وكلاء إيران في العراق.. أذرع للإرهاب والفوضى

لم يكن ينقص العراقيين إلا تدخل إضافي من فصائل حزب الله اللبنانية بحياتهم اليومية بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي، فبعد أيام على التظاهرات وصلت مجموعات إضافية من عناصر حزب الله إلى بغداد، لدعم مجموعات موجودة هناك منذ أكثر من عام أرسلت لمواجهة المتظاهرين في البصرة ومدن الجنوب.
 
وبالنسبة لطهران وحزب الله، فإن للعراق موقعه الاستراتيجي في الهلال الشيعي المكون من العراق وسوريا ولبنان، هو المعبر البري للسلاح وعناصر الحرس الثوري إلى ساحل البحر المتوسط، ولذلك فإن المقربين من الزعيم علي خامنئي عاشوا أياماً من القلق بعد التحركات الشعبية الكبيرة في مدن العراق، وخصوصاً المناطق التي تشهد حضوراً شيعياً كثيفاً.
 
ويعتبر المقربون من الحرس الثوري أن الوضع في العراق بعد التحركات الاحتجاجية الأخيرة يبدو شديد الحساسية، وينذر باحتمالات قاسية، والسبب هو عدم تمكن الأمن العراقي من القمع الكامل للتظاهرات، التي توقفت في الوقت الحالي بسبب هدنة مرتبطة بمناسبة إحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين، بعدما تخوف عدد من قادة التحركات في المدن من أن يستغل الحرس الثوري المناسبة لتفجيرات تحت مسمى تنظيم داعش، تؤدي إلى انقسام بين المحتجين وتفرض قمعاً أسوأ مما حصل خلال الأيام الماضية.
 
فالتحضيرات لمواجهة المحتجين في بغداد والتي يقودها مستشارين من حزب الله لم تتوقف فقط على التدريب العسكري للقمع والمتابعة الإلكترونية للناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتدريب على عمليات الاغتيال للشبان المعروفين بدورهم الأساسي في التحركات، بل وصل الأمر إلى نشر آلاف المرتزقة من عناصر حزب الله والحرس الثوري في مناطق مختلفة، وصل بعضهم خلال الأيام الأولى للاحتجاجات، فيما يصل آخرون في هذا الوقت تحت مسمى المشاركة في أربعينية الحسين.
 
ودور هؤلاء العناصر واضح، وهي أن يكونوا قوة احتياطية ضاربة للتدخل على الأرض مباشرة، والهجوم بالسلاح والتفجيرات على المحتجين، وصولاً إلى تشديد حملة اغتيالات غير موصوفة، تعيد التذكير بسنوات الدمار التي عاشها العراق منذ عام 2005.
 
وكانت طهران أعلنت عبر قائد الوحدات الخاصة التابعة لقوى الأمن الداخلي الإيراني العميد حسن كرمي، أنها سترسل 7500 جندي إلى العراق بذريعة الحفاظ على أمن الزائرين في مراسم زيارة الأربعين، ولكن الحقيقة أن الرقم هو أكبر بكثير مما قاله كرمي، ففي مناطق كربلاء والمدن المحيطة بها امتلأت الفنادق ومعها البيوت المؤجرة بالعناصر القادمين من طهران، كذلك عناصر لبنانيين منتشرين بشكل كبير في قواعد ومراكز حزبية للحشد.
 
فدور الحشد واضح في محاربة المحتجين ودعم العناصر الأجنبية القادمة من طهران والضاحية الجنوبية لبيروت، وكذلك موقفه بعد تصريح رئيسه فالح الفياض الذي هدّد المتظاهرين بالقمع وقال إن "الحشد لن يسمح بسقوط النظام".
 
والتحضيرات في طهران والضاحية لما بعد مناسبة أربعين الحسين، بدأت من خلال حملة إعلامية مكثفة تتهم شبان التظاهرات والمحتجين بالعمالة لدول الخارج، ويتهمونهم بالتحول إلى أدوات يستعملها إعلاميون وسياسيون للانقضاض على النظام، ولكن المقربين من حزب الله الذين يقودون هذه الحملة من بيروت، يتغاضون عن مئات مليارات الدولارت التي سرقت من أموال العراقيين وصرفت لدعم الحزب والحرس الثوري في حروبهم المتنقلة في المنطقة، ويتغاضون أيضاً عن الفقر الذي أصاب العراقيين، وجعل بالمقابل نحو 5% منهم يحصلون على ثروات ضخمة بالمليارات مقابل فقر الملايين.
 
وفي العراق، أراد المتظاهرون حماية بلدهم من الفقر والعوز ومن تحوله إلى صندوق بريد للرسائل الخارجية، وأرادوا العيش من دون فساد، ولكن هذا يعني بالنسبة لحزب الله اللبناني ومعه قيادة الحرس الثوري انقطاعاً في هلالهم وتوقف لمزراب مالي كبير، ما دفعهم لاتخاذ قرارات ثمنها كبير ولا يريدها العراقيون ويرفضونها كما يرفضون الميليشيات، حيث يتخوف الناشطون من جر بلدهم إلى حرب أهلية تشبه الحرب التي ساهموا بإشعالها في سوريا.
 
وتخوفت مصادر الناشطين في بغداد من فوضى محسوبة بدقة يديرها الإيرانيين، حيث تلجأ إلى استخدام كل ما تصل إليه يدها لزرع الفوضى، وغايتها لا تتصل فقط بالداخل العراقي، بقدر ما تتصل بصراعات المنطقة والمحاور، حيث لا يوفرون استخدام النعرات المذهبية والتفجيرات كأداة للانتقام لا أكثر.