نيويورك تايمز: اردوغان يتلقى أكبر هزيمة في حياته

تعرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأكبر هزيمة في تاريخه السياسي أمس الأحد، حيث أقر مرشح الحزب الحاكم بالهزيمة مجددا في إعادة انتخابات إسطنبول المحلية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
 
وانتزعت نتائج إعادة الانتخابات السيطرة على أكبر مدينة في تركيا من أردوغان كما وضعت نهاية لهيمنة حزبه، التي دامت 25 عامًا في إسطنبول. يقول المعارضون إن مثل هذه الخسارة تشق هالة الرئيس الذي لا يقهر، مما يدل على ضعف إحكام قبضته على السلطة بعد 16 عامًا.
 
كما تضع الهزيمة أردوغان في موقف ضعف في وقت تشهد فيه تركيا علاقات متوترة مع الولايات المتحدة ودول أخرى، بينما يتوجه إلى اجتماع قمة مجموعة الـ20 هذا الأسبوع، حيث يخطط لإجراء محادثات على هامش القمة مع الرئيس دونالد ترمب لمعالجة الخلافات المتعددة.
 
وفي مؤتمر صحفي مساء أمس، قال إمام أوغلو: إن "16 مليونا من سكان إسطنبول جددوا إيماننا بالديمقراطية والثقة في العدالة".
كما دعا إمام أوغلو أردوغان للعمل والتعاون معه. قائلا: "أنا مستعد للعمل معك في تناغم. وأنا أعلن ذلك وأبادر به أمام جميع سكان إسطنبول".
 
تهنئة على تويتر
 
وهنّأ أردوغان إمام أوغلو عبر تويتر على الفوز بالمنصب، كما سعى من خلال تغريدات أخرى إلى الانتقال بأجندة العمل إلى ما بعد مرحلة الانتخابات، قائلاً إنه سيقوم بالتحضير للقضايا الخارجية والداخلية في اجتماع قمة مجموعة الـ20، المزمع عقده في أوساكا باليابان، وخلال اجتماعات مع مسؤولين في الصين، بالإضافة إلى اجتماع قمة جنوب أوروبا ومنطقة البلقان.
 
النتائج تؤثر على لقاء ترمب
 
كان أردوغان قد صرح أمام صحافيين دوليين الأسبوع الماضي بأنه يعتقد أن علاقته مع ترمب يجب أن تكون كافية لتخفيف الخلاف حول شراء منظومة الصواريخ الروسية طراز S-400، وربما يمكن تجنب العقوبات. لكن نتيجة الانتخابات هذه يمكن أن تغير مجريات اجتماعه وترمب.
 
بقايا ديمقراطية
 
وفي حين أن أردوغان قد اكتسب صلاحيات واسعة في ظل نظام رئاسي جديد يمنحه التحكم في جميع أدوات السلطة، فقد بقيت هناك درجة من الديمقراطية حيث كان يسعى دائمًا إلى إضفاء الشرعية على صندوق الاقتراع، والتأكيد للمواطنين نزاهة العملية الانتخابية.
 
حظي إمام أوغلو، 49 عامًا، بدعم تحالف من أحزاب المعارضة، وتم توحيد صفوفه لرفض قبضة أردوغان الاستبدادية المتزايدة على تركيا.
 
انتخابات عامة مبكرة محتملة
 
وقال محللون سياسيون إن فوز إمام أوغلو وخسارة العدالة والتنمية لإسطنبول، بالإضافة إلى كونها تطورا يمثل ضربة لصورة ومكانة أردوغان، فإن له عواقب سياسية عملية عليه، حيث إن إسطنبول تعتبر منزل أردوغان وقاعدته السياسية، حيث بدأ حياته السياسية كعمدة.
 
وأوضحت أسلي أيدينتاسباس، من كبار الباحثين الأتراك وباحثة رئيسية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قبل إعادة التصويت، قائلة: "إن خسارة إسطنبول تعني خسارة مصدر كبير للإيرادات بالنسبة للآلية السياسية لحزب العدالة والتنمية، بدءا من الإعانات ووصولا إلى ضمان توفير الحزب لعقود البناء والأموال المخصصة لوسائل الإعلام الموالية للحكومة".
 
وقالت أيدينتاسباس: "إن هذا التطور سيؤدي إلى سلسلة من ردود الفعل التي يمكن أن تعجل بالدعوة لانتخابات مبكرة في وقت لاحق من هذا العام أو في عام 2020".
 
تلاعب في صلاحيات المحليات
 
وتنبأ أوزغور أونوهيسارشيكلي، مدير أنقرة لصندوق مارشال الألماني في الولايات المتحدة، وهي منظمة بحثية، أيضا قبل الانتخابات، بأن حزب العدالة والتنمية سيتقبل النتائج على مضض. لكنه أشار إلى أن الحزب الحاكم ربما سيسعى إلى القيام بإجراءات من شأنها تغيير طريقة وسلطات إدارة المحليات في اسطنبول من خلال "تفكيك صلاحيات رؤساء البلديات الكبرى في الوقت المناسب".
 
تضاؤل شعبية أردوغان
 
تضاءلت شعبية أردوغان في إسطنبول، والتي استمدها إلى حد كبير من تقديم الخدمات لسكان المدينة، حيث إنه في السنوات الأخيرة توقفت طفرة البناء وتراجع الاقتصاد ليبلغ مرحلة الركود، على الرغم من انتعاش النمو بعض الشيء في وقت سابق من هذا العام.
 
الركود والبطالة
 
أثارت حالة البطالة والتضخم غضب الناخبين الأتراك مما دفعهم للتصويت ضد مرشحي أردوغان في العديد من المدن الكبرى، بما في ذلك العاصمة أنقرة، في الانتخابات المحلية بمارس الماضي.
 
الفساد والمحسوبية
 
يتم مقارنة إمام أوغلو الشاب بمرحلة شباب أردوغان، لأنه ينتمي إلى نفس منطقة البحر الأسود المعروفة بروحها القتالية، فضلا عن تميز إمام أوغلو بمواقفه الأنيقة والحيوية. وحصل إمام أوغلو على دعم الناخبين من خلال تقديم وعود بإدارة نظيفة وشاملة للجميع، والاستفادة من حالة الإنهاك العام التي يعاني منها الحزب الحاكم بالإضافة إلى شكاوى الفساد والمحسوبية. كما وعد إمام أوغلو بضمان وظائف العاملين في البلدية وألا تكون إدارته للمدينة من منطلق حزبي.
 
وترجع قوة الهزيمة التي لحقت بأردوغان وحزبه في إسطنبول إلى أن المعارضة انتصرت في ساحة لعب غير متساوية خلال حملتي العمدة، حيث يبسط أردوغان سيطرته على وسائل الإعلام ويستخدم الموارد الحكومية والبلدية بشكل صارخ لدعم مرشحه.