لم يتعظ من درس الانتخابات.. أنانية أردوغان تفاقم أزمات تركيا

بدا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منفتحا على التغيير بعد الهزيمة المذلة التي مُني بها في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول الشهر الماضي. وقال في حينها أمام نواب من حزبه العدالة والتنمية: "لا نملك رفاهية غض الطرف وتجاهل الرسائل التي قدمها الناس".
 
ورغم أنه بدا كذلك بعد الانتخابات، فإن الرئيس عاد وقرر مرة أخرى أن الأتراك يريدون المزيد من نفس توجهاته، وفقا لوكالة "بلومبرج" للأنباء.
 
فقد عزل أردوغان محافظ البنك المركزي مراد تشيتن كايا، لأته فيما يبدو لا يوافق على نظريات الرئيس الغريبة بشأن أسعار الفائدة. والبديل له أصبح مراد أويصال الذي يعرف ما الذي يتعين فعله من أجل الحفاظ على المنصب، حتى إذا كان نتيجة هذا تراجع سعر صرف الليرة وتفاقم الأزمة الاقتصادية. ويتوقع محللون انهيارا شبيها بما اعتاده المراقبون في أميركا اللاتينية.
 
وإذا ما كان الاقتصاد بحاجة إلى دفعة لإسقاطه من حافة الهاوية، فإن قرار أردوغان المضي قدما في شراء منظومة إس400- الروسية للدفاع الجوي قد يفي بهذه المهمة: فالتسليم الوشيك للدفعة الأولى من هذه المنظومة يمكن أن يؤدي إلى قيام الولايات المتحدة بفرض عقوبات صارمة كما حدث العام الماضي، وهو الأمر الذي قد يكون مدمرا للاقتصاد التركي.
 
ويعتقد أردوغان أن الولايات المتحدة لن تفرض عقوبات، وربما استمد هذا الاعتقاد من حديثه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب والذي اتسم باتجاه عاطفي من جانب ترامب خلال قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان مؤخرا. إلا أن الحقيقة هي أن ترامب لا يستبعد فرض عقوبات، وفي الوقت نفسه تواصل وزارة الخارجية الأميركية التهديد بفرض عقوبات على تركيا على خلفية شراء إس400- الروسية.
 
كما أن التطورات السياسية الأخيرة لن تطمئن المستثمرين القلقين بالفعل من التوقعات الاقتصادية. فالهزيمة المدوية في انتخابات إسطنبول، والتي شكلت أول هزيمة كبرى في المسيرة السياسية لأردوغان، قد أضعفت نظرة الناس له على أنه زعيم لا يُهزم، وجرّأت المعارضين من داخل حزبه.
 
وقبل أيام، استقال وزير الاقتصاد التركي الأسبق علي باباجان من حزب العدالة والتنمية. ويُتوقع على نطاق واسع أن يقوم بتأسيس حزب جديد. وأصبح مسؤولون سابقون مثل رئيس الوزراء الأسبق أحمد داوود أوغلو والرئيس السابق عبد الله جول معارضين بارزين.
 
وربما يكون انشقاق باباجان هو الأكثر ضررا، فقد كان الرجل وزيرا للشؤون الاقتصادية خلال الفترة من 2002 وحتى 2007 ، وأشرف على جهود إخراج البلاد من الأزمة المالية. ويُنسب إليه النمو الهائل الذي تلا ذلك. ورغم أنه لم يصرح علانية بمعارضة سياسات أردوغان الاقتصادية الأخيرة، فإن انسحابه من الحزب سيجعله يشعر بالحرية لإبداء المعارضة. ومثله مثل داوود أوغلو، يُعتقد أن باباجان يعارض القرار الذي صدر عن أردوغان منذ عام بتعيين صهره براءت ألبيرق وزيرا للخزانة والمالية.
 
وتسبب ذلك التعيين في زعزعة ثقة المستثمرين في إدارة أردوغان للملف الاقتصادي. إلا أنه يبدو أن الرئيس قرر اعتبار أن تجاهل هذه المخاوف هو أيضا رفاهية يمكنه التعامل معها.