لماذا يستخدم الإرهابيون "تليغرام" في مراسلاتهم؟

خلال التحقيقات التي أجرتها أجهزة الأمن المصرية مع خلية "حسم" الإخوانية التي نفذت تفجير معهد الأورام قبل أسابيع، وأسفر عن سقوط 22 قتيلا و47 جريحا، اعترف أحد عناصر الخلية باستخدامهم تطبيق "تليغرام" في التواصل بينهم قبل تنفيذ العملية.
 
وقال إن عناصر الخلية استخدموا "تليغرام" لتلقي تعليمات تنفيذ العملية والتخطيط لها، فيما قال آخر إنه لم يستطع التواصل مع أحد أعضاء الخلية بسبب عدم حصوله على حساب شخصي في التطبيق.
 
وفي حادث الواحات الإرهابي الذي وقع في العام 2017 وأسفر عن سقوط 16 قتيلا، تبين أن الإرهابي الليبي عبد الرحيم المسماري المتهم في الحادث تواصل مع أفراد الجماعة في ليبيا عبر "تليغرام" لإغاثته، بعد هجوم الجيش المصري على مجموعته الإرهابية، لكنهم لم يفلحوا في الوصول إليه.
 
لماذا تليغرام؟
 
مؤشر الفتوى بدار الإفتاء المصرية أجاب عن ذلك، وقال إن التنظيمات والجماعات المتطرفة تعتمد في تنفيذ عملياتها الإرهابية على فتاوى وتعليمات لقادتهم تُنشر عبر أدوات و"جروبات" اتصال مشفرة تشبه الغرف المغلقة بين أعضاء تلك الجماعات، على برنامج "تليغرام"، مضيفا أن التطبيق يمتلك خاصية التدمير الذاتي والخصوصية الشديدة في المراسلات، ويعد الأكثر أمنًا في برامج التواصل الموجودة حاليًّا على مستوى العالم.
 
وذكر أن التطبيق يتمتع بخصائص أمان وحماية مقارنة بالتطبيقات والمواقع الأخرى، حيث يستغل الإرهابيون قواعد الحفاظ على خصوصية المستخدم للتواصل فيما بينهم، ومن أبرز تلك الخصائص، توفير خدمة المحادثات السرية التي تتيح خاصية تشفير الرسائل من البداية إلى النهاية، بحيث لا يستطيع أي شخص آخر التدخل بما فيهم فريق عمل تليغرام في تلك المحادثات.
 
منتهى السرية
 
وتكشف إفتاء مصر أن التطبيق يتميز بحفظ كافة المحادثات السرية في الجهاز الخاص بصاحبها دون رفعها لخوادم "تليغرام" في السحابة، وتوفير إمكانية حذف الرسائل نهائيا، فعند حذف رسالة من جهاز أحد الطرفين، يتم حذفها تلقائيا من جهاز الطرف الآخر، مضيفة أنه يوجد كذلك ما يعرف بـ"عداد التدمير الذاتي" للرسائل والوسائط والملفات، والتي تدمر وتخفي كافة الرسائل بمجرد وصولها وإعلام الطرف الآخر بها، ما يساهم في إمكانية تحديد وتخطيط العمليات الإرهابية بسهولة، وحذف الرسائل المتعلقة نهائيا بمجرد وصولها للأعضاء.
 
وأشارت إلى أن تطبيق "تليغرام" لم يكن مرحبا به في عدة دول على مستوى العالم منذ إطلاقه، لتسببه في جرائم عالمية، موضحً أن "تليغرام" تطبيق روسي كان هدفه في البداية توفير وسيلة للتواصل لا تستطيع أي حكومة أخرى اختراقها.
 
وذكرت أن جماعة الإخوان تستخدم عبر "تليغرام" تعبيرات وألفاظًا من شأنها دغدغة مشاعر أتباعها وإثارتهم، وشحذ هممهم لتنفيذ أجنداتها للفوز بالجهاد المزعوم والتذكير دائمًا بالجنة والنار، فيما عمل تنظيم "القاعدة" على تدشين قنوات جديدة عبر التطبيق، وإعادة بناء نفسه بهدوء، مشيرة إلى أن شبكة القاعدة على تطبيق "تليغرام" ضمت قنوات بلغات مختلفة، كانت بمثابة أبواق إعلامية للتنظيم وأخباره، ومنها مؤسسة "شام الرباط" للإنتاج الإعلامي، وقناة "مؤسسة السحاب" و"مؤسسة بيان للإعلام الإسلامي".
 
لايف تشات
 
وكشفت إفتاء مصر أن التنظيمات الإرهابية تتواجد على مواقع التواصل الاجتماعي المتنوعة، لكن استحوذ "تليغرام" على 45 %من قنواتها وحساباتها، فيما جاءت برامج "اللايف تشات" في المرتبة الثانية، وجاء موقع تويتر ثالثا، وأخيرا فيسبوك.
 
"الغرف المغلقة"
 
وكشفت دار الإفتاء المصرية استخدام "الغرف المغلقة" لتطبيق تليغرام في التخطيط لهجوم برلين في عيد الميلاد عام 2016، والهجوم الذي نُفذ في ملهى ليلي ليلة رأس السنة عام 2017 في إسطنبول، بالإضافة إلى الهجوم الذي نُفذ في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية في منتصف أبريل من العام 2017 أيضًا، وهو الهجوم الذي دفع القائمين على التطبيق للتوصل إلى اتفاق مع الحكومة الروسية يقتضي بمشاركته مجموعة محدودة من بيانات المُستخدمين المُشتبه في انتمائهم لداعش، على أن يدير تطبيق "تليغرام" عملية مشاركة البيانات.
 
وأضافت أن "داعش" أعلن عبر التطبيق أيضا، عن تبنيه لحادث إسقاط الطائرة الروسية في سيناء في 31 أكتوبر من العام 2015، والتي راح ضحيتها 224 شخصًا كانوا على متنها.
 
وطالبت الإفتاء المصرية الحكومات بالتدخل لمنع التواصل من خلال هذا التطبيق أو حجبه نهائيًّا، كما فعلت روسيا، أو ترك استخدامه والتعامل معه بشكل طبيعي لكن وفقًا لشروط خاصة وأحكام تضعها الدول والهيئات المعنية.

*العربية