تحذيرات دولية من "غدر" الحوثيين في الحديدة

رأى خبراء دوليون وصحف غربية أن الانتهاكات الحوثية المتواصلة في اليمن، التي تتزامن مع انطلاق الجنرال باتريك بتنفيذ بنود اتفاقيات ستوكهولم وقرار مجلس الأمن الدولي بشأن الحديدة، تنم بشكل واضح عن عدم قدرة المجموعة على الانسلاخ عن راعيها الأوحد - النظام الإيراني.

وفي هذا السياق، حذرت مجلة "ذا ترامبيت" الأمريكية، في تقرير حديث لها، من غدر الحوثيين -ذراع ايران- في الحديدة، واستغلالهم وقف إطلاق النار في مدينة وموانئ الحديدة لمواصلة أعمالهم الخبيثة.

وقالت المجلة، رغم أن اليمنيين يتشبثون بأي أمل لإنهاء الحرب في بلادهم، لكن ما يثير القلق هو سجل إيران التاريخي وأذرعها -الحوثيون- في استغلال وقفات إطلاق النار لمواصلة أعمالها الخبيثة في مناطق النزاع من وراء الستار.

ورغم أن بنود الاتفاق تنص على تسليم الحديدة لسيطرة الأمم المتحدة، ما يعني أن المليشيا ستفقد السيطرة على الميناء الاستراتيجي، لكن المجلة الأمريكية ترى أن الانتصار الحقيقي لإيران هو في ترسيخ عملائها الحوثيين في اليمن وخاصة في المناطق الشمالية حيث العاصمة صنعاء.

وتذكر المجلة الأمريكية بسيناريو مماثل حدث في سوريا، عندما دعت الأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار، وخلال تلك الفترة، استغل بشار الأسد وروسيا وإيران الهدنة وحصنت مواقعها. كما ذكرت المجلة في سيناريو آخر مماثل تماماً ولكن في لبنان، عندما عززت إيران قوة جماعة حزب الله في أعقاب اتفاق أممي، إلى أن أصبحت هذه الجماعة أقوى وأعتى من الجيش اللبناني نفسه.

وحذرت مجلة "ذا ترامبيت" الأمريكية، من أن هذا السيناريو قد يتكرر فعلاً في اليمن لو استمرت الشروط العامة لوقف إطلاق النار على ما هي عليه الآن، ومما لا شك أن ذراع إيران ستعمل على ترسيخ نفسها في البلاد.

مشيرة إلى النفوذ الإيراني المتنامي في الشرق الأوسط عبر استراتيجية تتمثل في تعيين وكلاء لطهران في كل بلد.

وقد كتبت "ستراتفور" عن هذا النفوذ بالقول إن "طهران قوة صاعدة تعمل على ملء فراغ السلطة في بلدان عدة، عبر شبكة وكلاء محليين ونشطاء سريين، واليمن بالتأكيد واحدة من تلك البلدان الرئيسة في العالم".

وحول اتفاق السويد الذي قضى بانسحاب مليشيا الحوثي من مدينة وموانئ الحديدة قال بروس ريدل، مستشار سابق لأربعة رؤساء أمريكيين وحالياً مدير معهد بروكينغز الأمريكي لـ"وكالة خبر"، إن الأمم المتحدة تستغرق وقتاً طويلاً للغاية للتمكن من فرض وجود قوي لها على الأرض في الحديدة.

وأكد أن هذا التأخير يقوض بالفعل الالتزامات التي تم التوصل إليها في السويد.

وعن موقف المليشيا من الاتفاق وجديتهم بتنفيذه أجاب المسؤول الأمريكي على سؤال محرر وكالة "خبر" للشؤون الخارجية بالقول، لا أدري ما سيفعله الحوثيون. ولكنني أجزم أنه ليس في صالحهم رفض الانسحاب كما هو متفق عليه. وأشك بأن للمجتمع الدولي تأثيراً كبيراً عليهم لتنفيذ بنود الاتفاق.

وأكد ريدل وهو ضابط استخبارات أمريكي سابق، أن مليشيا الحوثي تتلقى النصائح والمشورات من النظام الإيراني فيما يخص الحرب التي فرضتها في اليمن، وأن الإيرانيين لديهم مصلحة في إبقاء الحرب إلى ما لا نهاية، خاصة والسعودية مشاركة فيها.

من جهته قال مايكل هورتن، كبير خبراء مؤسسة جيمس تاون الأمريكية وخبير بشأن اليمن، لا أعتقد أن الحوثيين لديهم أي نية للتخلي عن الحديدة دون اتفاق أوسع.

وأضاف في تصريح خاص لـ"وكالة خبر"، أشك في أن الأمم المتحدة ستفعل أي شيء رداً على ذلك، وليس بالكثير الذي يمكنها فعله حقاً.

من جانبه، قال الخبير البريطاني نورمان رولي إن حقيقة الدعم الإيراني الهائل للحوثيين تحتم على المجتمع الدولي عدم السماح للمجموعة بتولي أي دور في مستقبل اليمن، لأن مناصب الحوثيين ستكون فعليا في خدمة صناع القرار في طهران.

وأبدى رولي في مقاله بموقع "ريآكشن لايف" البريطاني، تشاؤمه إزاء محادثات السويد بشأن اليمن بسبب ما وصفه "التبعية الحوثية لأجندة إيران".

وقالت جولي لينارز، مديرة مركز "أبحاث الأمن البشري" في لندن في مقال لها بمجلة "ذا بارلمانت" البريطانية، إن تنفيذ اتفاقية السويد بالكامل، من شأنه أن يساعد في التخفيف من الأزمة الإنسانية المدمرة في اليمن، ويمهد الطريق لسلام عن طريق التفاوض، لكن التحدي القائم الآن يتمثل في التزام ذراع إيران -مليشيا الحوثي- ببنود الاتفاق.

وتشير لينارز أنه في حال حدث العكس، فلكم أن تنتظروا البديل، وهو "حزب الله" في اليمن وشبه الجزيرة العربية يطيل من أمد الصراع ويزعزع من استقرار المنطقة، حيث طبقت إيران "نموذج حزب الله" بنجاح في جميع أنحاء المنطقة بجهد متضافر لزعزعة استقرار الشرق الأوسط.

واعتبرت لينارز أن تحرير أولئك الذين يعيشون تحت حكم الحوثي القمعي والذين يعانون من تداعيات إنسانية مأساوية، يجب أن يبقى الهدف الرئيس.

فمنذ بداية الحرب، انتهج الحوثيون تكتيكات تحاكي تلك التي ينتهجها "حزب الله" تماماً، على حساب الشعب اليمني، وبثوا أفكارهم وسمومهم الطائفية بين أوساط السكان المدنيين، وزرعوا الخوف بقمعهم في المجتمع بأكمله بشكل أكثر تعمدا. ليس ذلك فحسب، بل أصبحت الدروع البشرية سمة مأساوية في نهجهم، حيث تحدثت تقارير في وقت سابق من هذا العام عن أنهم كانوا "يعسكرون المستشفيات". وللأسف رأينا حزب الله في لبنان يتبنى نفس التكتيك عدة مرات.

ومع التوصل إلى وقف هش لإطلاق النار، شددت الخبيرة البريطانية من أن على الأمم المتحدة ضمان حصول تعاون حوثي كامل وشفاف، ما لم فستكون النتيجة الحتمية هي المخاطرة بترسيخ "حزب الله جنوبي" بشكل دائم في شبه الجزيرة العربية، من شأنه زعزعة استقرار المنطقة بأسرها. وبالتالي لن يكون من مصلحة اليمن على أي حال السماح للحوثي بالاستمرار في السيطرة على مساحات شاسعة من أراضي البلاد.

وختمت لينارز بالقول: "بإمكان اليمن في حال صار موالياً لإيران ومسلحاً بشكل جيد أن يعقد بشكل كبير صراعاً إقليمياً تصفه الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم. ولذلك يجب وقف نموذج "حزب الله" في اليمن بأي ثمن، قبل أن تتمكن إيران من إقامة دولة داخل الدولة وتحقيق مزيد من مغامرات طهران الخارجية تحت ستار الحكم".

في السياق أكد معهد واشنطن لدراسات سياسة الشرق الأدنى أن الأدلة المقنعة المقدمة إلى الأمم المتحدة تشير إلى أن الحوثيين ينتهكون بشكل صارخ قرار الأمم المتحدة رقم 2451 واتفاقية استكهولم واتفاقها الخاص بالحديدة. ووفقاً لمطالب التحالف المدعومة بأدلة واضحة، كان هناك العديد من انتهاكات الحوثي في ​​1 يناير وفي 22 ديسمبر، و7 أضعاف عدد الإصابات الناجمة بهجمات الحوثيين منذ بدأ العام الجديد 2019.

واعتبر المعهد الامريكي، انتهاكات المتمردين بانه استهتار متعجرف للقرار رقم 2451 وينبع على الأرجح من حقيقة أن المجتمع الدولي والكونجرس الأمريكي قد تجاهلوا أو غضوا الطرف عن انتهاكات الحوثيين، في حين حملوا التحالف والقوات اليمنية. يبدو أن الأيام الأولى لوقف إطلاق النار تظهر أن هذا المعيار المزدوج ضار بآفاق السلام، وأنه في حين يمكن الثقة في التحالف والقوات اليمنية المشتركة للحفاظ على وقف إطلاق النار، يبدو أن الحوثيين لا يمكن الوثوق بهم.