معهد دولي يجيب: ما دور إيران في تفاقم الصراع في اليمن ومكاسبها من انهيار الدولة في 2011؟

*المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية:

تتمثل مصالح إيران في اليمن في تهديد السعودية بتكلفة محدودة، وإقامة وجود أمامي في منطقة باب المندب الاستراتيجية.

مرت علاقة إيران مع الحوثيين بثلاث مراحل مميزة -الجاذبية والمساعدة والتحالف- على مدار العقد الماضي.

وقبل ذلك، وعلى مدى ثلاثة عقود كانت هناك زيارات واتصالات متقطعة. ففي عام 1979، وصل بدر الدين الحوثي، مؤسس الحركة، إلى إيران بحثًا عن اللجوء، وتلت عدة زيارات أخرى، بما في ذلك نجله حسين في عام 1994، أثناء الحروب الست في اليمن، وتلك الزيارات والعلاقات التي نشأت منها مهدت الطريق للعلاقة الحالية مع طهران.

وحافظ الحوثيون على علاقة مع إيران إبان الثورة الإسلامية، وقضت بعض قيادتها سنوات في إيران، وخلال عام 2000، كانت الجمهورية اليمنية تشكو بشكل دائم من علاقة إيران مع الحوثيين، لكن المراقبين الخارجيين تجاهلوا ذلك بل واستبعدوا هكذا علاقة، آنذاك، واعتبروها دعاية من صنعاء.

وفي عام 2007، طردت الحكومة اليمنية سفير طهران بسبب الجهود الإيرانية لزعزعة استقرار البلاد، وفي عام 2009، اعترضت السلطات اليمنية شحنتين من الأسلحة الإيرانية كانتا متجهتين إلى الحوثيين.

وبعد ثورة ما يسمى الربيع العربي في عام 2011، بدأت طهران في توفير الأموال والأسلحة والدعم والتدريب للمجموعة، حيث استفادت إيران من انهيار الدولة في 2011.

وتغير الوضع بشكل كبير عندما استولى الحوثيون على صنعاء في 21 سبتمبر 2014 وطردوا الحكومة اليمنية، وبعد ذلك بوقت قصير، تحرك الحوثيون للاستيلاء على ميناء عدن.

وبدأت إيران في توريد الأسلحة الثقيلة وتقديم دعم اقتصادي كبير، وفيما يبدو أنها أصبحت ملتزمة ببقاء الحوثيين وقدرتهم على إبراز السلطة في جميع أنحاء المنطقة - وخاصة في عتبة المملكة العربية السعودية.

شعرت الدول الخليجية، حينها، بالخطر الحقيقي، وشكلت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تحالفا عربياً لإعادة الحكومة اليمنية إلى السلطة وطرد الحوثيين.

بحلول عام 2016، شوهدت الأسلحة الإيرانية في اليمن على كل جبهة، واستخدم الحوثيون للقوارب الإيرانية المتفجرة التي يتم التحكم فيها عن بعد ما مكّنهم من شن هجمات على السفن العسكرية الإماراتية والسعودية والأمريكية وناقلات النفط ومحطات النفط في البحر الأحمر.

أدركت إيران، حينها، أن النزاع قد أتاح فرصة لإضرار الرياض وربما الحصول على شريك (الحوثيين) يمتلك القدرة لتهديد التجارة في جنوب البحر الأحمر ونقطة باب المندب الاستراتيجية، وهو ما يعني أن تأثيرها على تلك الجغرافيا، إلى جانب سيطرتها الحالية على مضيق هرمز، سيسمح لها (طهران) بالرد على أي عمل أمريكي مع تهديد غير متماثل لشحنات الطاقة والتجارة العالمية.

ويحتمل أن تعترف طهران أيضا بأن المجتمع الدولي -الذي لم يفعل الكثير لردع عدوانها في العراق وسوريا- لن يكون لديه شهية لعرقلة ذلك.

كما في حالة سوريا، كان أول رد لإيران يتعلق بنقل المستشارين والأسلحة عبر جسر جوي وعبر خطوطها الجوية المدنية، ثم تلاه تهريب بحري من موانئ مدنية وقوارب صغيرة، وكانت مجموعة صغيرة من المتخصصين العسكريين في حزب الله اللبناني نشطة على الأرض، وسرعان ما أنهى التحالف العربي قدرة إيران على القيام برحلات جوية وفتح شحنات بحرية، لكن التهريب عبر عُمان وساحل بحر العرب مكّن إيران من تقديم تكنولوجيا صاروخية وطائرات بدون طيار متطورة بشكل متزايد، وصواريخ موجهة متقدمة مضادة للدبابات، وبنادق قنص، وقذائف صاروخية، وغيرها بوتيرة كافية للسماح للحوثيين بالحفاظ على زمام المبادرة. ومكّن استيلاء الحوثيين على ميناء الحديدة الرئيسي في اليمن عام 2014 إيران من شحن صواريخ باليستية ومستشاريها إلى شريكها الجديد.

ويتقاسم الخطاب الحوثي و(الصرخة) لهجة حزب الله ولغته، وقد التقى زعماء الحوثي مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في أغسطس 2018.

في الوقت نفسه، تربط الحوثيين علاقة موازية مع حزب الله اللبناني، ويقع المقر الرئيس لقناة الحوثي الفضائية في بيروت. ويسافر زعماء الحوثيين بشكل متزايد إلى لبنان، حيث تشير التقارير إلى أنهم حصلوا على إقامات هناك. وعلى الأرجح، لا يزال مدربون من حزب الله على الأرض في اليمن.

ويعترف المراقبون الغربيون بشكل روتيني بدور إيران في تفاقم الصراع في اليمن ومدى الكارثة المدنية، لكن طهران لم تواجه أي عواقب محددة لأعمالها في اليمن. وما زال القادة الإماراتيون والسعوديون مقتنعين بأن إيران تعتزم إنشاء نفس البرنامج الصاروخي والطائرات بدون طيار في اليمن الذي يستهدفهم كما تحقق في لبنان ضد إسرائيل بعد 2006.