السكتة الدماغية لدى الشباب.. أسباب كثيرة وأرقام مثيرة للقلق

عادة ما تُصيب السكتات الدماغية المتقدمين في السن لكن الإحصاءات تكشف ارتفاع أعداد الشباب المصابين بها خلال السنوات الأخيرة. المثير للقلق هو أنها يمكن أن تصيب حتى الرياضيين منهم على حين غرة، فما الأسباب؟
 
عندما لا يُزود أجزاء من الدماغ بما يكفي من الدم وينقطع تزويدها بالأوكسجين، فإن الشخص يُصاب بسكتة دماغية، حيث تفقد بعض مناطق الدماغ وظائفها. فتكون العواقب عادةً الشلل النصفي الذي يمكن أن يمتد من الوجه حتى أطراف الأصابع. ونادراً ما يتعافى المصاب بالكامل. وفي أسوأ الحالات، تتأثر وظائف الحياة المركزية لتنتهي السكتة الدماغية بالموت.
 
في الغالب، يحدث اضطراب التروية الدموية القاتل بالدماغ في سن الشيخوخة فقط نتيجة للتكلس الوعائي أو التصلب الشرايين. ومعظم المرضى لديهم عوامل الخطورة المعتادة التي تهدد بانسداد أوعيتهم الدموية: السمنة والتدخين وارتفاع ضغط الدم.
 
لكن الأطباء لاحظوا في السنوات الأخيرة ارتفاع أعداد المصابين بالسكتة الدماغية من الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً. وفي كل عام يُصاب نحو 30 ألف رجل وامرأة في ألمانيا وحدها بما يُسمى "السكتة الدماغ عن الشباب".
 
ومن الأسباب العاملة للإصابة بالسكتات هو أسلوب الحياة غير الصحي وقلة الحركة والسمنة منذ الصغر والتدخين، ويزيد الأمر سوءا عن النساء بتناول حبوب منع الحمل وعدم الانتباه إلى ارتفاع ضغط الدم. لكن المثير للرعب في هذه السكتات الدماغية بين الشباب هو أن المصابين من رشيقيّ الجسم ويمارسون الرياضة ومن غير المدخنين، أي أنهم معافون حتى اللحظة التي يُصابون فيها بالجلطة.
 
وهذا ما دفع فريق من الباحثين الألمان من جامعة ميونيخ برئاسة الدكتور لارس كيليرت إلى دراسة عن الإصابة بالسكتة الدماغية للفئة العمرية بين 18 و55 عاماً.
 
وبحسب مجلة "فوكوس" الألمانية فإن ما يميز السكتات الدماغية لدى الشباب هو عدم توصل الأطباء بنسبة 30 إلى 50 بالمائة إلى سبب ملموس للعجز في تزويد مناطق الدماغ بالدم. وفي 25 بالمائة من الحالات فإن السكتات تكون ناجمة عن تجلط في الدم، يُدفع عن طريق القلب نحو الدماغ.
 
وفي 20 في المائة من السكتات الدماغية لدى الشباب الأصغر سناً، يمكن اكتشاف إصابتهم بما يُسمى بـ "التسلُخ التلقائي"، وهو عبارة عن انشقاق الجدار الداخلي لشريان الرقبة الذي يزود الدماغ بالدم المحمل بالأوكسجين. إذ يتكون نوع من الفراغ المقفل بين الطبقتين الداخلية والوسطى من الشريان، فيتجمع الدم في هذا الفراغ لينشأ ما يُسمى بالورم الدموي الذي يغلق الشريان.
 
ويمكن أن يصيب هذا "التسلُخ التلقائي" الأشخاص الذين لا يتحركون كثيراً ويتغذون بشكل سيء، وأولئك المعافين الذين يمارسون الرياضة، فحركة قوية سريعة خلال ممارسة الرياضة يمكن أن تؤدي إلى تمزق الشريان. وقد تكفي لدى البعض الآخر حركة بسيطة خلال الحياة اليومية لتمزق الشريان أيضاً، كما تقول الدراسة. ومن غير المعروف بعد ما إذا كان ضعف النسيج الضام الفطري، أو ضعف جدار الأوعية الدموية نظراً للإصابة بالالتهابات مسؤولان عن "التسلُخ التلقائي"
 
ووفقاً للدراسة فإن عشرة بالمائة من السكتات الدماغية بين الشباب تعود إلى أسباب نادرة، مثل التهاب الأوعية الدموية أو التهاب الوريد الخثاري.
 
وبحسب صحيفة "زود كورير" الألمانية فإن العامل الأساسي في معالجة السكتة الدماغية هو العناية السريعة في وحدة السكتة الدماغية، فكُلما أُسرع في العلاج، قلّت الآثار الدائمة للسكتة وعدم تقديم أي طعام للمصاب تجنباً للاختناق ورفع الرأس إلى أعلى وفي حالات الإغماء يجب وضع المصاب على جانبه. كما أن لصغر السن ميّزة كبيرة، فالمرضى الأصغر سناً يتعافون بشكل أسرع من غيرهم، وفي 30 بالمئة من الحالات تختفي جميع الآثار تماماً. لكن 5 بالمائة من الحالات تنتهي بالموت، كما يقول الدكتور كيليرت، مقارنة بـ 30 بالمائة لدى الأكبر سناً. كما كشفت الدراسة أن 40 من الشباب المُصابين بالسكتة الدماغية، يمكن أن يعودوا إلى محل عملهم القديم، بينما يبقى ثلثهم دون عمل.