"كنت أنزف وكانوا يضحكون".. قصص توثق انتهاكات تركيا للسوريين على الحدود

أضحت تركيا واحدة من أبرز الدول التي لجأ إليها السوريون للهروب من جحيم الحرب الأهلية، من خلال عبور الحدود المشتركة بين البلدين.

أغلقت تركيا حدودها في نوفمبر 2015 أمام تدفق السوريين المهجرين قسريا بسبب الحرب وسوء الأوضاع المعيشية والخدمات العامة في مختلف المناطق، رغم أن الاتجاه نحو سوريا ظل مفتوحا.

وفي مارس 2016، وقع الاتحاد الأوروبي وتركيا اتفاقية بشأن اللاجئين، تمنع أنقرة بموجبها اللاجئين في أراضيها من التوجه إلى الجزر اليونانية، في حين خصص الاتحاد الأوروبي 6 مليارات يورو (حوالي 7.1 مليار دولار) لتركيا لتحسين ظروف اللاجئين الموجودين على أراضيها.

لكن تركيا التي تستضيف حاليا حوالى 3.6 مليون لاجئ سوري، وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تواجه اتهامات بانتهاكات ممنهجة ضد السوريين الذين يحاولون الفرار إليها بطريقة غير شرعية.

ورغم تشديد تركيا لحدودها مع سوريا، ما زال عشرات السوريين يحاولون العبور بشكل غير قانوني بصفة يومية، ويتم اعتقال معظمهم من قبل حرس الحدود التركي (الدرك)، غالبيتهم يتعرضون للضرب والقتل أحيانا أو للسجن.

وبحسب تقرير صدر في 3 سبتمبر عن مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، فإن عدد السوريين الذين قتلوا برصاص جنود أتراك هذا العام بلغ عددهم 452 شخصا، بينهم 85 طفلا دون سن 18 و58 امرأة. وأضاف التقرير أن عدد الجرحى من طلق ناري أو هجوم بلغ 440 لاجئا كانوا يحاولون عبور الحدود هربا من الحرب الدائرة في سوريا.

يمر بعض السوريين الفارين عبر تركيا كطريق عبور إلى أوروبا، لكن معظمهم يستقر في تركيا من أجل العيش والعمل.

ونشرت منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تقريرها نصف السنوي عن سوريا الذي يوثق انتهاكات مزعومة ارتكبتها تركيا وجماعات موالية لها متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان.

وفي هذا السياق، يقول أمين محمد (23 عاما) وهو من ريف حلب الجنوبي لموقع "المونيتور"، إنه أصيب برصاص قناص تركي قبل عام، مضيفا: "بعد سيطرة الجيش السوري على قريتي بريف حلب الجنوبي، انتقلت مع عائلتي إلى منطقة دير حسن قرب الحدود التركية بريف إدلب، بعد أن كانت بعيدة عن قصف جيش النظام السوري".

وتابع: "كنت المعيل لأسرتي ولم يتبق لنا أرض أو ماشية لنعيش عليها، لذلك قررت الذهاب إلى تركيا للعمل ودعم أسرتي، عندما وصلت إلى الجدار الحدودي بين سوريا وتركيا وحاولت عبوره، أصبت بالقرب من القفص الصدري، لكن الرصاصة لم تصل إلى الداخل، واضطررت للعودة إلى الأراضي السورية وأنا أنزف".

رغم ذلك، نجح محمد في العبور إلى تركيا والاستقرار فيها بعد محاولات عدة.

من جانبه، قال خالد الأحمد (41 عاما)، "حاولت الوصول إلى تركيا مع مجموعة من الشباب السوريين في ديسمبر 2019، لكن قبل أن نتمكن من عبور الأسلاك الشائكة، اعتقلنا الدرك وبدأوا في الضرب".

وأضاف: "تعرضنا لضرب مبرح على وجوهنا وأجسادنا، بكينا وتوسلنا رغم أننا لا نتحدث التركية، كنت أنزف وكانوا يضحكون، وبعد وجبة الضرب الدسمة والإهانات أعادونا إلى تركيا".

يعيش أحمد الآن في مدينة حارم بإدلب بالقرب من الحدود مع تركيا.

في هذا السياق، قال الباحث السوري في جامعة "لايبزيغ" والمقيم في ألمانيا حسام الدين درويش، "إن هذه المعاملة تعكس سياسة الحكومة التركية بشكل عام واستخفافها بحياة السوريين وكرامتهم".

وأشار إلى أن "هذه المعاملة تعكس حالة الاستياء لدى بعض الأتراك تجاه السوريين، لكن بشكل عام هذه المعاملة القاسية نتيجة إهمال متعمد وغض الطرف عنها".

وأضاف: "أعتقد أن إغلاق الحدود حدث بعد أن وجدت الحكومة التركية مصلحتها التوقف عن استقبال المزيد من اللاجئين السوريين، وهذا حدث خلال مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي".

ومضى في قوله: "معظم وسائل الإعلام العربية إما تضخم الأخبار حول الانتهاكات التركية، أو تحاول تجاهلها أو الاستهانة بمدى سلبياتها".

قال الصحافي المستقل المتخصص في الشؤون التركية أحمد فيلي أوغلو، "معاملة الأمن التركي للسوريين على الحدود تشبه سلوكها على الحدود الإيرانية والعراقية واليونانية"، في إشارة إلى الإجراءات اتخذتها تركيا لحماية جميع حدودها من خلال منع أي عبور غير شرعي إلى أراضيها.

وأضاف: "ليس من المنطقي أن تتهم دولة مثل تركيا بالقتل والتعذيب بينما تستضيف أكثر من 3 ملايين سوري، الحديث عن القتل والتعذيب وكأنه منهجي كما يفعل النظام السوري مع السوريين أمر لا أساس له، رغم ذلك، هناك بالفعل بعض الانتهاكات الفردية، ويتم محاسبة الجناة فيها".

وانتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في سلسلة من التقارير، مرارا وتكرارا سلوك قوات الدرك تجاه السوريين الفارين إلى تركيا.