توتر بين إيران والأسد بسبب تعاظم الدور الروسي.. وغضب شعبي سوري من استمرار نفوذ حزب الله

كشفت مصادر عربية أن ميليشيات شيعية منفلتة موالية لإيران تسعى للحفاظ على حالة اشتباك شبه دائمة مع إسرائيل على الأراضي السورية، وأن ذلك يصب في خانة منع حالة انفراد إسرائيلي روسي أميركي بطهران ودفعها إلى الانسحاب من سوريا تحت الضغط ودون تحقيق أي من نتائج تدخلها.

وأضافت المصادر أن هذه الميلشيات، التي تتحرك وفق آلية تحرير المبادرة،هي التي تقف وراء إطلاق شبه مستمر للقذائف في مسعى لتوسيع دائرة الاشتباك على الأراضي السورية، في وقت بدأت فيه إيران تفقد صبرها بسبب تعاظم الدور الروسي وتحكمه بالقرار في دمشق.

وجاءت هذه التطورات الخطيرة في وقت أعلنت فيه إسرائيل أنها وسعت ضرباتها الموجهة إلى الإيرانيين في سوريا لتشمل البوكمال في منطقة الحدود السورية-العراقية.

وقالت المصادر إن تدخلا من القوات السورية أفشل محاولة من هذه الميليشيات لإطلاق طائرة مسيرة بعد تلقيها ضوءا أخضر من الحرس الإيراني.

واعتبرت المصادر العربية ما يحصل حاليا في سوريا تصعيدا خطيرا يهدد بنشوب نزاع واسع، خصوصا بعدما بدا أن حزب الله مستعد لفتح جبهة الجنوب اللبناني ردا على ضربات توجهها إسرائيل إلى الإيرانيين والميليشيات التابعة لها في سوريا.

وكان آخر دليل على استعداد حزب الله لتحريك جبهة الجنوب اللبناني إعلانه أمس عن إسقاط طائرة مسيرة إسرائيلية حلقت فوق إحدى القرى اللبنانية القريبة من خط وقف إطلاق النار مع إسرائيل.

وقال الحزب إنه أسقط طائرة إسرائيلية مسيرة، الاثنين، قرب بلدة رامية الجنوبية، وإنها “أصبحت الآن بيد المقاومين”، وذلك بعد أسبوع من تبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي إطلاق النار عبر الحدود.

وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان أن إحدى طائراته المسيرة “سقطت داخل جنوب لبنان خلال عمليات اعتيادية”. ولم يشر إلى سبب سقوط الطائرة، لكنه أشار إلى أنه “لا توجد مخاوف من إمكانية الحصول على معلومات منها”.

وقالت متحدثة عسكرية إسرائيلية إنها كانت “طائرة مسيرة بسيطة” دون أن تذكر تفاصيل.

وذكر حزب الله أنه “تصدى” للطائرة المسيرة “بالأسلحة المناسبة” بينما كانت في طريقها إلى بلدة رامية في جنوب لبنان، وتم إسقاطها عند أطراف البلدة.

وفي بيان منفصل قال الجيش الإسرائيلي إن فصائل شيعية مسلحة تعمل تحت قيادة فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، أطلقت عددا من الصواريخ صوب إسرائيل من سوريا، الاثنين، لكنها سقطت قبل أن تصل إلى الأراضي الإسرائيلية.

وذكر الجيش أنه تم إطلاق الصواريخ من منطقة قرب دمشق.

وأدت ضربات جوية استهدفت مواقع للقوات الإيرانية ومجموعات موالية لها في شرق سوريا، ليل الأحد الاثنين، إلى مقتل 18 مقاتلا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي لم يتمكن من تحديد الجهة التي نفذت الغارات، وإن كانت المؤشرات تشير إلى دور إسرائيلي في الهجوم.

وقال المرصد في بيان إن “عدة ضربات جوية استهدفت مواقع للقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها في منطقة البوكمال وأسفرت عن مقتل 18 مقاتلا لا نعلم حتى الآن جنسيتهم”.

وجاءت الضربة في محافظة دير الزور التي تشهد عمليات معقدة وحيث تتواجد مجموعات مقاتلة متعددة.

وتقول إسرائيل، التي تشعر بالقلق من النفوذ الإقليمي المتزايد لإيران من خلال حلفاء مسلحين في بلدان مثل سوريا والعراق ولبنان، إنها نفذت المئات من الضربات في سوريا. وتسعى إسرائيل لمنع إيران من إقامة وجود عسكري دائم هناك واستهدفت شحنات أسلحة متقدمة كانت في طريقها إلى الجماعة اللبنانية.

واعتبر مراقبون أن تحرك الميليشيات الشيعية يأتي داخل سياق تصعيد تريده إيران لتخفيف الضغوط التي تمارس عليها منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الموقع في فيينا مع إيران عام 2015.

ورأوا أن طهران تودّ التشويش على أي تفاهمات روسية إسرائيلية بشأن إخلاء منطقة الجنوب السوري الحدودية مع إسرائيل من أي وجود عسكري تابع لإيران وميليشياتها، وهي من خلال إطلاق تلك الصواريخ تودّ بعث رسالة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين كما لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اللذين سيلتقيان الخميس في موسكو، بأنها ما زالت رقما صعبا داخل المعادلة السورية.

وتؤكد مصادر دبلوماسية عربية أن إيران تسعى لتدعيم موقفها المتصدع داخل سوريا، خصوصا أن كافة السيناريوهات الدولية المرتبطة بمستقبل سوريا تلحظ تقليصا حقيقيا للنفوذ الإيراني داخل هذا البلد.

وتضيف المصادر أن طهران باتت تدرك أن قيام إسرائيل بضرب مصالحها ومواقعها العسكرية في العراق وسوريا، ومثال ذلك ما تعرضت له مواقعها العسكرية على الحدود السورية العراقية بالقرب من مدينة البوكمال، أمس، يمثل أعراضا متصاعدة لقرار دولي تنفذه إسرائيل، قد لا تكون روسيا بعيدة عنه، لإغلاق الممر الذي لطالما سعت طهران لشقّه بين طهران وبيروت.

ولفتت مصادر محلية سورية إلى أن الاشتباكات التي شهدتها جرود القلمون الغربي بين عناصر من ميليشيا حزب الله وعناصر من ميليشيا الدفاع الوطني تعكس حالة التنافر الحاصلة ميدانيا بين الأذرع التابعة لإيران والأذرع التابعة لنظام دمشق، كما تعكس رجحان كفة التيارات القريبة من روسيا داخل نظام دمشق على تلك القريبة من إيران.

واعتبر خبراء في الشؤون السورية أن الميليشيات الشيعية التابعة لإيران باتت تعمل خارج سياق التنسيق مع النظام السوري والقيادة العسكرية الروسية في قاعدة حميميم، وأن أجنداتها باتت بعيدة عن هدف حماية النظام السوري، وتعمل وفق ما تخطط له قيادة الحرس الثوري في إيران.

وأضاف هؤلاء أن الضغوط العسكرية الخارجية قد تستكمل لاحقا بضغوط داخلية تهدف إلى تحجيم نفوذ ودور إيران كشرط إلزامي يطالب به المجتمع الدولي قبل العبور إلى أي تسوية سياسية محتملة.