نصرالله الغاطس في مستنقع الخرافة الإيرانية

بعد كل ما جرى في لبنان من احتلال إيراني تدريجي لم يعد نصرالله يعتبر نفسه ممثلا للطائفة الشيعية داخل لبنان في إطار النظام الطائفي. فهو في حقيقة أمره مندوب سلطة الاحتلال الإيراني في لبنان.

تمكن حزب الله من الهيمنة على لبنان حتى صار بمثابة وصي عليه. يقرر ما ينفعه وما يضره. وهو في الحالين يستعمل لبنان سدا يختبئ وراءه. حربه مع العالم هي حرب لبنان ولن يسمح للعالم أن ينفرد به ليعاقبه وحيدا بل إن كل محاولة عقاب تستهدفه سيدفع ثمنها الشعب اللبناني قبل أن تصل إليه.

ذلك ما أكده زعيم الحزب حسن نصرالله مرة أخرى في خطابه الأخير تعليقا على البدء بتنفيذ قانون قيصر الأميركي. وإذا ما كان ذلك الخطاب في مجمله ينطوي على رغبة صريحة في تهديد إسرائيل بالحرب، كونها من وجهة نظره تمثل الولايات المتحدة في المنطقة فإن ذلك التهديد كان موجها للبنانيين في الوقت نفسه. إذ ذكرهم بأنهم سيدفعون ثمن تلك الحرب.

يجمع نصرالله الإسرائيليين واللبنانيين الذين يطالبون بنزع سلاحه في جبهة واحدة ويهددهم بالحرب التي سيدفع لبنان ثمنها، كونه البلد المستضيف لها. وهو ما يمكن تخيله على النحو التالي. طرفان يتحاربان على أرض دولة لا علاقة لها بتلك الحرب، غير أنها ستكون ضحيتها حين تدفع ثمنها من بشرها وبنيتها التحتية. كان نصرالله واضحا حين قال “إما السلاح وإما الجوع”.

تلك فكرته عما سيجري بعد أن تأخذ العقوبات طريقها إلى حزبه.

ما صار واقعا أن حزب الله فرض على لبنان أن يكون عضوا في نادي الممانعة.

ومن المؤكد أن ذلك النادي لا ينفع اللبنانيين في شيء في ظل أزمتهم المالية التي تهدد بانهيار اقتصادهم بل قد يكون أحد أهم الأسباب التي أدت إلى تلك الأزمة. ذلك لأنه يعتمد على أساليب غير قانونية في تهريب العملة وتبييض الأموال كما أنه ينشط في مجال تهريب المخدرات والأسلحة والنفط.

ما يتبجح به نصرالله كونه بطولة هو جريمة بالعودة إلى القانون.

صار على لبنان أن يدفع ثمن إيوائه لمجرمين دوليين.

بين حين وآخر تتمكن شرطة الإنتربول الدولية من القبض على عدد من أفراد الشبكة التي نشرها حزب الله حول العالم من أجل القيام بعملياته المالية القذرة. وهو ما أفقد الحزب الجزء الأعظم من إيراداته المالية إضافة إلى أن العقوبات الأميركية طالت حسابات عدد من عملائه ممن لم تتمكن الشرطة الدولية من القبض عليهم.

يهدد نصرالله بالتضحية بلبنان دفاعا عن مصالح الحزب.

تلك مصالح لا علاقة لها بالقدس ولا بالمقاومة ولا بالحرب على إسرائيل أو الولايات المتحدة ولا بالدفاع عن المذهب الشيعي. إنها مصالح المافيا التي يقودها حسن نصرالله مستعملا الخرافات الشعبية من أجل تمريرها على الناس البسطاء خدمة لوليه في طهران.

يلعب نصرالله دور العراب في المافيا. وهو يعتبر نفسه وصيا على الشعب اللبناني كله. لذلك فإنه يتهم خصومه بالطائفية. ذلك ما يمكن اعتباره قمة المهزلة والسخرية من الحقيقة. فنصرالله يعرف أن لا أحد سيسأله “بأي صفة تحكم قطيعك؟”.

بعد كل ما جرى في لبنان من احتلال إيراني تدريجي لم يعد نصرالله يعتبر نفسه ممثلا للطائفة الشيعية داخل لبنان في إطار النظام الطائفي. فهو في حقيقة أمره مندوب سلطة الاحتلال الإيراني في لبنان. لذلك فإنه يخلط في خطاباته بين لبنان وإيران. هما بالنسبة له الشيء نفسه.

وهو حين يعد اللبنانيين بأن إيران ستنقذهم من تداعيات قانون قيصر فإنه لا يدرك حجم السخرية التي ينطوي عليها وعده. فالرجل بالرغم من براعته في مزج الأوهام بالحقائق من أجل اختراع بطولات زائفة غاطس في مستنقع الخرافة الإيرانية. فهو على يقين من أن في إمكان إيران أن تقاوم العقوبات المفروضة عليها كما أنه يؤمن بأن في إمكان الميليشيا التي يتزعمها أن تشعل حربا في المنطقة إذا ما شعرت إيران بالضيق.

كل ما يهذي به من كلام لا يعبر عن لبنانيته بقدر ما يؤكد من خلاله إيمانه العميق بإيرانيته. وهو حين يكرر “سنقاتل” إنما يشير إلى مكانه على الجبهة الإيرانية. لبنان كله بالنسبة له هو جبهة إيرانية. وهو يقاتل باللبنانيين فذلك لأنه يعتبرهم من رعايا إمبراطورية فارس.

لا يصدق نصرالله أن أولياءه قد فقدوا كل أوراقهم للحوار مع العالم وهم في طريقهم إلى الاستسلام. يومها سيُترك لهذياناته التي سيكون على اللبنانيين أن يبحثوا عن سبل لإنهائها

*العرب