قطر بروابطها الأمريكية الإيرانية "المتضادة" تبدو كمن "يرقص على حبال" بدأت تتمزق

التوتر في الخليج على أشده مع حملات كلامية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، فيما ُترجم التصعيد بهجمات طالت مصالح دول خليجية. قطر بروابطها الأمريكية الإيرانية "المتضادة"، تبدو كمن "يرقص على حبال" بدأت تتمزق.

في أوج الأزمة بين أغلب دول الخليج وإمارة قطر، تحرص الأمارة الغنية بالغاز على دعم نشاط الدول الداعمة لنظريات الإسلام السياسي، وذهبت إلى حد التحالف مع إيران. هذا التقارب مع إيران والذي شمل افتتاح مصارف إيرانية في الدوحة، والعكس في طهران، ومصالح تجارية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات يبدو اليوم على المحك، فالتصعيد بين الولايات المتحدة وبين إيران، عمّق الانشقاق بين الدول الخليجية، وبات الجميع يسأل إلى أي حد يمكن لقطر أن تنحاز لإيران وأن تمضي في التصعيد.

ماذا لو أنطلقت طائرات أمريكية من قاعدة العديد لتقصف أهدافاً إيرانية؟!

لا يخفى على أحد أنّ قطر تضم مقر القيادة المركزية الأمريكية ومقر القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية، وتستقر فيها أسراب طائرات وقوات أمريكية وبريطانية ساهمت بشكل فعال في اسقاط نظام طالبان في أفغانستان عام 2001 وفي اسقاط نظام صدام حسين في العراق عام 2003. وفي قراءة لأسوأ سيناريو، يمكن أن تنطلق طائرات أمريكية من قاعدة العديد لتقصف أهدافاً إيرانية، وهذا سيضع قطر أمام خيار صعب في هذه الحالة، وقد علّق الخبير الاستراتيجي والعسكري د. مهند العزاوي المقيم في دبي في حديث مع DW عربية عن هذه القراءة بالقول: "مسألة القواعد الجوية ومقرات القيادة في قطر لا ترتبط بالموقف السياسي للإمارة، فدولة قطر لا تستطيع أن تمنع استخدام القواعد نظراً للمواثيق بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، وحسب نظام القدرة الأمريكي فهذه القواعد مخصصة لعمليات أعالي البحار، ولكن وقوع هذا الاحتمال لا يغير من موقف قطر السياسي حسب وجهة نظري".

"أمريكا وإيران ومنطق القوة لدواعٍ سياسية"

وتناغما مع المواقف الأمريكية الإيرانية النافية لخيار الحرب، أعلن وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجيّة عادل الجبير في مؤتمر صحافي في الرياض (الأحد 19 ايار/ مايو 2019) أنّ بلاده "لا تريد حرباً ولا تسعى لذلك، وستفعل ما بوسعها لمنع قيام هذه الحرب".

فيما قال وزير الدولة للشؤون الخارجيّة القطري سلطان المريخي لوكالة فرانس برس "الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال إنّه لا يريد الحرب، ولا أعتقد أنّ إيران تريد الحرب أو عدم استقرار في المنطقة".

وفي هذا السياق أشار الخبير الاستراتيجي الدكتور مهند العزاوي إلى هذه المواقف بالقول "أعتقد أن كلا الطرفين، الولايات المتحدة الأمريكية وإيران تستخدمان القوة لدواعٍ سياسية، واستبعد جدا احتمال قيام حرب كما يروج الإعلام أو تروج بعض مواقع التواصل الاجتماعي. هناك استخدام أدوات عسكرية لدواعٍ سياسية ومنها ما يسمى خيار حافة الحرب، واستخدام مظاهر القوة بأعلى معاييرها لكي يُجبر الطرف "أ" الطرف "ب" على الجلوس إلى طاولة المفاوضات".

المملكة العربية السعودية وفي مسعى لحشد الدعم السياسي لمواقفها من إيران دعت مساء السبت إلى عقد قمّتَين "طارئتين"، خليجيّة وعربيّة، للبحث في "الاعتداءات وتداعياتها على المنطقة (...) وعلى إمدادات واستقرار أسواق النفط العالمية"، أواخر شهر أيار/ مايو الجاري، عشيّة قمّة إسلاميّة تستضيفها مكة أيضاً، والملاحظ أن قطر لم تُدعَ إلى هذه القمة كما أعلن وزيرها سلطان المريخي.

وفيما تناقلت المواقع الخبرية نبأ قيام وساطة سويسرية بين الولايات المتحدة وبين إيران، بدأ الحديث بهمس مسموع مفاده أنّ قطر تقود جهود وساطة لإنهاء التوتر المتفاقم بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين إيران، وحول هذه الوساطة علّق د. العزاوي بالقول" ليس قطر فقط، بل هناك أطراف عربية أخرى، ومنها النظام السياسي العراقي الذي يحاول هو الآخر أن يلعب دور الوسيط".

"قطر لن تتخلى عن ارتباطها بإيران"

المراقب لتطورات الأزمة، يلحظ إشارات تطلق من هنا وهناك، تشي بأنّ الأزمة وإن تفاقمت لن تقود إلى مواجهة شاملة. وهذا يعني في مجمله، أنّ التحالفات والصراعات القائمة، باقية على حالها، حتى وإن بدا أنها تصل إلى طريق مسدود. ومن هذا المنطلق فليس من المتوقع أن ينفرط عقد التحالف القطري الإيراني الذي قام بقيام الأزمة الخليجية القطرية عام 2017، فهو تحالف يظهر في رقع وأماكن عديدة، فهي متفقة مع الموقف الإيراني في العراق ومع الموقف الإيراني في اليمن، وإلى هذا أشار الخبير الاستراتيجي د. مهند العزاوي مبيناً "قطر لن تتخلى عن ارتباطها بإيران، لا يوجد ملامح لهذا الاحتمال حتى الآن".