سر مدفون في قلب صحراء نيفادا.. لغز المنطقة 51: كائنات فضائية أم تجارب عسكرية أمريكية سرية؟

المنطقة 51 سلطت الأضواء عليها حين انتشرت دعوة على مواقع التواصل لزيارتها واكتشاف ما تخفيه الولايات المتحدة من أسرار عن الفضائيين.
 
لم تكن أفلام الإثارة الهوليوودية التي تتحدث عن الكائنات الفضائية مجرّد خيال علمي، بل هي انعكاس لهوس أميركي باستكشاف الفضاء والبحث عن حياة أخرى خارج كوكب الأرض. ورغم أن المواضيع بشكلها الرسمي لا تخرج عن نطاق الدراما، إلا أن الواقع مختلف والدليل على ذلك “المنطقة 51”.
 
الصندوق الأسود
 
كثيرا ما أثارت هذه المنطقة الواقعة في ولاية نيفادا بالولايات المتحدة، فضول الكثيرين، نظرا للسرية المحيطة بها وللإشاعات التي تتردد عن أنها تحتضن أسرار الحكومة الأميركية والمتعلقة بالمخلوقات الفضائية والأطباق الطائرة.
 
وترتبط هذه القاعدة العسكرية بما يشاع عن حادثة وقعت منذ خمسينات القرن الماضي، حيث أبلغ البعض عن رؤية أجسام طائرة جنوب ولاية نيفادا، أين تقع القاعدة العسكرية. ففي 17 يونيو 1959، نشرت جريدة “رينو ايفنينغ غازات” مقالا بعنوان “المزيد من الأجسام الطائرة شوهدت في السماء”، ونقلت وصف الرقيب واين أندرسون لجسم “أخضر ساطع يتجه نحو الأرض بسرعة كبيرة تستبعد كونه طائرة”.
 
وقبل ذلك التاريخ، وتحديدا في 8 يوليو 1947 تحطم بالون مراقبة عسكري للقوات الجوية في مزرعة مواش بصحراء نيو مكسيكو. اعتقد الأهالي أن ما شهدوه هو سفينة فضائية من خارج كوكب، ولم ينجح الجيش في أن يقنعنهم بأن الجسم لم يكن سوى لبالون طقس عادي.
 
وانتشرت الشائعات وازدادت المواضيع إثارة بشأن الكائنات الفضائية التي يتستّر عليها الجيش. ولم يتوقف سكان جنوب نيفادا عن الإبلاغ عن رؤية أطباق طائرة. التي يرجح الخبراء أنها مجرد تجارب لطائرات تجسس سرية.
 
ووفقا لوكالة الاستخبارات المركزية، فقد كانت اختبارات الطيران السرية تجري في المنطقة منذ أن بدأ الجيش في اختبار طائرات التجسس “يو-2” سنة 1955، في فترة قريبة من تقارير السكان الذين شاهدوا أجساما طائرة، وهي تقارير لم يتم التأكد من صحتها وفتحت الباب للنظريات الأخرى التي تحاول كشف سرّ الموقع الغامض.
 
وتسَلّطت الأضواء على هذه المنطقة منذ نهاية أغسطس الماضي حين انتشرت دعوة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى زيارة هذه المنطقة السرية واكتشاف ما تخفيه الولايات المتحدة من أسرار عن الفضائيين.
 
استقطبت الدعوة، التي حملت عنوان “اقتحموا المنطقة 51، فلن يوقفونا جميعا”، اهتمام الكثيرين. وحسب صحيفة الغادريان فقد عبّر 1.5 مليون شخص عن استعدادهم للمشاركة. وأشار 1.1 مليون آخرين إلى تفكيرهم في المشاركة.
 
وتحوّلت إلى حدث رئيسي في الإعلام الأميركي والدولي خاصة بعد أن قالت القوات الأميركية إنها ألقت القبض على رجلين هولنديين لمحاولتهما الدخول إلى المنطقة الـ51. وأعلنت القوات الأميركية أنها ألقت القبض، الثلاثاء 12 سبتمبر، على الشابين يوكم تيير غرانزي، وغوفيرت سيويب، على بعد ثلاثة أميال داخل المنطقة العسكرية، وأخبرا قوات الأمن أنهما شاهدا التحذيرات ولكنهما أرادا اكتشاف المكان في جميع الأحوال.
 
ولا يبدو أن إلقاء القبض على هذين الشابين سيمنع أنصار نظرية المؤامرة من مواصلة مغامرتهم. وقد جاء في خطاب الدعوة “سنلتقي جميعا في المناطق السياحية الموجودة قرب المنطقة 51 لننسق العملية من هناك. إذا ركضنا بسرعة مثل الطريقة التي تظهر في أنمي ناروتو، ستتجاوز سرعتنا رصاصاتهم. دعنا نلقي نظرة على الفضائيين هناك”.
 
ومن المنتظر أن يتجمّع عشرات الآلاف من المشاركين يوم 19 سبتمبر في مهرجانين، وهما “آليان ستوك” و”اقتحام المنطقة 51″ في مدينتي راشيل وهيكو في مقاطعة لينكولن الجنوبية التابعة لولاية نيفادا القريبتين من القاعدة السرية.
 
حيث أكدت متحدثة لصحيفة نيويورك تايمز أن أي محاولة تتضمن الدخول غير القانوني للمنشآت العسكرية أو مناطق التدريب العسكري تشكل خطرا على مرتكبيها. وتشير العلامات المنتشرة حول المنطقة، والتي تمنع دخول المنطقة، إلى حق الحراس في استخدام السلاح ضد المتسللين.
 
ما هي المنطقة 51؟
 
المنطقة 51 هي مساحة تدريبية مشددة الحراسة في جنوب نيفادا، حيث تتبع قوات الجو الأميركية. وتفرض طبيعة الموقع على العسكريين أن يبقوا ما بداخله سرّيا. واعترفت وكالة الاستخبارات المركزية بوجود المنطقة في أغسطس 2013، إلا أنها لم تكشف أسرارها.
 
ولأن القاعدة مصنّفة ضمن المنشآت العسكرية السرية، لا يعرف أحد ما الذي يجري هناك حقا. وقالت جاكوبسون إن هدفها يتمثل في “تطوير العلوم والتكنولوجيا العسكرية بنسق أسرع من أي قوة أجنبية أخرى في العالم. لكن سريتها تقود الآخرين إلى استنتاجات مختلفة تماما”.
 
واكتشف سرّ القاعدة بعد أن قدّم جيفري ريشيلسون، وهو زميل أقدم في أرشيف الأمن القومي في واشنطن، طلبا بممارسة حقه الذي يمنحه له قانون حرية المعلومات الأميركي (قانون فيدرالي ينص على حق كل فرد في طلب الوصول إلى سجلات الوكالة الفيدرالية إذا لم تكن محمية من الكشف). وطلب ريشيلسون معلومات حول طائرة التجسس الأميركية يو-2 من وكالة المخابرات المركزية.
 
ويشير تقرير لصحيفة التايم إلى أن الطلب أجبر وكالة المخابرات المركزية على رفع السرية عن الوثائق المتعلقة ببرنامج الطائرة، وبالتالي القاعدة العسكرية التي بنيت واختبرت فيها: المنطقة 51.
 
وقال ريتشلسون، الذي توفي سنة 2017، لصحيفة نيويورك تايمز في 2013 “بالتأكيد، لم تكن هناك إشارة إلى الفضائيين في المعلومات التي تلقيتها. طلبت تاريخ طائرة يو-2. لم تذكر الأطباق الطائرة سوى عند التطرق لأولئك الذين اعتقدوا أن الطائرة كانت جسما جاء من الفضاء”.
 
وقال مدير الأبحاث في أرشيف الأمن القومي، مالكولم بيرن، إن ريتشلسون حل اللغز المحيط بالمنطقة 51 بطريقة غير مباشرة. وقال “لا أعتقد أنه كان يلاحق لغز المنطقة 51 على وجه التحديد. كان الأمر صدفة، حيث صدرت معلومات تهم الآخرين”.
 
وكتب جوشوا نيفيت، في تحليل الـ”بي.بي.سي”، تحت عنوان “اقتحام المنطقة 51: النكتة التي قد تتحول إلى كارثة إنسانية”، مشيرا إلى أن هذه المنطقة العسكرية الغامضة وارتبطت منذ زمن طويل بنظريات المؤامرة المتعلقة بالفضائيين.
 
وتنقل بي.بي.سي عن غلين كامبل، وهو خبير في تاريخ المنطقة 51، قوله “تبقى القاعدة صندوقا أسود لا يمكن لأحد معرفة أسراره”.
 
وكتب أدريان ماتي في صحيفة الغارديان قائلا “لا تحاول أن تقتحم المنطقة 51 لرؤية الكائنات الفضائية المخبأة هناك. فرغم أن العملية لا تتخطى مجرد نكتة على الإنترنت، لن يضحك الأفراد المنتمون إلى القوات الجوية الأميركية مع أولئك الذين يتجرأون على التسلل إلى المكان”.
 
ويقول ماتي “سيحدد تاريخ 20 سبتمبر ما إذا كان سيتم نسيان هذه المزحة بحلول الأسبوع المقبل أم لا. قد تكون حقيقة الكائنات الفضائية بالفعل هناك، لكن محاولة اقتحام المنطقة أخطر”.