طبيبة تكشف سر إصابة مسؤولين إيرانيين بفيروس كورونا

مع اتساع تفشي فيروس "كورونا" المستجد في إيران والإعلان عن العشرات من الإصابات والوفيات بالمرض، وردت تقارير أفادت أن الأرقام الرسمية لا تعكس الواقع وسط تحذيرات من أطباء في الداخل ذكروا أن الدولة تعاني من "وباء"، بحيث أصبحت الدولة بؤرة لانتشار الفيروس في الشرق الأوسط.

ويشير أطباء إيرانيون إلى أن حالة الإنكار التي تعيشها السلطات تزامنا مع العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد سترفع من تهديد المرض.

أحد الأطباء في مستشفى "مسيح دانشوري" في طهران، الذي يعد أبرز مركز لعلاج الأمراض الرئوية في البلاد والموقع الرئيسي للإشراف على مرضى فيروس كورونا، قال: "نظن أن الفيروس كان قد وصل إيران خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة الماضية وتتنقل عبر البلاد، الآن في إيران نواجه وباء كورونا"، وفقا لما قاله لمجلة "تايم".

ولم يقم المسؤولون بتأكيد الطريقة التي نقل من خلالها الفيروس إلى البلاد، لكن يبدو أن إيران قد تصبح نقطة لتفشي الفيروس في المنطقة، فحتى الآن، أعلنت كل من أفغانستان وجورجيا والبحرين والعراق والكويت ولبنان وعُمان إصابات بالمرض ارتبطت بمسافرين أتوا من إيران.

وكانت طهران قد أعلنت وجود فيروس كورونا المستجد أو "كوفيد-19" الأسبوع الماضي، لتكشف عن 245 إصابة و26 وفاة، والتي تعتبر أكبر نسبة وفاة بالمرض مقارنة بأي دولة أخرى حول العالم.

وذكر الطبيب، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، أن المسؤولين لم يعلنوا الأرقام الحقيقية لحالات الإصابة بالمرض، وقال: "لم تكن لدينا أي آلية لتشخيص المصابين، ولا نملك المؤهلات الطبية لإجراء الفحوص على كل الحالات".

وأضاف: "لأوضح الأمر أكثر، إن توفي اثنان من بين 100 مريض بالكورونا، في إيران، فإن كل 20 وفاة تعني وجود ألف مريض".

المرض اليوم منتشر بصورة واسعة عبر إيران، ويتركز في محافظة إيران الشمالية ومدينة قم المقدسة. في بداية الأسبوع قال أحد المشرعين في قم، أحمد أمير أبادي إن حصيلة الوفيات بالمرض "بلغت خمسين شخصا".

لكن المسؤولين سارعوا في دحض الادعاءات، من بينهم، نائب وزير الصحة الإيراني، إيراج حريرجي، الذي استبعد أهمية فرض حجر صحي واصفة ما يحصل بأنها استراتيجية "لمرحلة سابقة لحرب عالمية"، لكنه أعلن إصابته بالمرض، الثلاثاء، ويخضع حاليا للعلاج.

ومنذ إعلان الحكومة رسميا عن تفشي المرض في البلاد، كشف مسؤولون آخرون الإصابة به، منهم الإصلاحي في البرلمان الإيراني محمود صادقي، وعمدة إحدى بلديات طهران ومدير قسم مستشفى قم الجامعي الدكتور محمد رضا غادير.

ذكرت طبيبة تخدير في أبرز مستشفيات طهران، عدم الكشف عن هويتها خوفا من انتقام السلطات، أن المسؤولين يدفعون ثمن تخاذلهم في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة المرض، وقالت إن "السبب في إصابة هؤلاء المسؤولين في الحكومة بالفيروس يعود إلى أنهم يرغبون دوما بإخفاء الحقيقة، لذا لا يستخدمون أي أساليب وقائية عند التنقل من مستشفى لآخر حتى يظهروا للعالم صورة كاملة وأن الأمور على ما يرام لذا فمن الطبيعي أن يصابوا بالفيروس".

وفي مكالمة مع مجلة "تايم" قالت الطبيبة إن المسؤولين أخفوا معلومات تخوفا من نسبة تصويت منخفضة في الانتخابات البرلمانية الأسبوع الماضي.

وذكر عدة أطباء قابلتهم "تايم" أن الفيروس وصل البلاد في وقت سبق بكثير الفترة التي اعترف بها المسؤولون، وقال الطبيب من مستشفى "مسيح دانشوري" في طهران: "خلال الأسابيع الماضية، كان هناك عدد بسيط من المرضى، معظمهم من كبار السن، أظهروا أعراض الإصابة بالمرض".

وأضاف: "بالطبع اعتقدنا بأنه كورونا، لكن لم تكن لدينا أدوات الفحص للتأكد منه"، مشيرا إلى أن أول أداة لفحص المرض لم تصل إيران إلا الأربعاء، وأضاف "لم تكن الفحوصات متوفرة لتباع لنا، تمكنا من شراء الشحنة الأولى من ألمانيا فور توفرها".

وقالت طبيبة التخدير إن قلة الإلحاح في الرد الحكومي انعكس على أعداد الإيرانيين الذين لا يأخذون تفشي المرض على محمل الجد، مضيفة "أنا وزملائي نرى أن الناس لا يملكون الوعي الكافي بضرورة التعاون، الحكومة أعلنت إقفال المدارس والناس بدأوا في الخروج في نزهات عائلية، قلة الوعي والجدية لدى الناس تساعد في تضخيم الأزمة.

ويقول العاملون في القطاع الصحي إن المعدات بحوزتهم منتهية الصلاحية، وأن العقوبات الأميركية المفروضة على الاقتصاد الإيراني زادت من صعوبة الوضع، رغم أن العقوبات الأميركية تستثني "الاحتياجات الإنسانية والطبية"، إلا أن العديد من الشركات الأوروبية لا تجرؤ على الانخراط في التجارة مع إيران خوفا من رد أميركي بعقوبات ضدها. العقوبات الأميركية المفروضة على بنوك إيرانية تحد من سهولة نقل الأموال من إيران إلى أوروبا.