خطط لتفجير البرلمان البريطاني والسفارة الأمريكية.. كيف خرج منفذ هجوم لندن من السجن رغم فداحة جرائمه؟

أثارت جريمة لندن الإرهابية التي وقعت مؤخراً وأدت لمقتل شخصين موجة من التساؤلات حول مراقبة السجناء والأحكام القضائية التي تصدر بحق الإرهابيين بعدما تبين أن مرتكبها عثمان خان كان مسجوناً ثم خرج بإطلاق سراح مشروط من السجن، رغم ارتكابه جرائم إرهابية سابقة.
 
ولعل السؤال الأشد إلحاحاً هو لماذا أطلِق سراح خان -الذي سجن في عام 2012 بتهمة الضلوع في مؤامرةٍ مستوحاة من نهج تنظيم القاعدة لتفجير مواقع بارزة في المملكة المتحدة وبناء معسكر تدريب إرهابي في باكستان في الأساس؟ حسب ما ورد بتقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
 
اتهامات خطيرة لكنه اعترف بجرائم أقل
 
يعود تاريخ تطرُّف خان إلى عام 2006 على الأقل، حين كان يشارك في أنشطة الشارع بالنهي عن المثلية الجنسية.
 
وفي عام 2008، داهمت الشرطة منزله في مقاطعة ستافوردشاير بعدما اشتبهت في أنه يحاول غسيل دماغ بعض الأشخاص المُعرَّضين للتأثر بالأفكار المتطرفة في مجتمعه. ويبدو أنَّ وجهات نظره كانت عميقة وعنيدة.
 
واتُّهِم خان في محاكمته، مع رجلين آخرين من مدينة ستوك أون ترينت وعدة رجال من لندن وكارديف، باستهداف بورصة لندن ومجلسي البرلمان البريطاني والسفارة الأمريكية، فضلاً عن العديد من الشخصيات الدينية والسياسية.
 
لكنَّ خان، الذي كان عمره 20 عاماً آنذاك، اعترف بتهمة أخف وطأة: وهي الضلوع في سلوكٍ مرتبط بالتحضير لأعمالٍ إرهابية.
 
وسمعت المحكمة في ذلك الوقت تسجيلاً سرياً يتحدث فيه خان عن خططٍ لتجنيد متطرفين بريطانيين من أجل حضور معسكر تدريبي في كشمير.
 
ومن ثَمَّ، حُكِم عليه هو ورجلٌ آخر بالسجن فترةً غير محددة حفاظاً على السلامة العامة، وقيل له إنَّه سيقضي ما لا يقل عن ثماني سنوات في السجن.
 
وقال القاضي ويلكي في حيثيات الحكم آنذاك إنَّ خان وآخرين شاركوا في «مشروع إرهابي خَطِر طويل الأجل» كان يمكن أن يؤدي كذلك إلى ارتكاب فظائع في بريطانيا.
 
وأضاف: «لقد كانوا يتصورون جميعاً أنَّهم قد يعودوا هم وغيرهم من الأشخاص الذين جنَّدوهم في نهاية المطاف إلى المملكة المتحدة بصفتهم إرهابيين مدربين ومتمرسين متاحين لتنفيذ هجمات إرهابية في هذا البلد».
لماذا تم إلغاء الحكم بسجنه حفاظاً على السلامة العامة؟
 
لكنَّ محكمة الاستئناف ألغت حُكم «السجن حفاظاً على السلامة العامة»، الذي كان من المفترض ألَّا ينتهي إلَّا إذا اعتبرت لجنة الإفراج المشروط أنَّ الجاني لم يعد يشكل خطراً على عامة الناس، في عام 2013.
 
ففي ذلك الوقت، كان العديد من الساسة ودعاة إصلاح نظام العقوبات الجنائية يخشون أن تؤدي هذه الأحكام إلى ظلم السجناء وبقائهم فترةً أطول من اللازم في السجن، لذا كانت تُلغى.
 
وادَّعى الفريق القانوني لخان في محاكمة الاستئناف أنَّه مجرد شاب كان طموحه تطبيق الشريعة الإسلامية في إقليم كشمير الخاضع لسيطرة باكستان، وأنَّه «من غير الواقعي للغاية افتراض أنَّ السلطات في باكستان كانت ستسمح لمراهق من ستوك بفرض الشريعة أو إدارة مدرسة لتدريب الإرهابيين».
 
واعترف اللورد جستيس ليفيسون، أحد قضاة محكمة الاستئناف آنذاك، بأنَّه «لا شك في أن أي شخص يدان بجريمةٍ كهذه يمكن اعتباره، بصورةٍ شرعية، شخصاً خَطِراً»، لكنَّه ألغى حكم «السجن حفاظاً على السلامة العامة»، وحكم عليه بالسجن مدة أقصاها 16 عاماً.
 
وعادةً ما يُطلَق سراح السجناء في منتصف هذه المدة، لكنَّ خان قضى أقل من سبع سنوات حين أفرِج عنه إفراجاً مشروطاً في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي 2018، وأمر بارتداء جهاز مراقبة.
 
وذكر خبراء قانونيون أنَّ المدة التي قضاها في الحجز قبل الحكم عليه أخِذَت بعين الاعتبار.
واليوم يريد السياسيون النظر في الأحكام والمراقبة المطبقة على الإرهابيين
 
وفي أعقاب الهجوم المأساوي الأخير، أكَّد ساسةٌ بريطانيون من جميع تيارات الطيف السياسي ضرورة إعادة النظر في نظام الأحكام والمراقبة المُطبَّق على الإرهابيين.
 
إذ قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه من المهم «تطبيق الأحكام المناسبة على المجرمين الخطرين، لا سيما الإرهابيون».
 
فيما قال وزير الأمن براندون لويس: «أعتقد أنَّه من الصواب أنَّنا يجب أن ننظر مرةً أخرى في الأحكام.. المتعلقة بهذه الجرائم العنيفة».
 
بينما قال عمدة لندن صادق خان إنه أيضاً كان قلقاً من إلغاء أحكام «السجن حفاظاً على السلامة العامة»، وتحدث كذلك عن مسألة الإفراج المشروط أو الإفراج عن السجين شريطة أن يظل تحت المراقبة.