ثلاثة سيناريوهات أمريكية محتملة لتدمير نفوذ إيران بالعراق

ثلاثة سيناريوهات تواجهها الإدارة الأميركية للتعامل مع تصاعد التهديدات الإيرانية في المنطقة، من بينها شن هجوم ساحق على الميليشيات الموالية لطهران في العراق، وفقا لمراقبين.

وتأتي هذه الترجيحات بالتزامن مع تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء أن إيران أو وكلاءها يخططون لهجوم خاطف على أهداف أميركية في العراق وحذر من أنهم سيدفعون "ثمنا باهظا للغاية".

وقبل ذلك قالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير موسع لها الجمعة الماضية إن "البنتاغون أمر قادة الجيش بالتخطيط لتصعيد في الحملة العسكرية في العراق، والتحضير لشن عملية "لتدمير الميليشيات التابعة لإيران".

ويقول المحلل السياسي العراقي المقيم في الولايات المتحدة هيثم الهيتي إن "إيران تحاول حاليا استغلال الوضع الداخلي في الولايات المتحدة وانشغالها بتداعيات انتشار وباء كورونا المستجد للقيام بأعمال استفزازية في العراق".

ويضيف الهيتي لموقع الحرة أن "طهران تعتقد أيضا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يقوم بأي عمل عسكري واسع في الوقت الحالي، لأنه يستعد للدخول في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، وأيضا نتيجة انشغال الرأي العام بأزمة كورونا.

وتفاقم التوتر بين واشنطن وطهران بعدما أسفرت غارة أميركية بطائرة مسيرة في الثالث من يناير عن مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وكذلك أبو مهدي المهندس الذي أسس كتائب حزب الله الشيعية العراقية بعد عام 2003.

وردت إيران بشن هجوم صاروخي على قاعدة عين الأسد العراقية التي تتمركز فيها قوات أميركية في الثامن من يناير. ولم يُقتل أي جندي أميركي أو يصب بجروح فورية جراء الهجوم، لكن تم تشخيص إصابة أكثر من 100 جندي بإصابات في الدماغ في وقت لاحق.

وألقت الولايات المتحدة باللوم على كتائب حزب الله المدعومة من إيران في هجوم صاروخي نُفذ في 11 مارس وأسفر عن مقتل جنديين أميركيين وجندي بريطاني يبلغ من العمر 26 عامًا في العراق، وشنت بعد ذلك بيوم غارات جوية استهدفت مقاتلي هذا الفصيل في العراق.

واستمرت بعدها الهجمات على المصالح الأميركية في العراق، بواسطة صواريخ الكاتيوشا والتي تعتقد الولايات المتحدة أن الفصائل الموالية لإيران هي من تقف خلفها.

ويؤكد الهيتي أن أمام الولايات المتحدة ثلاثة خيارات للتعامل مع التهديدات الإيرانية والفصائل الموالية لها أحدها أن تصبر واشنطن على الاستفزازات الإيرانية لحين الانتهاء من أزمة كورونا، وهذا خيار قائم".

أما الخيار الثاني الذي يمتلك حظوظا قليلة وفقا للهيتي، فيتمثل في رجوع الولايات المتحدة لطاولة المفاوضات، "وهو خيار صعب لأنه سيعد بمثابة تراجع بالنسبة لإدارة البيت الأبيض".

ورغم الهدوء الذي ساد العلاقات بين واشنطن وطهران بإبرام الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، إلا أن العلاقات تدهورت مع قرار اتخذه ترامب قبل عامين تقريبا بالانسحاب من هذا الاتفاق ومعاودة فرض العقوبات الأميركية التي شلت الاقتصاد الإيراني.

ويشير الهيتي إلى "وجود خيار ثالث يتمثل بشن ضربة حاسمة تستهدف أذرع إيران في العراق وتنهي وجودها إلى حد كبير، وهذا يعد أحد أكثر الخيارات ترجيحا في الوقت الحالي".

كيف سيكون شكل الضربة؟

يرى المحلل السياسي العراقي أن الهجوم الأميركي فيما لو تم فسيكون ذكيا باستخدام أسلحة متطورة وبأسلوب مشابه للضربة التي قتلت قاسم سليماني قرب مطار بغداد.

لن يكون هناك اعتماد كبير على الجهد البشري على الأرض وسيركز على استخدام أسلحة ذكية من أجل تفادي الخسائر في صفوف القوات الأميركية، وفقا للهيتي.

ويعتقد أن "الضربة الحاسمة ستبدأ باستهداف مقار الميليشيات ومعسكراتها الرئيسية وإنهاء وجودها بشكل كامل من خلال الاعتماد على عمل استخباري دقيق لجمع المعلومات ورصد كافة الميليشيات التابعة لإيران".

وبالإضافة لهذا يرجح الهيتي أن "يتم أيضا استهداف المواقع البديلة التي اعتمدتها الميليشيات الموالية لطهران بعد مقتل سليماني وفرار جميع قادتها إلى إيران أو اختفائهم عن الأنظار".

ويؤكد أن عملية كهذه تحتاج جهدا استخباريا كبيرا وفترة زمنية قد تصل لنحو 30 يوما، لكن نتائجها ستكون حاسمة وستؤدي لتحطيم الميليشيات وانهيار معنوياتها، خاصة إذا ما كانت بدايتها قوية من خلال اصطياد قادتها وتدمير منشآتها الحيوية كمعامل الصواريخ وغيرها".

ما الذي يجب أن يترافق مع هذه العملية؟

يقول الهيتي إن الولايات ستعمد قبل ذلك إلى تأمين وحماية قواتها المنتشرة في القواعد العسكرية العراقية من أجل تقليل الخسائر التي يمكن أن تحصل نتيجة ردة فعل إيران والفصائل الموالية لها.

وكانت الولايات المتحدة باشرت هذا الأسبوع بنشر منظومة صواريخ باتريوت للدفاع الجوي في العراق، بعد نحو شهرين من تعرض القوات الأميركية لهجوم بصواريخ بالستية إيرانية، بحسب ما أكدت مصادر عسكرية أميركية وعراقية لوكالة فرانس برس.

ووصلت إحدى بطاريات باتريوت إلى قاعدة عين الأسد، التي ينتشر فيها جنود أميركيون، الأسبوع الماضي، ويتم تركيبها، فيما وصلت أخرى إلى قاعدة في أربيل، كبرى مدن إقليم كردستان العراق.

وجاء هذا بالتزامن مع سحب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة جنوده من عدة قواعد داخل العراق خلال الأسابيع الأخيرة.

ويشير الهيتي إلى أن "هذه الإجراءات التكتيكية تهدف لحماية الجنود الأميركيين من الاستهداف باعتبار ان القواعد التي ينتشرون فيها حاليا مؤمنة ويصعب استهدافها من قبل الميليشيات".

ويختتم الهيتي بالقول " الولايات المتحدة تتهيأ حاليا لأحد الخيارين، أما الصبر على الاستفزازات الإيرانية ومحاولة تقليل الخسائر في صفوف قواتها، أو التحضير لضربة ذكية ساحقة تنهي نفوذ إيران في العراق".