محطات في ثورة 14 أكتوبر للتحرر من الاستبداد والاستعمار

يحتفل اليمن بالذكرى السابعة والخمسين لثورة 14 أكتوبر المجيدة، ضد المستعمر البريطاني الذي ظل جاثما على صدور اليمنيين في جنوب الوطن قرنا وثلاثة عقود.

وتمثل الثورة المجيدة في الجنوب امتدادا للثورة السبتمبرية حيث عزم الثوار للوقوف في وجه الاستعمار السلطوي الاستبدادي القبيح الذي حرم الناس من أبسط حقوقهم، وأذاق الشعب من كؤوس الويل، ومنع عنهم أبسط حقوقهم، ومضى في تقسيم البلاد إلى دويلات ومشيخات في إطار فرز مجتمعي مكشوف.

لقد راهن الاستعمار البريطاني على التشظي الذي أحدثه في مكونات المجتمع، والإطباق الحديدي على الشعب، والتجهيل والإفقار المتعمد، لتكون هذه الارهاصات وغيرها دافعا للشارع اليمني في الجنوب إلى ان يفيض به الكيل ويبدأ التفكير بشكل جدي في طرد المستعمر، وتفجير ثورة عارمة أشعلت لهيب شرارتها من جبال ردفان في ال 14 من أكتوبر 1963م، بقيادة راجح غالب لبوزة.

خاض الثوار معركة وجودية ومصيرية لطرد الاحتلال استمرت لأربع سنوات، مثل أعلى ذروة سنام التلاحم الوطني، والالتفاف الشعبي الكبير، في كفاحه المثخن ضد الاستعمار.

وكانت ثورة 14 أكتوبر هي نتاج جهد كبير ونضال متعدد لأطياف المجتمع، في ملحمة بطولية نضالية واحدة، انتفض فيها كل الجنوب من الضالع الى يافع ولحج وأبين والصبيحة وبيحان والعوالق وحضرموت والمهرة وعدن، وتشكلت الحركات الطلابية المناهضة للاستعمار، والتنظيمات السرية التي اختارت الكفاح المسلح كخيار وحيد لطرد الاستعمار، علاوة على العمل السياسي الذي رافق هذه الفترة من خلال عقد مؤتمرات انعقدت في شطر اليمن الشمالي للترتيب الانطلاق الثورة، وتأسيس "الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل"، بالتوازي مع العمل العسكري والتمرد المسلح والقيام بأعمال منقطعة هنا وهناك ضد الاستعمار، الذي رد عليها بجنون وقصف بطيرانه المدنيين.

واستمرت الثورة في نضالها المسلح وتلاحمها الوطني الكبير، طيلة أربع سنوات حتى طرد المستعمر وخروج اخر جندي بريطاني في 30 نوفمبر 1967م، ونال جنوب اليمن حق الاستقلال الكامل.

لم تكن ثورة 14 أكتوبر الا تجسيدًا حقيقيًا لنضال شعب الجنوب وامتدادا للثورة السبتمبرية الخالدة ضد الاستبداد الامامي، في تعاضد وتماسك كبيرين للخلاص من الاستبداد والاستعمار والذي كان احد الاهداف الستة للثورة السبتمبرية ضد الامامة وهي تعد العدة للتحرك جنوبا لطرد المستعمر الاجنبي.

وبعد أكثر من خمسين سنة تتلاقى وتتعاضد ارادة الثوار في جنوب اليمن وشماله فها هي تسجل انصع صورة واضحة للعيان من خلال تشكيلات القوات المشتركة في الساحل الغربي والتي توحدت ارادتها لتطهير اليمن من الإمامة الكهنوتية كامتداد طبيعي واستراتيجي لروح ثورتي سبتمبر واكتوبر.