مسبار "بيرشيت" الإسرائيلي القمري في طريقه إلى القمر

أطلقت إسرائيل أول رحلة استكشافية إلى سطح القمر على متن صاروخ مملوك لشركة خاصة من قاعدة كيب كانافيرال في ولاية فلوريدا الأمريكية.

ويحمل الصاروخ "فالكون 9" الروبوت الإسرائيلي إلى القمر في رحلة ستستغرق شهرين.

وستحاول المركبة المعروفة باسم "بيرشيت" الهبوط على سطح القمر، والتقاط بعض الصور، وإجراء بعض التجارب.

وهي مهمة صعبة، لم يستطع إنجازها من قبل سوى وكالات الفضاء الحكومية في الولايات المتحدة وروسيا والصين.

وتأمل شركة "سبيس إل" SpaceIL غير الربحية، عبر تمويل هذا المشروع، في أن تتمكن مركبة "بيرشيت" من إلهام جهات أخرى في نفس المضمار.

وقال المؤسس المشارك لـ سبيس إل، يوناتان واينتروب، لـ بي بي سي: "في نفس اللحظة التي كان فيها صاروخ فالكون 9 يخترق الفضاء، بزغ القمر في كيب كانافيرال - وهو ما أعتقد أنه أعطى مغزى رمزيا للرحلة الأولى التي يقطعها صاروخ إسرائيلي للقمر".

كيف تدشن هذا المشروع؟

خرجت مركبة "بيرشيت" من رحم جائزة غوغل "لونار إكس برايز" Google Lunar XPRIZE التي قدمت حوافز تمويلية عام 2007 لأي فريق ممول من جهة غير حكومية يتمكن من إحراز هبوط على سطح القمر.

ولم تتمكن أي من الفِرق التي التحقت بالمنافسة من تحقيق أهدافها، وسُحِب العرض المادي للجائزة، لكن العديد من المشاركين تعهدوا بمواصلة العمل على أفكارهم، وبينهم شركة "سبيس إل".
ماذا ستفعل مركبة "بيرشيت" على سطح القمر؟

إذا استطاعت مركبة "بيرشيت"، التي تبلغ تكلفتها 100 مليون دولار أمريكي، أن تهبط بسلام، فستلتقط صورا لإرسالها إلى الأرض ثم ستُجري بعض التجارب المغناطيسية. وتستهدف المركبة الهبوط في منطقة سهول حِممية يطلق عليها اسم "بحر الصفاء" Mare Serenitatis، حيث توجد بعض الظواهر المغناطيسية الغريبة.

وسيُجري جهاز قياس القوة المغناطيسية المُحمّل على الروبوت بعض القياسات، ولن يجري ذلك في موقع واحد فقط، لأن بيرشيت ستنتقل إلى موقع جديد بعد ساعات من الهبوط.

ويرأس البروفيسور عُدِيد أهارونسون، من معهد وايزمان للعلوم، فريق بيرشيت العلمي.

ولا يُنتج القمر مجالا مغناطيسيا عالميا، لكن توجد على سطحه بعض المناطق أو الصخور تمتلك قوة مغناطيسية بدرجات متفاوتة.

وأوضح أهارونسون "إذا استطعنا قياس مغناطيسية هذه الصخور، سيكون في إمكاننا فَهم كيف ومتى نشأت تلك المغناطيسية".

وأضاف واينتروب: "لدينا أيضا جهاز آخر بالتعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، وهو جهاز عاكس (يعكس الضوء على مصدره) وسينضم هذا الجهاز إلى عدد من الأجهزة العاكسة الشبيهة التي وضعتها رحلات أبولو الفضائية على القمر من قبل، وسيُستخدم ذلك لأغراض قياس أبعاد وديناميات قمرية".

ما الدور البريطاني؟

من المخطط لمركبة بيرشيت أن تواصل العمل لنحو يومين على سطح القمر.

وسيعتمد نجاح المهمة، في جانب كبير منه، على محرك "ليروس" الذي أنتجته شركة الفضاء البريطانية.

ليروس أو هذا النوع من وحدات القوى، والذي طورته شركة "نامو" في منطقة ويسكت بمقاطعة باكنغهامشير، عادة ما يوجد مشتعلا فوق سواتل الاتصالات التي تدور في مدار ثابت بالنسبة للأرض وهي ترفع نفسها إلى الجزء الصحيح من السماء فوق الأرض بعد السقوط من رأس الصاروخ القمري.

لكن مهندسي شركة نامو أدخلوا تحديثات على المحرك ليروس بحيث يتناسب مع مركبة بيرشيت، فقاموا بتقصير فوّهته وزادوا قوة دفعه.

وسيتولى المحرك ليروس مهمة دفع الروبوت إلى القمر من الأرض، والعمل على ضمان دخول المركبة إلى مدار قمري، ثم الهبوط بالمسبار برفق على السطح. كما سيساعد المحرك ليروس في مهمة التنقل 500 متر في منطقة بحر الصفاء.

ويقول روب ويستكات، قائد الفريق المكلف بدفع الروبوت فريق القوى الدافعة بشركة نامو، إن أحد أهم ما يتميز به المحرك ليروس هو قدرته على عمل ما يمكن تسميته "بدايات ساخنة جديدة".

ويشرح ويستكات: "عادة، عندما يستخدم أشخاص محركاتنا فإنهم يشغلونها ثم يتركونها تعمل لمدة ساعات قبل أن يوقفوها لفترة قد تطول لأيام بل وحتى لأسابيع".

ويضيف: "وهذا يعطي المحرك وقتا كافيا حتى يبرد. وفي هذه الحال، أرادت شركة (سبيس إل) أن تشغل المحرك، وأن توقفه، وتُشّغله من جديد في غضون بضعة ثواني بينما يكون لا يزال ساخنا. هم يريدون ذلك من أجل الهبوط ومراحل التنقل".

ماذا عن المستقبل؟

أيا كان ما يحدث، ستهبط مركبة بيرشيت، في مهمة تراقبها عن كثب مركبات فضاء قمرية أخرى ممولة من جهات خاصة وتتأهب لتحذو حذو بيرشيت.

وعقدت وكالات فضاء أمريكية وأوروبية العزم على استخدام مركبات تجارية لإرسال بعض حمولاتها العلمية إلى القمر.