بقي دور مليشيا الحوثي حاضراً في فرض الجبايات والإتاوات تحت عدد من الحج أبرزها "الزكاة، مجهود حربي، قوافل غذائية، المولد النبوي، يوم الغدير، ويوم الشهيد"، وغيرها الكثير.

وأمّا من يعارض تلك الجبايات أو يُلح على المليشيا بتنفيذ المشاريع الخدمية وتسليم مرتبات المعلمين وغيرها، فسرعان ما يتم دفع أطراف محلية لاختلاق خلاف معه وإلصاق تُهم "التخابر، الخيانة، العمالة" وغيرها به، وجميعها كفيلة بإيداعه خلف قضبان زنازنها لأعوام والتي لم يدخلها شخص إلا وغادرها مصاباً بمرض مزمن أو حالة نفسية إن لم يفارق الحياة بين جدرانها.