فساد وإطالة حرب.. لماذا أخفق مؤتمر المانحين لليمن؟!

ما بين النجاح والإخفاق، ثقةٌ أشبه بحلقة رفيعة، إن انكسرت دوَّى أثر السقوط.. هذا أقصر تعريف يمكن إطلاقه على النتائج المخيَّبة للآمال في مؤتمر المانحين الذي نظمته السعودية في الرياض مع الأمم المتحدة لجمع التمويل المطلوب للمساعدات الإنسانية في اليمن.

أخفق مؤتمر المانحين الذي نظمته السعودية بتعاون مع الأمم المتحدة، الثلاثاء، في جمع 2.41 مليارات دولار، لتغطية تكاليف المساعدات الإنسانية ومواجهة فيروس كورونا في اليمن الذي يشهد حربًا ضروساً للعام السادس على التوالي، بحسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وخرج بجمع 1,35 مليار دولار فقط.

تحذير "غوتيريس" من أن عدم توفير التمويل المطلوب سيعطل "30 برنامجا أساسيا" للأمم المتحدة في اليمن من أصل "41 برنامجا"، داعيا "لتحرك عاجل"، لم تؤت ثماره بحسب ما كانت تطمح اليه الامم المتحدة، لطالما وقد اصبحت تستخدم الحرب في اليمن موردا لازديادها ومنظماتها تخمة عبر مليارات الدولارات التي تقدم كمساعدات، لأسباب عدة.

عدم إخضاع تلك المنظمات لرقابة حكومية نزيهة محلية ودولية، حيث تنفق قرابة 60 بالمئة من المساعدات تحت بنود "رواتب - تذاكر سفر- نثريات سفر- ايجار مقرات ومركبات تنقل... الخ" وبأرقام خيالية، فضلا عن صفقات فساد مشبوهة بينها والجهات المسيطرة على البلاد بشقيها "الحكومة الشرعية والمليشيا الحوثية".

كذلك اعتراف الأمم المتحدة -الذي جاء متأخراً لغرض في نفسها- بقيام الحوثيين بيع جزء من المساعدات في السوق المحلية للتجار، وتوزيع الجزء الأقل على مواليها وتمويل جبهاتها القتالية، كذلك هو الحال في الجانب الآخر الذي تسيطر عليه الحكومة اليمنية الذي تزداد سوأته بهشاشتها.

كل ذلك انعكس سلبا على تفاعل الدول المانحة التي سبق وأن قدمت في مؤتمر جنيف قرابة (2.6) مليار دولار لم يلتمس منه المواطن اليمني ولو ما يقارب 20% على الواقع الذي عكسه استمرار الانهيارات في مختلف القطاعات الصحية والاقتصادية والتعليمية... وغيرها.

في مؤتمر المانحين من العام 2019 كانت قد جمعت الأمم المتحدة مساعدات قدرت بـ 2.6 مليارات دولار، بزيادة 30 بالمئة على مساعدات العام الذي سبقه والتي قدرت بـ2.01 مليارات دولار، وفقا لتصريحات "غوتيريس"، الذي قال ان خطة الاستجابة التي وضعت للعام 2019 تتطلب 4 مليارات دولار.

مراقبون اقتصاديون أكدوا لوكالة "خبر"، أن غياب مبدأ الشفافية لدى الأمم المتحدة حولت معاناة اليمنيين إلى ورقة ربحية بالنسبة لها، ولذا ستظل تعمل على طول عمر بقائها بيدها وإطالتها لعمر الحرب في هذا البلد المثخن بجراحه.

وافادوا بأن تلاعب الأمم المتحدة بالجانب الإنساني في حرب اليمن أفقد المانحين الثقة أيضا، لكثرة الصفقات المشبوهة مع المليشيا الحوثية.

ويرى خبراء اقتصاديون أن هناك ثلاث مجموعات من المشكلات التي حالت دون التوظيف الأمثل لأموال المانحين، منها ما يتصل بالأمم المتحدة والحوثيين، وبعضها يتعلق بالحكومة اليمنية وأخرى يتعلق بهما معاً.

واعتبروا غياب الثقة بين الأمم المتحدة والأطراف اليمنية، ورغبة كل طرف في إعطاء الأولوية لبرامجه، وعدم تبادل المعلومات بشفافية ونزاهة، جعل كل تلك المساعدات والهبات الدولية لم تجد الكثير من النفع في أوقات السلم، كذلك أيضا في ظل الحرب.

وتذهب الأمم المتحدة إلى التلاعب بالورقة السياسية عبر مبعوثها الأممي مارتن غريفيث كلما بدأ حبل فسادها بالمساعدات يشتد حول عنقها، حينا تغض طرفها عن تصعيدات الحوثيين وانتهاكاتهم وآخر بالضغط على اعلان هدنة تكبح جماح اي تقدم عسكري ميداني يهوي بالحوثيين مثلما حدث في الحديدة غربي البلاد، وانتهى باتفاق استكهولم الذي تحول هو الآخر الى استنزاف اقتصادي عبر فرق الأمم المتحدة الرقابية، دونما نتائج على الأرض طيلة عام ونيف.

مراقبو الشأن اليمني وخبراء الصراعات والحروب أجمعوا على أن الحل يكمن في التوصل إلى حل سياسي شامل يعيد للبلاد استقرارها ولاقتصادها عافيته ليعيش أبناؤه ويعملوا على أرضها بعدل وحرية وكرامة، ودون ذلك ستبقى انعكاساته على المواطن اليمني "لا سواه".