تقرير أممي: الحوثيون يحولون المساعدات الإنسانية على نطاق واسع لتمويل مجهودهم الحربي

يدق تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة الأخير عن اليمن ناقوس الخطر من جديد حول التهديدات المحتملة على حل النزاع على المدى القريب وتحقيق الاستقرار. بالإضافة إلى التشكيك في تماسك القوات الحكومية وقوات المتمردين، فإنه يقدم تفاصيل دقيقة حول تنامي اقتصاد حرب قوي، يشبه المافيا، ما يخلق عقبات للسلام من قبل الطرفين.

الافتقار إلى التماسك

يتألف الفريق من خبراء مستقلين يتمتعون بمعرفة متخصصة، ويقدم تقييماً سنوياً لمجلس الأمن بشأن تنفيذ العقوبات وحظر الأسلحة المفروض على اليمن على النحو المحدد في قراري مجلس الأمن 2140 (2014) و 2216 (2015).

يرسم التقرير الذي يقع في حوالى 300 صفحة صورة قاتمة، تسترعي الانتباه بشكل خاص إلى عدم التماسك الذي يجعل من الصعب على هادي أو الحوثيين الانتصار بشكل حاسم، ناهيك عن الانتقال إلى مرحلة بناء السلام.

من جهة، لا تستطيع حكومة هادي أن تمارس السلطة على المناطق التي تدعي أنها تسيطر عليها، وقد ساهم عدم دفع الرواتب المتكرر في سخط القوات، وهي تواجه معارضة شديدة وغالباً عنيفة من قبل بعض القوى الجنوبية.

على الجانب الآخر، تعتبر قوات الحوثي جماعة غير مترابطة. يشير التقرير إلى وجود مؤشرات على أن الحوثيين أصبحوا أقل شمولاً على المستوى السياسي في صفوف قيادتهم - وهي حقيقة من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم عدم تماسكهم.

في الواقع، يشير التقرير إلى أن الحوثيين "يواجهون مستويات متزايدة قليلاً من المعارضة" من القبائل الكبرى وعلى مستوى الشارع.

اقتصاد الحرب والفساد

إلى جانب انعدام التماسك، أدت عوامل مختلفة مزعزعة للاستقرار في اليمن إلى تطوير اقتصاد حرب كبير. وبالتاكيد، فإن أولئك الذين يستفيدون من هذا الاقتصاد هم أقل ميلا بكثير لتسهيل عمليات السلام، ويمكن أن يعملوا كمفسدين إذا ما شعروا بأن مصالحهم مهددة. وتشمل هذه العناصر العديد من أصحاب المصلحة المهمين في الشمال والجنوب، وبعضها له دور في الهياكل الحوثية أو حكومة هادي.

على سبيل المثال، لتمويل مجهودهم الحربي، يعتمد الحوثيون على الأجور ورسوم الجمارك في صنعاء التي اعتادت الحكومة جمعها. ووفقاً لتقرير الفريق العام الماضي، بلغ إجمالي هذه الإيرادات 407 مليارات ريال يمني (1.6 مليار دولار) على الأقل. وعلاوة على ذلك، فإنهم يجمعون ضرائب وجمارك الاستيراد في موانئ الحديدة والصليف، وعند نقطة تفتيش (نقطة جمركية) في محافظة ذمار تمر خلالها جميع واردات البلاد تقريبًا، حتى تلك التي تأتي من نقاط الدخول غير الخاضعة للسيطرة الحوثية.

كما يشير التقرير إلى أن الحوثيين يحصلون على مبالغ كبيرة بفرض ضرائب على النفط الذي تبرعت به إيران - ربما عشرات الملايين من الدولارات في الشهر. يتم استيراد النفط من خلال الحديدة بالأوراق المزورة التي تشير إلى وجود منشأ في عمان، على الرغم من أن الأصل الحقيقي هو إيران. وهذا يسمح لسفن النفط الهروب من عمليات التفتيش التي يقوم بها التحالف أو الأمم المتحدة في البحر.

ويحقق التقرير أيضاً في اتهامين آخرين ضد الحوثيين: أولاً، أنهم يعملون على تحويل المساعدات الإنسانية على نطاق واسع إلى تمويل مجهودهم الحربي، كما تم الاشتباه في قيامهم مؤخراً في الحديدة. وثانياً، يفتعل الحوثيون أزمة في الوقود ليتمكنوا من بيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وتشير أصابع الاتهام إلى قيادات احتكارية مقربة من القيادي الحوثي الكبير محمد علي الحوثي.

كما يتهم التقرير الحوثيين بالقصف العشوائي، والهجمات على القوافل الإنسانية، واستخدام الألغام الأرضية بكثافة، والتعذيب أثناء الاحتجاز، وغيرها من الانتهاكات.

كما أشار التقرير إلى بعض جوانب الفساد في حكومة هادي ومنها:

- القيام بسرقات ضخمة وتهريب النفط الخام في محافظة مأرب.

- تحويل الأموال العامة إلى مجموعة العيسي، وهي شركة نقل للوقود، ويقال إن مالكها أحمد العيسي، مستشار للرئيس هادي.

- استحداث آلية استيراد أعطت الأفضلية "لدائرة أعمال صغيرة قريبة من كبار المسؤولين الحكوميين" تسهم في حدوث انتهاكات للقانون الإنساني.

- الفساد المحتمل في القوات المسلحة اليمنية بما يتعلق بالإمدادات الغذائية.

معهد واشنطن