غوايدو لا يستبعد الخيار العسكري

تخشى الأسرة الدولية كارثة إنسانية في فنزويلا، البلد الذي كان أغني دول أميركا اللاتينية، وبات اليوم يعاني تضخماً هائلاً، بلغ نسبة 10 ملايين في المائة في 2019، ونقصاً حاداً في المواد الغذائية والأدوية، مع تصاعد الأزمة السياسية بين أطراف النزاع فيه، ودخول عدة أطراف دولية، خصوصاً الولايات المتحدة وروسيا، على خط الأزمة.

وأسفرت المظاهرات التي تنظمها المعارضة عن سقوط ما لا يقل عن 35 قتيلاً حتى الآن، بحسب تعداد منظمات غير حكومية، فيما أبدى البابا فرنسيس مخاوف من حصول «حمام دم».

ويحظى مادورو بدعم روسيا والصين وكوريا الشمالية وتركيا وكوبا.

ونددت موسكو وبكين، الثلاثاء، بالعقوبات الأميركية الجديدة على فنزويلا، في إطار تضييق الخناق على الرئيس الفنزويلي، وذلك عشية مظاهرات جديدة دعا إليها المعارض خوان غوايدو. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف: «تعتبر السلطات الشرعية في فنزويلا هذه العقوبات غير قانونية، ونحن ننضم تماماً إلى وجهة النظر هذه»، متهماً واشنطن بـ«تدخل صارخ»، وأضاف: «سندافع عن مصالحنا في إطار القانون الدولي، عبر استخدام كل الآليات التي في متناولنا»، علماً بأن روسيا تستثمر مليارات الدولارات في قطاعي المحروقات والأسلحة في فنزويلا. بدورها، أكدت الصين «رفضها العقوبات الأحادية»، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، غينغ شوانغ، الذي اعتبر أن هذه العقوبات «ستؤدي إلى تدهور حياة سكان فنزويلا، و(من فرضها) سيكون مسؤولاً عن تداعيات خطيرة». وإضافة إلى بكين وموسكو، لا يزال مادورو يتلقى دعم كوريا الشمالية وتركيا وكوبا.

غير أن أصواتاً متزايدة ترتفع تأييداً لخوان غوايدو، ولا سيما في أوروبا، حيث أمهلت 6 دول (هي إسبانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والبرتغال وهولندا) الرئيس الاشتراكي حتى الأحد للدعوة إلى انتخابات، وإلا فسوف تعترف بخصمه رئيساً. وقال زعيم المعارضة الفنزويلية، في مقابلة بثتها شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية أمس (الثلاثاء)، إن بإمكان المعارضة إنجاز انتقال سلمي للسلطة بمعزل عن الرئيس نيكولاس مادورو، وإجراء انتخابات حرة في نهاية المطاف.

وقال في المقابلة التي أجرتها معه الشبكة باللغة الإسبانية، وترجمتها إلى الإنجليزية: «نحن على يقين بأنه بوسعنا إنجاز انتقال سلمي... انتقال وانتخابات حرة في نهاية المطاف»، وأضاف، كما نقلت عنه «رويترز»، أنه تحدث إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب عدة مرات. وعندما سألته الشبكة عن الخيارات العسكرية المحتملة في فنزويلا، قال إن كل الخيارات مطروحة.

وذكر روبرت كلوفيل، المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أمس (الثلاثاء)، أنه من المعتقد أن ما لا يقل عن 40 شخصاً قتلوا في أعمال العنف بفنزويلا، بينهم 26 قُتلوا برصاص قوات موالية للحكومة، و5 في مداهمات للمنازل، و11 خلال أعمال نهب. وأضاف أن السلطات الفنزويلية اعتقلت أكثر من 850 شخصاً بين 21 و26 يناير (كانون الثاني)، منهم 77 طفلاً لا يتجاوز سن بعضهم 12 عاماً. وجرى اعتقال 696 شخصاً في 23 يناير في أنحاء البلاد، في أكبر عدد من الأشخاص الذين يتم احتجازهم في يوم واحد في فنزويلا منذ 20 عاماً.

وبدأت بعض الانشقاقات بالظهور، مع إعلان الملحق العسكري الفنزويلي في واشنطن، الكولونيل خوسيه لويس سيلفا، السبت، تأييده لغوايدو. ولا يزال مادورو متمسكاً بموقفه، فقد رفض مهلة الأوروبيين، واتهم الولايات المتحدة بأنها تعمل في الكواليس بهدف الإطاحة به. وكتب، الثلاثاء، على «تويتر»: «على المعارضة أن تتجاهل الدعوات الإمبريالية (الولايات المتحدة) التي تهدف إلى التسبب بمواجهة بين الإخوة». ويعود المأزق السياسي في فنزويلا إلى نهاية 2015، حين فازت المعارضة في الانتخابات التشريعية، حاصدة الغالبية في البرلمان. ورد مادورو بتشكيل جمعية تأسيسية، تتألف من أنصار له حصراً، قامت بمصادرة القسم الأكبر من صلاحيات النواب. وردت المعارضة بمقاطعة الانتخابات الرئاسية في مايو (أيار) 2018، وهي تطعن في فوز مادورو الذي يتهمه غوايدو بأنه «مغتصب» للسلطة. وفي مواجهة ما يعتبره فراغاً في السلطة، أعلن غوايدو نفسه رئيساً بالوكالة، فيما نددت الحكومة الاشتراكية بـ«انقلاب» دبرته واشنطن.

وفي خطاب وطني يتسم بالتحدي، اتهم الرئيس الفنزويلي الولايات المتحدة بمحاولة الاستيلاء على شركة «سيتغو بتروليوم»، ذراع التكرير الأميركية التابعة لشركة النفط المملوكة للدولة «بتروليوس دي فنزويلا (بي دي في إس إيه)». وكان مادورو يتحدث خلال احتفال للترحيب بدبلوماسيين فنزويليين استدعوا من واشنطن بعد قرار فنزويلا قطع علاقتها مع الولايات المتحدة، إثر اعتراف الأخيرة بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً بالوكالة، وفرض عقوبات صارمة على فنزويلا. وتأمل إدارة ترمب بأن تضغط العقوبات على الرئيس نيكولاس مادورو كي يتنحى، ويسمح لزعيم المعارضة خوان غوايدو الذي أعلن نفسه رئيساً مؤقتاً للبلاد بالدعوة إلى إجراء انتخابات.