الصحافيون كما يراهم أردوغان أخطر من المجرمين وتجار المخدرات

أطلق صحافيون في تركيا مؤخرا حملات للإفراج عن الصحافيين المعتقلين خوفا من تحول السجون إلى بؤرة لانتشار الوباء، لكن السلطات ردت على هذه المطالب، باستثناء الصحافيين من قانون يتضمن تخفيف العقوبة عن السجناء وقضائهم مدة العقوبة الباقية في منازلهم.

يوشك البرلمان في تركيا على إقرار تعديلات على قانون العقوبات بسبب تفشي فايروس كورونا المستجد، يتضمن تخفيف العقوبة عن السجناء وقضائهم مدة العقوبة الباقية في منازلهم، سيستفيد منها أصحاب الجرائم الجنائية بمختلف أنواعها، وتستثني الصحافيين وسجناء الرأي والسياسة، في انتهاك جديد لحقوق الإنسان.

وسيشمل القانون سجناء جرائم القتل والاستغلال الجنسي والجرائم الجنائية وتجارة المخدرات غير أن السجناء السياسيين والصحافيين لن ينتفعوا بهذا القانون، ما أثار موجة غضب واسعة، دفع أبناء الصحافيين للخروج عن صمتهم وإثارة القضية على مواقع التواصل الاجتماعي، منددين بعدم إدراج آبائهم ضمن المقترح الحكومي، وطالبوا السلطات بالإفراج عن آبائهم قبل أن يتفشى الفايروس داخل السجون، بحسب ما ذكرت صحيفة زمان التركية.

وأفادت سيلا توركونا، ابنة الصحافي ممتازر توركونا، أن والدها البالغ من العمر 64 عاما معتقل منذ ثلاث سنوات وسبعة أشهر، وأنه قام بتركيب دعامة في أحد شرايينه قبل سبعة أشهر بسبب مشكلة بالقلب، وأن شريانه الآخر لا يزال مسدودا تماما، مفيدة أنهم مضطرون خلال هذه المرحلة للاكتفاء بسماع صوته فقط مرة في الأسبوع.

وأطلق نشطاء في تركيا حملات للإفراج عن الصحافيين المعتقلين خوفا من تحول السجون إلى بؤرة لانتشار الوباء، لكن السلطات ضربت عرض الحائط بهذه المطالب.

وقالت أسماء بوكان، ابنة أحمد بوكان مدير البث بقناة “تي آر تي” الإخبارية سابقا، بلهجة استنكارية أن والدها لو كان تاجر مخدرات أو مغتصبا لكان بإمكانه الاستفادة من هذا القانون، وقالت على سبيل السخرية بأن والدها لا يزال يقبع داخل السجن مكافأة على خفضه النفقات السنوية لقناة “تي آر تي” الإخبارية إلى الربع واختيار القناة كأفضل قناة إخبارية في أوروبا خلال الفترة التي تولى فيها إدارتها.

بدورها، أعربت بشرى شيمشيك، ابنة يعقوب شيمشيك مدير الإعلانات بصحيفة زمان، عن آمالها بأن تدعوهم الجهات المعنية إلى التوجه إلى سجن سيليفري لاصطحاب والدهم قبل حظر لقاءات المحامين مع موكليهم، مع ازدياد تفشي الفايروس في البلاد. حيث سجلت تركيا حتى الجمعة 75 وفاة و3629 إصابة بالفايروس.

والأسبوع الماضي، دشن صحافيون أتراك حملة “عندك خبر؟” للدفاع عن زملائهم المعتقلين ومطالبة السلطات بالإفراج الفوري عن المعتقلين في ظل تفشي الوباء. وطالبت المبادرة بالإفراج عن الصحافيين الذين يدافعون عن حق الشعب في معرفة كل شيء ونادوا من خلال فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي بالإفراج عنهم، عبر هاشتاغ الحرية للصحافيين المعتقلين.

وقال الصحافيون المشاركون في الفيديو المعنون بـ”ظلم في زمن كورونا”، “يكتب بعض الصحافيين الحقائق على الرغم من الضغوط التي يتعرضون لها منذ سنوات، ورغم التهديد بالاعتقال، والآن هم موجودون خلف القضبان الحديدية تحت تهديد كورونا”.

وأضافوا “فإذا وصل الوباء للسجون سيكون التهديد كبيرا. فأدوات النظافة محدودة والأجواء غير صحية. فالعزلة أكثر وحشية الآن. وحق استخدام الهاتف محدود. فالقلق كبير جدًا. أطلقوا سراح الصحافيين”.

وشهد الفيديو الذي أطلقته المبادرة دعم كثير من الصحافيين الذين قاموا بمشاركته بشكل واسع عبر حساباتهم الرسمية وصفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا.

كما وجه مقرر تركيا في البرلمان الأوروبي، ناتشو سانشيز أمور، دعوة إلى السلطات التركية لإخلاء سبيل المئات من معتقلي الرأي والحقوقيين والكتاب والصحافيين، في إطار العفو العام المنتظر تطبيقه.

وأشار ناتشو إلى حديث بعض وسائل الإعلام عن تخطيط الحكومة التركية لإعلان عفو عام على العديد من السجناء، ضمن الحزمة الإصلاحية القضائية، مفيدا أن الوقت قد حان لإخلاء تركيا سبيل المئات من الصحافيين والأكاديميين والحقوقيين والمحامين المعتقلين.

لكن السلطات التركية استعملت سلاح الادعاء ببث الأخبار الكاذبة وإثارة الهلع والخوف لدى المواطنين، لإسكات جميع من يتكلمون عن انتشار الفايروس في السجون.

وفتحت تحقيقا مع نائب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، وعضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، عمر فاروق جرجيرلي أوغلو، بسبب حديثه عن وجود حالات إصابة بفايروس كورونا (كوفيد – 19) داخل السجون.

ونشر تغريدة على تويتر، قال فيها “هناك مواطن في سن 70 عامًا، داخل سجن سنجان، تأكدت إصابته بفايروس كورونا. وقد أبلغ المدير المختص الوزارة”.

وردت النيابة العامة في أنقرة بالقول إن تصريحات عمر فاروق جرجيرلي أوغلو، لا أساس لها من الصحة، وأعلنت بدء التحقيق معه بتهمة إثارة الذعر والفزع بين المواطنين.

كما حذر النائب المعارض جيهانجير إسلام، المستقيل مؤخرا من حزب السعادة التركي، من أن فايروس كورونا قد ينتشر بين المعتقلين والمسجونين بسرعة كبيرة، مع استمرار انتشاره في الشارع التركي بوتيرة كبيرة.

وقال إسلام “يجب أن يخضع المعتقلون إلى معاملة مختلفة في مواجهة هذا التهديد الخطير، بموجب مبدأ احترام حقوق الإنسان. هناك من هم مصابون بالسرطان، ومن هم يعانون من أمراض مزمنة، ومن هم في سن أكثر من 40 عاما، كذلك يوجد داخل السجون الحوامل والأطفال، وهناك من لا تجب محاكمتهم. يجب الإفراج بشكل عاجل عمّن لا يوجد خطر من هروبهم”.

ووفق تقرير لجنة حماية الصحافيين الأخير يبلغ عدد الصحافيين المعتقلين في تركيا حاليًا 68 صحافياً كثاني أكثر دولة سجنا للصحافيين في العالم بعد الصين. لكن تقارير أخرى تقول إن العدد أكبر حيث أن هناك صحافيين معتقلين غير مقيدين رسميا ووجهت لهم الحكومة تهما جنائية.