"سي.آي.أي" تنافس أمازون على استقطاب أفضل العقول الاستخبارية

الوكالة الأميركية تخشى أن يتسرب أفضل ما لديها من عقول إلى الشركات الكبرى بحثا عن رواتب أعلى.
 
لم يبق أمام وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.أي) إلا المراهنة على تقديم حياة مليئة بالأسرار والمغامرات لتعمل على استقطاب العقول الأميركية الشابة إلى صفوفها. فأمام العروض المادية المغرية التي تقدمها الشركات العملاقة، من رواتب ومحفزات وحصص في أسهم، تجد الوكالة أن من العسير عليها اجتذاب الشباب وجعلهم يعملون في مهنة معقدة وتواجه تحديات كبيرة في الوقت الراهن، مثل مهنة التجسس.
 
وتراهن كبريات الشركات الأميركية على استخدام خليط من التقنيات المتقدمة والإنفاق على البحوث والعقول الفذة للوصول إلى خليط ذكي يستطيع أن يستخلص الاستنتاجات اللازمة من كميات هائلة من المعطيات والمعلومات للمنافسة في عالم الأعمال، محليا وعالميا.
 
وتقف شركة مثل أمازون في مقدمة الشركات التي تقدم رواتب كبيرة للمحللين الشباب ممن تستخدمهم للحفاظ على موقعها كواحدة من أكبر الشركات العالمية حجما وسعة في ممارسة الأعمال.
 
وتكمن المفارقات في أن وكالات الدفاع والتجسس الأميركية هي من لعب دورا رئيسيًا في إنشاء الإنترنت، والآن تتحول وكالة سرية مثل “سي.آي.أي” للمرة الأولى إلى خدمات البث عبر الإنترنت، التي توفرها شركة مثل أمازون، لتجنيد الجواسيس الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا.
 
ويقول ضابط في الوكالة في قاعة مليئة بالمجندين في مشهد افتتاحي لإعلان جديد نشرته “سي.آي.أي” عبر البث التدفقي لأمازون “لا يتطلب الأمر سوى معلومة من الاستخبارات الأجنبية، ويمكن أن يتغير كل شيء في لحظة. ابدأ مهنة في وكالة الاستخبارات المركزية، وافعل شيئا جيدا من أجل بلدك أكثر مما كنت تحلم به”.
 
وقالت نيكول دي هاي، المتحدثة باسم “سي.آي.أي”، إن حملة التوظيف عبر الإنترنت قد تم تصويرها قبل أن تكون هناك حاجة إلى إجراءات التباعد الاجتماعي خلال جائحة فايروس كورونا وأن الوكالة تسعى عادة إلى توظيف الجواسيس واستهداف طلاب الجامعات من خلال الأساليب “التقليدية” مثل معارض التوظيف.
 
وقالت الوكالة في بيان إنها أطلقت إعلانات مدتها 90 و60 و15 ثانية على الصعيد الوطني على خدمات البث الترفيهية والإخبارية والاجتماعية.
 
وتشترك أكثر من 70 في المئة من الأسر الأميركية في واحدة من هذه الخدمات على الأقل، مثل “هولو”، و”نتفليكس”، و”أمازون برايم”، وفقا لمؤسسة أبحاث “لايشتمان ريسيرش غروب”. وأضافت دي هاي “للحصول على أفضل المواهب، لا يمكننا الاعتماد فقط على أساليب التوظيف التقليدية”.
 
وأعلنت الوكالة على كل من خدمات البث ووسائل التواصل الاجتماعي عن تجنيد ضباط مخابرات في الوقت الذي تنافس فيه الشركات ذات الأجور الأعلى وتحاول توظيف المزيد من الأشخاص من مختلف الأقليات ومن متعددي اللغات.
 
وفي خطاب في جامعة أوبورن السنة الماضية، قالت مديرة وكالة الاستخبارات المركزية، جينا هاسبيل، إنها كانت أفضل سنة تجنيد منذ عقد من الزمان وأرادت جعل الوكالة “الهدف المفضل لجميع الأميركيين”. لكن شركة أمازون، وهي تحمل إعلانات “سي.آي.أي” على خدماتها للبث التدفقي، تقف بالمرصاد لهذا الاستقطاب للكفاءات الشابة.
 
وقالت دون ميريريكس، رئيسة قسم العلوم والتكنولوجيا في الوكالة، “إن انتقال أمازون إلى توظيف نفس العينة من الكفاءات التي نستهدفها يجعلني لا أنام ليلاً، لأن لدينا أفضل كادر تحليلي على هذا الكوكب”.
 
وتخشى الوكالة أن يتسرب أفضل ما لديها من عقول إلى الشركات الكبرى بحثا عن رواتب أعلى. وترى ميريريكس أن “الحكومة قد لا تكون أفضل رب عمل”.
 
وكنتيجة لتخوّف الوكالة من تسرب أفضل طواقمها إلى أمازون وأمثالها من الشركات، قالت مصادر في الحكومة الأميركية إن زيادات ملموسة في الرواتب تم إقرارها خصوصا لمحللي المعلومات من “الجواسيس الشباب”.
 
وتعتمد “سي.آي.أي” على طواقمها الفنية في رصد وتحليل كميات هائلة من المعطيات يتم جمعها إلكترونيا، في حين تراجعت أهمية نشر الجواسيس على الأرض حول العالم.
 
وكانت وكالات استخبارات عالمية أخرى، مثل “أم.آي5″ و”أم.آي6” البريطانيتين، قد لجأت إلى تجنيد العملاء الشباب من خلال إعلانات على الشبكات الاجتماعية، لكن “سي.آي.أي” كانت الأولى في استهدافهم عبر البث التدفقي.
 
وتستقطب الوكالة عددا كبيرا من المجندين الشباب ممن يبحثون عن حياة المغامرات في أنحاء العالم أكثر من سعيهم إلى الحصول على وظائف برواتب عالية. لكن تغيير طبيعة عمل وكالات الاستخبارات في العالم من العنصر البشري على الأرض إلى المحلل الفذ أمام شاشات الكمبيوتر، يجعل الأمر غاية في التعقيد.