معهد أمريكي يقدم تفاصيل جديدة عن رجل إيران في صنعاء

*معهد "ذي أمريكان انتربرايز"

ما كشفته صحيفة "واشنطن بوست" عن عملية عسكرية أمريكية ثانية استهدفت قائداً إيرانياً كبيراً في اليمن في نفس الليلة التي استهدفت فيها الغارة الجوية التي قتلت الجنرال الإيراني قاسم سليماني، لم تثر اهتماماً كبيراً بقدر ضربة سليماني المذهلة. بيد أن رجل طهران في صنعاء، عبدالرضا شهلائي، يستحق بعض الاهتمام الإعلامي.

وعبدالرضا شهلائي هو نائب قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري -قوة المهام الخارجية الإيرانية المتخصصة في الحرب غير التقليدية. وقدم الدعم للجماعات الشيعية العراقية المتطرفة لمهاجمة القوات الأمريكية وقوات التحالف في العراق في نهايات القرن الماضي، وخطط لهجوم مع مجموعة "جيش المهدي" الخاصة ضد القوات الأمريكية في كربلاء، العراق، والذي أدى إلى مقتل خمسة جنود أمريكيين في يناير 2007. كما قام بتنسيق تدريب حزب الله اللبناني للجماعات العراقية في إيران. وقام في وقت لاحق بالتنسيق وساعد في تمويل مؤامرة لقوة الحرس الثوري الإيراني لقتل السفير السعودي لدى الولايات المتحدة في واشنطن من العام 2011.

وفي الآونة الأخيرة، ظهر اسمه في تقارير إسرائيلية عن تزعمه عصابة تهريب في غزة تنقل الأسلحة إلى مليشيات الحوثيين في أوائل عام 2017.

المكافأة التي عرضتها وزارة الخارجية الأمريكية في ديسمبر 2019 وقدرها 15 مليون دولار للحصول على معلومات عن شهلائي، أكدت وجود شهلائي في اليمن، حيث من المحتمل أن يكون هو أبرز مسؤول إيراني رفيع يشرف على دعم قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني لحركة الحوثي المتمردة.

إن وجود عبدالرضا شهلائي، رجل طهران في العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الحوثي -حيث حاولت الولايات المتحدة تصفيته وفشلت في نفس التوقيت الذي كانت تجري فيه عملية سليماني- ربما يسهل مساعي قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني لتوسيع نطاق قدرات الحوثيين الأصلية.

كما أن تخصص شهلائي في العمليات الخارجية وتطوير تلك المهارات المحددة داخل المجموعات المدعومة من إيران، يجعل مما لا شك فيه أن بعض هجمات الحوثيين على الأهداف السعودية والإقليمية الأخرى كانت نتيجة لعمله شخصياً.

كما أن تعهده باستهداف المصالح الأمريكية على المستوى العالمي -من العراق إلى واشنطن- قد يعني أيضا أن شهلائي يسعى بقوة إلى استهداف الأهداف الأمريكية الإقليمية متى ما سنحت له الفرصة. وهو لا يزال قائداً بارزاً في وحدة قوة القدس 400 التابعة للحرس الثوري - وهي وحدة سرية تقوم بمهام ضد أهداف غربية.

مما لاشك فيه، أن قتل شهلائي وسليماني كانا سيوجهان ضربة محكمة لقوات الحرس الثوري "فلا شك أنه رجل خطير". ولكن بعكس قتل سليماني (وزعيم المليشيا العراقية أبو مهدي المهندس) في العراق، فإن قتل شهلائي لن يحدث تغييرا طارئا لحركة الحوثي المتمردة.

في الواقع، استفاد الحوثيون بشكل كبير من الدعم الإيراني ومن الدعم الذي تقدمه أذرع طهران في المنطقة. حيث طورت إيران وحزب الله اللبناني الحوثيين من القدرات والمعلومات والتنظيم السياسي إلى أساسيات التجنيد، إضافة للهجمات غير المتكافئة. فبحلول نهاية عام 2012، كان الحوثيون يمتلكون منبرا إعلاميا قويا ومقره في بيروت، بتمويل من حزب الله، ومخزونا متزايدا من الأسلحة. وبحلول نهاية عام 2014، كان الحوثيون يسيطرون على العاصمة اليمنية، وأفادت التقارير بوجود بضع مئات من مدربي ومستشاري الحرس الثوري الإيراني في اليمن بينما تدرب مئات الحوثيين في قاعدة الحرس الثوري الإيراني في قم بإيران.
 
وبحلول عام 2020، حول استثمار إيراني محدود ولكنه استراتيجي في اليمن تهديد الحوثيين إلى تحدٍ أمني للسعودية ودول الخليج الأخرى وأمنها البحري، ونقل القدرات والخبرات من الإنتاج المحلي للعبوات المزروعة على الطريق إلى الصواريخ الباليستية.

وأثارت الضربة الأمريكية ضد قاسم سليماني لغة عدوانية من الحوثيين -الذين نظموا تجمعات حاشدة في مناطق سيطرتهم- مع دعوة المكتب السياسي للجماعة إلى طرد "المحتل الأمريكي" من المنطقة. ويزعم الحوثيون أنهم أطلقوا ثلاثة صواريخ زلزل1 على جنوب السعودية في 5 يناير، وهو أول هجوم من نوعه منذ أشهر، وربما كان رد فعل خفيفا على الضربات الأمريكية.

إن خسارة عبد الرضا شهلائي لاشك أنها ستبطئ نمو الحرس الثوري الإيراني لتهديد الحوثي، ولكنه لا يمحو هذا التهديد بأي حال من الأحوال. فحتى التراجع عن أنشطة إيران التوسعية في المنطقة لا يلغي القدرات التي نقلتها إيران ووكلاؤها إلى الحوثيين. إذ يمكن للحوثيين ضرب حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر أو البنية التحتية للطيران والنفط في الخليج.