فورين بوليسي: نجاح السودان مرتبط بإزالته من قائمة الإرهاب

ترى مجلة "فورين بوليسي" الامريكية أن نجاح السودان في مرحلة ما بعد حكم عمر البشير يرتبط بقدرة حكومة الخرطوم الحالية على اقناع واشنطن إزالة اسم البلاد من لائحة الدول الداعمة للإرهاب.
 
وفي زيارة تعتبر الأولى منذ 1985 لزعيم سوداني للولايات المتحدة مطلع ديسمبر، أشار رئيس الحكومة السودانية الانتقالية عبدالله حمدوك إلى وجود "تقدم" إيجابي في هذا الإطار.
 
لكن الرجل بدا متخوفا من استمرار المطالبة بضرورة إجراء تسويات مع عائلات ضحايا أميركيين أصيبوا خلال اعتداءات على السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا في العام 1998. وفق تقرير لمجلة فورين بوليسي.
 
وقال حمدوك "نحن أيضا كأمة ضحايا للإرهاب الذي مارسه علينا النظام السابق لكننا قبلنا هذا"، الأمر الذي تدعمه بعض الأطراف بأنه لا داعي لمعاقبة الشعب السوداني على "خطايا" النظام السابق الذي عانوا منه السودانيون أيضا.
 
وأشار تقرير المجلة صراحة إلى أن "التحول لحكومة ديمقراطية سيكون صعبا، وما سيجعله أصعب بقاء السودان على قائمة الدولة الراعية للإرهاب".
 
وأضاف أن "من المستحيل تقريبا أن يستوفي السودان الشروط المطلوبة لإزالة اسمه من الدول الراعية للإرهاب، بينما لا يزال يرزح تحت القيود والضغط"، وتخوف من أن مكاسب السودان وتحوله نحو الديمقراطية يمكن أن تضيع في حال استمرار وصمه بصفة "لم تعد فيه".
 
ماذا يعني إزالة اسم السودان من لائحة الإرهاب؟
 
يقول التقرير إن إزالة اسم السودان من لائحة الدول الأميركية الداعمة للإرهاب سيعني لها انفتاحا اقتصاديا على المنظمات الدولية والصناديق الاستثمارية.
 
وأهم ما يريده الاقتصاد السوداني، إعادة إحياء النظام المصرفي وجعله أكثر قدرة على الانخراط والتفاعل مع بقية الاقتصادات الأخرى.
 
كما تعول البلاد على رفع كفاءة الأنظمة المالية والمصرفية من أجل تعزيز قدرة الحكومة وأجهزة الدولة على تفكيك مصادر تمويل الجماعات الإرهابية والحد من الفساد.
 
السودان في الاتجاه الصحيح
 
ويناضل حمدوك من أجل الخروج من أعباء النظام السوداني السابق التي جعلت اقتصاده يعاني من تراجع حاد، وتضخم في أسعار الأدوية والمواد التموينية الأساسية، ناهيك عن تحديات جمة في مجال استقطاب الاستثمار الأجنبي.
 
وحتى الآن استطاع حمدوك من إظهار خطوات إيجابية تعزز من اندماج السودان في المجتمع الدولي، إذ شجع المنظمات المحلية التي كانت محظورة أيام النظام السابق على العودة بشكل مسؤول لتكون ناشطة محليا تحت مظلة القانون مع التركيز على أهمية دورهم في مساعدة المنظمات التابعة للأمم المتحدة على حل النزاعات.
 
كما سعى رئيس الوزراء الذي كان قد تلقى تعليمه في بريطانيا إلى تشكيل حكومة تضم نشطاء في حقوق الإنسان والنساء وإعلاميين، وبدأت عدد من المؤسسات الرسمية على العمل مع وزارة العدل لمعالجة أية مطالب تتعلق بالتمييز وعدم المساواة.
 
تعاطف مع المطالبات ولكن لا تنازل عن التسويات
 
ولا تزال واشنطن تصنف السودان دولة راعية للإرهاب، ولكنها أعلنت أنها ستعين سفيرا في السودان للمرة الأولى منذ 23 عاما، ورغم التعاطف مع مطالب السودان، إلا أن مسؤولين أميركيين يقولون إن إزالة ذلك التصنيف هو عملية قانونية تستغرق وقتا، وفق تقرير نشرته وكالة فرانس برس.
 
وساد التوتر العلاقات بين الولايات المتحدة ونظام البشير الذي تولى السلطة عام 1989 وتبنى نهجا إسلاميا، واستضاف زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في بلاده لفترة.
 
وبعد اعتداءين استهدفا السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا في العام 1998 دمرت الولايات المتحدة بهجوم صاروخي "مصنع الشفاء" للأدوية في السودان متهمة إياه بتصنيع غاز للأعصاب، ما نفته الخرطوم بشدة.
 
وفي محادثات عقدت في الكونغرس مطلع ديسمبر، تعهد نواب أميركيون دعم الحكومة السودانية الجديدة، لكنهم شددوا على ضرورة التوصل إلى تسوية مع عائلات ضحايا الاعتداءين المذكورين.
 
ودعت فورين بوليسي إلى عدم عزل ومعاقبة السودان بسبب تركة الإرهاب التي أورثها لها نظامها السابق، والتي أصبحت تهدد أيضا تحولها نحو الديمقراطية.